اول امرٍ يَتراوَدُ أِلى أذهانِنا هيَ أَلسيدةُ زَينَبٌ سَلامُ رَبي عَليها, وَمَواقِفَها أَلبُطُوليةِ, هذهِ أَلعَظيمةُ أَلَتي كانت مِثالاً لِلمَرأَةِ أَلمُؤمِنةِ بَعْدَ أُمِها فاطِمَةُ أَلزَهراءِ (عليها السلام), فَكَيفَ لا تَكونُ كَذلِكَ! وَهيَ أَلمَرأَةُ أَلَتي كانَ جَدُها رَسُولُ اَللهِ (صلى الله عليه وآلهِ وَسَلَمَ), وَتَرَبتْ في بَيتِ أِمامٍ مَعصومٍ, أَبوها عَليُ أِبنَ أَبي طالِبٍ, وَأُمَها ألطاهِرةَ فاطمةُ الزهراء, وَاِخوَتُها أَلمَعصومِينَ الحسن والحسين (عليهم السلام), تَبَيَنتْ تِلكَ أَلنَشأَةُ في رِحلَةِ أَلسَبيِّ وَما جَرى فِيها مِن أَحداثٍ, فَرَأَتْ أِخوَتَها, وَأَبنائِها مُضَرَجينَ بِدِمائِهم, مُثخَنينَ بِالطَعَناتِ, وَحَوافِرِ أَلخيولِ أَلتي فَرَت أَشلائِهمُ حَتى لا تَكادُ تَمَيّزُ بَينَ جَسَدٍ وَآخرٍ .
فَعِندَما نَأتي أِلى حَقيقَةِ قَلبِ أَلمَرأةِ عِندَ فَقدِها لِأَحدِ أَلاَشخاصِ أَلمُقَرَبينَ مِنها تَتَأثرُ أَياماً, شُهوراً, وَقَد تَصِلُ أَلمُدةُ أِلى سَنَواتٍ, لِأَنَ قَلبَ أَلمَرأةِ مَعروُفٌ بِالضَعفِ, وَأَلمَشاعرِ أَلجَياشةِ أَمامَ أَغْلَبِ أَلمَواقفِ, أِلا أِنَّ أَلحَوراءِ زَينبٌ وَقَفت شَامِخَةً رافِعَةً جَسَدَ أَلمَولى (سَلامُ رَبي عَليه) قائِلةً : فَخُذْ حَتى تَرَضى, وَما رَأَيتُ أِلا جَميلاً.
أي أِنَها تَرى كُلَ ما حَصَلَ هوَّ في سَبِيلِ اَلله, مُسلِمَةً أَمَرها أِلى أَلعَليِّ أَلقَديرِ, وَتَتَكفَلُ طيلَ تِلكَ أَلرِحلَةِ بِبَناتِ أَلاِمامِ أَلمَعصومِ, وَنِسائِهِ, وَحَرائِرِهِ, وَهيَّ كانتْ كَالأَسَدِ أَلجَريحِ, يُعينَها في تِلكَ أَلرِحلةِ أِبْنَ أَخيها أَلحُسينِ, أَلأِمامِ أَلسَجادِ (ع), فَأِذا كانتْ تَميلُ كَأنَّ أَلعاَلمُ كُلَهُ يَميلُ مَعَها مِنْ صَبّرِها, تَرى أِنَّ أَلقافِلَةَ يُسَّيرُها أَعداءُ أَهلِ أَلبَيَتِ, وَقاتليّ أَهَلَها, وَيَضرِبونَ بِالسياطِ على مِتونِهم, وَهيَّ في كُلِ ذلِكَ تَرّعى وَتَحّمي أَلهاشِمياتِ, حَتى بَعّدَ وِصولِها أِلى قَصرِ يَزيدٍ أِلى أَلشامِ تَتَوآلى عَلَيها أَلآلآمُ, وَتَفقِدُ عَزيزَةَ أَلحُسينِ رُقَيَةٌ (ع), وَتَقِفُ في قَصرِ يَزيدٍ, وَكُلُ مَنْ كانَ مَوجُوداً مِنَّ أَلناسِ أَلصالِحِ وَأَلسَيءِ مِنْهُم, لَمْ يَكُن أَحَدٌ مِنّهُمُ يَتَجَرأُ لِيُسكِتَ يَزيدَ عَلى تِلكَ أَلفاجِعَةِ أَلأليمَةِ أَلتي أَحَدثَها بِآلِ بَيتِ أَلنَبيِّ مُحَمَدٍ (صَلى اَللهُ عَلىهِ وَآلهِ وَسَلَمَ), وَلكن أَلسَيدَةُ زَينَبٌ (ع) ما لَبِثّت حَتى نَطَقَت بِلِسانِ أَبيها عَليٍ (ع), وَشَجاعَةِ أَخيها أَلحُسينِ (ع), فَأَثبَتت لِلتارِيخِ بِأَنَّ يَزيدٌ كانَّ قَد أِرتَكَبَ أَفضَعَ, وَأَشنَعَ أَلمآسي ِبآلِ بَيتِ أَلرِسالَةِ, وَهَتَكَ حُرمَةَ بَناتِ أَلنَبيِّ وَسِتَرَ أَلهاشِمياتِ, حَتى أِنتَهت تِلكَ أَلرِحلَةُ بِالعَودَةِ أِلى كَربَلاءَ مَرَةً أُخرى لِتُجَدِدَ أَلاَلَمَ مِنْ بَعدِ شَوقٍ وَفِراقٍ ..
وَلكن بأي حَالٍ يُعادونَّ أِلى تِلكَ أَلارضُ أَلتي دَفَنوا فِيها فَلِذاتِ أَكبادِهم وَأَحِبائِهم!
أَيَعودونَّ مِنْ بَعدِ ما شُرِدوا, وسلبوا, واسروا!, أَنْ تَعُودَ زَينَبٌ (ع) حاملةً صَبرَها وَما جَرى مِنَّ أَلمآسيَ
لِتَقِفَ شامِخَةً, وَهيَّ بِروحِها أَشّدَ أَلعالَمينَ أِنجِراحَاً, في بَعضِ أَلرواياتِ يَذكَرُ أَنَها كانت تَحمِلُ مَعَها حِينَ عَودَتِها رَأسَ أَخيها أَلحُسينَ (ع), هَذا أَلمَوقِفُ عِندَما نُحيطُهُ بِتَفكيرِنا, يُمكن أَنْ نَرى هَولَ ما مَرت بِهِ وَكَيّفَ أِنَها كانت تَحمِلُ رَأسَ حَبيبِها وَأَخيها أَلحُسينَ!, فَأِلى رُوحِها وَصَبرِها كُلَ ألسَلامِ ..