الفكر التكفيري وما شغله من مساحات واسعة في الاعلام، هو مسعى مبتذل محصن بمحتواه الآثم، ويرى السيد المؤلف في مقدمته أن بلادنا بلاد الأنبياء والرسل والأئمة الكرام منها رفعوا مشعل الخير، دخل الناس في الدين الإسلامي أفواجاً أفواجاً، ومضت السنون والازمان، وانفرط عقد الوطن حتى تقطعت اوصاله، تفرق الى ممالك او ولايات ومشايخ وامارات، وهبت على بعض منها ريح الحرية المعلبة والديمقراطية المستوردة لتقوم النظم الجمهورية، ولو مس الاركان الثقافية الأخلاقية والسياسية، لكانت داعش شكلا جديدا من العدمية يبحث لنفسه عن شرعية الإرهاب، وهذا الامر ينحصر في موقف التخلي المنهجي عن إنسانية الدين ووحدة المسلمين، وأصبحت الأفق الضيقة منهجاً لقطع الرؤوس وتفجير قبور الأنبياء والاوصياء والصالحين، وتهديم الجوامع والكنائس وتهديم الاثار وسبي النساء وبيع الحرائر في سوق النخاسة بأبخس الأثمان، وراهنت على بعثها الأنظمة السياسية خارج حدود الوطنية، وارادوا تقسيم البلد الى أقاليم، وقد راهن جميعهم على ورقة الطائفية التي بها تنتفخ جيوبهم من السحت الحرام، نخب تحزبية جعلت نفسها في حل من المصالح والآمال الوطنية، وسعت لإسقاط الموصل، تحت ظل الوطنية المزيفة، وأصبحت بعض مدن العراق ملاذاً لمن باعوا الوطن، لا علاقة لها من قريب او بعيد بالأخلاق الإسلامية والإنسانية والتي كانت محوراً ساخناً في زمن الإصدار؛ كونه كان معاصرا للأحداث فقد اعطى السيد المؤلف بعض الملاحظات المهمة والتي شملت:
أولاً: الجانب التعبوي، والاستجابة الجماهيرية لنداء الفتوى المباركة، بعيداً عن التكتلات الحزبية والطائفية والقومية والفئوية، واستدعاء الرتب العسكرية ممن احيلوا على التقاعد مع مراعاة الميول والاتجاهات، وإعادة الخدمة الإلزامية ولو سنتين، ويجب الإسراع بتشكيل الجيش الرديف.
ثانياً: الجانب الثقافي نشر الوعي الديني بين صفوف المواطنين، وبث الروح الوطنية (العراق وطن الجميع ومعيار المفاضلة هو الإخلاص له).
ثالثاً الجانب الإعلامي: لابد أن يكون موجهاً قريباً من الواقع ينقل الحقائق ليكشف بؤر الزيف الإعلامي المغرض، وأن يحض في المقام الأول على المفهوم الوطني وروحية الشعب وتسليط الضوء على مظلومية الشعب العراقي ، وكشف التباطؤ الأمريكي للإيفاء بالتزاماته إزاء العراق، ومحاولة جذب الرأي الدولي الأوربي للحد من تسرب الأسلحة لهؤلاء الارهابيين.
رابعاً: وأد الاشاعة، ويعني بث الوعي الوطني الذي يحصن الناس عن الاشاعة، والتي تعمل على اثارة الشك وزعزعة الثقة.
خامساً: أهل الحل والعقد من رجال الدين والمشايخ والوجهاء والساسة الشرفاء من اجل التحاور والتشاور وتقريب وجهات النظر.
سادساً: الرقعة الجغرافية لابد من إعادة النظر بغية السيطرة عليها أمنياً وادارياً، فالمساحة الكلية لمحافظة الأنبار مثلاً ثلث مساحة العراق تقريباً، توسعت في زمن الطغاة لأسباب طائفية لا تخدم أحداً، فلابد أن تناط المهام الأمنية في قضاء النخيب وناحية الرحالة الى القوات الأمنية ومن يساندها الى كربلاء.
سابعاً: المعدات العسكرية للمتطوعين، وتأمين طرق ايصالهم الى وجهاتهم المختلفة.
ثامناً: المحتكرون: يجب الضرب بيد من حديد على كل المحتكرين.
تاسعاً تشخيص الغرباء ومعرفة الساكنين الجدد في جميع الأحياء والأماكن.
عاشراً: الحراسات الليلة.
والحادي عشر: التكافل الاجتماعي.
والثاني عشر: تخزين المواد، والكثير من الأمور المهمة التي لابد مراعاتها مثل: الجانب الصحي والاقتداء بسيرة الرسول الكريم (ص)، وموازنة اعداد المقاتلين وانشاء قوة لحفظ المقدسات، والآثار والسدود ومصادر الطاقة الكهربائية والمنشآت النفطية والمراكز الحدودية، والنظر للحقوق والواجبات والبضائع المستوردة والفساد الإداري.
وسعي الكتابة الى تقويم يقظة الشعب وامتاز عهد فتوى المرجعية المقدسة بوعي وطني وسياسي، فكانت الاستجابة الجماهيرية التي كشفت للعالم ان الارهابيين يستهدفون السيطرة على كامل العراق والتحدي الذي وفر حافزا للمزيد من التضحيات واظهرت الفتوى ان على القيادات السياسية المطالبة بتوحيد موقفها وكلمتها ودعمها واسنادها للقوات المسلحة ودفاع الأبناء في القوات المسلحة وسائر الأجهزة دفاعا مقدسا.
وبينت الفتوى طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه، وهذا الدفاع واجب، ونجد أن الكثير من الضباط والجنود قد أبلوا بلاء حسناً في الدفاع والصمود وتقديم التضحيات، المطلوب من الجهات المعنية تكريم هؤلاء تكريماً خاصاً لينالوا استحقاقهم.
وركز الكاتب السيد زهير العلوي على دور النخب المثقفة وما لها من دور فاعل في الاسهام بمعالجة الظروف من منتديات ثقافية ورجال فكر ودين وأطباء استشعارا منهم بخطورة المرحلة ووجوب التحضير.
كتاب سعى الى مرتكزات الوعي وتحصين الدور الذي لعبته الفتوى المقدسة، وتوثيق العهد الوطني بجميع مميزاته الوطنية والإنسانية.