بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى
﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾1.
لم يقتصر الإسلام في دعوته الحنيفة على التركيز على المضمون، بل اهتمّ أيضًا بالشكل ولياقاته، ومن هذه اللياقات ما يتعلّق بلقاء المؤمن بالناس، فدعا المؤمنين أن يسعَوا ليكونوا في تآلف وتوادّ مع الناس، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "المؤمن مألوف، ولا خير فيمن لا يألف، ولا يؤلف"2. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أحسِن خُلقك مع أهلك، وجيرانك، ومن تعاشر وتصاحب من الناس"3.
ودعا الإسلام إلى حسن الأداء الاجتماعيّ بالفعل واللفظ. فعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "ثلاث يصفيّن ودَّ المرء لأخيه المسلم: يلقاه بالبشر إذا لقيه، ويوسع له في المجلس إذا جلس إليه، ويدعوه بأحبّ الأسماء إليه"4.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه"5.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "وتبسُّم الرجل في وجه أخيه حسنة"6.
السلام
وجعل من اللياقات الأساسيّة للقاء المسلم أن يسلِّم عليه، فعن أبي عبد الله عليه السلام: "للمسلم على أخيه المسلم من الحقّ أن يسلِّم عليه إذا لقيه"7.
وأكَّد الإمام الصادق عليه السلام أن يكون أول الكلام في اللقاء هو السلام، فعنه عليه السلام: "السلام قبل الكلام"8، كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: "ابدؤوا بالسلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام قبل السلام، فلا تجيبوه"9.
والسلام هو دعاء أن يكون الآخر في سلم وسلامة في دينه ودنياه.
كيفيّة السلام
ذكرت بعض الروايات أنّ أداء السلام واكب الإنسان منذ وجوده، فقد ورد: "أنَّ الله قال لآدم: انطلق إلى هؤلاء الملأ من الملائكة فقل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فسلَّم عليهم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فلمَّا رجع إلى ربّه عزّ وجلّ قال له ربُّه تبارك وتعالى: هذه تحيّتك وتحيّة ذريّتك من بعدك فيما بينهم إلى يوم القيامة"10.
من هنا كانت عبارة "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" هي الصيغة الرسميّة للسلام، وهذا ما يدخل في إطار اهتمام الإسلام بالشكليَّات، إضافة إلى المضمون الذي هو الأصل. لذا فإنَّ القرآن الكريم أدّب المسلمين بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾11. وسبب هذا النهي هو أنَّ "راعِنا" هو قول يدخل في الشكليَّات المعتمدة عند اليهود، قال تعالى: ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾12.
إذاً صيغة السلام في شريعة الله تعالى، هي: "السلام عليكم"، وهي صيغة يجب ردّها حتّى في الصلاة.
نعم، لم يمانع الإسلام من أنواع أخرى لصيغ التحايا فيما لا يحمل ثقافة الآخر، فعن الإمام الصادق: "إنّ المؤمن إذا لقى أخاه المؤمن، فقال له: مرحبً، يُكتب له مرحبًا إلى يوم القيامة"13.
من فوائد السلام
1- إضفاء المحبّة بين المؤمنين
عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أفلا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله وسلم: أفشوا السلام بينكم"14
2- إضفاء روحيّة التواضع
عن الإمام الصادق عليه السلام: "من التواضع أن تسلّم على من لقيت"15.
3- زيادة الحسنات
عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "سلّم على من لقيت، يزد الله في حسناتك"16.
من آداب السلام
1-الابتعاد عن الفرز الطبقيّ
عن الإمام الرضا عليه السلام: "من لقى فقيرًا مسلمًا، فسلّم عليه خلاف سلامه على الغنيّ لقى الله عزّ وجلّ يوم القيامة، وهو عليه غضبان"17.
2- المبادرة بالتسليم
عن الإمام عليّ عليه السلام: "السلام سبعون حسنة، تسعة وستون للمبتدىء، وواحد للرادّ"18، وورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ المؤمن ليمرّ بالمؤمنين، فيسلِّم عليهم فتردّ الملائكة: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته"19.
3- المصافحة مع التسليم
عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا تلاقيتم، فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار"20.
وقد أكَّد أهل البيت عليهم السلام أنّ للمصافحة آثارًا إيجابيّة، منها إزالة العلائق القلبيّة السلبيّة تجاه المؤمنين، ففي الرواية "تصافحو، فإنّ المصافحة تذهب بالشحناء"21، وفي رواية أخرى: "تصافحوا يذهب الغلّ عن قلوبكم"22.
* كتاب كيف نتواصل مع الناس؟، سماحة الشيخ أكرم بركات.
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى
﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾1.
لم يقتصر الإسلام في دعوته الحنيفة على التركيز على المضمون، بل اهتمّ أيضًا بالشكل ولياقاته، ومن هذه اللياقات ما يتعلّق بلقاء المؤمن بالناس، فدعا المؤمنين أن يسعَوا ليكونوا في تآلف وتوادّ مع الناس، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "المؤمن مألوف، ولا خير فيمن لا يألف، ولا يؤلف"2. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أحسِن خُلقك مع أهلك، وجيرانك، ومن تعاشر وتصاحب من الناس"3.
ودعا الإسلام إلى حسن الأداء الاجتماعيّ بالفعل واللفظ. فعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "ثلاث يصفيّن ودَّ المرء لأخيه المسلم: يلقاه بالبشر إذا لقيه، ويوسع له في المجلس إذا جلس إليه، ويدعوه بأحبّ الأسماء إليه"4.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه"5.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "وتبسُّم الرجل في وجه أخيه حسنة"6.
السلام
وجعل من اللياقات الأساسيّة للقاء المسلم أن يسلِّم عليه، فعن أبي عبد الله عليه السلام: "للمسلم على أخيه المسلم من الحقّ أن يسلِّم عليه إذا لقيه"7.
وأكَّد الإمام الصادق عليه السلام أن يكون أول الكلام في اللقاء هو السلام، فعنه عليه السلام: "السلام قبل الكلام"8، كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: "ابدؤوا بالسلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام قبل السلام، فلا تجيبوه"9.
والسلام هو دعاء أن يكون الآخر في سلم وسلامة في دينه ودنياه.
كيفيّة السلام
ذكرت بعض الروايات أنّ أداء السلام واكب الإنسان منذ وجوده، فقد ورد: "أنَّ الله قال لآدم: انطلق إلى هؤلاء الملأ من الملائكة فقل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فسلَّم عليهم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فلمَّا رجع إلى ربّه عزّ وجلّ قال له ربُّه تبارك وتعالى: هذه تحيّتك وتحيّة ذريّتك من بعدك فيما بينهم إلى يوم القيامة"10.
من هنا كانت عبارة "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" هي الصيغة الرسميّة للسلام، وهذا ما يدخل في إطار اهتمام الإسلام بالشكليَّات، إضافة إلى المضمون الذي هو الأصل. لذا فإنَّ القرآن الكريم أدّب المسلمين بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾11. وسبب هذا النهي هو أنَّ "راعِنا" هو قول يدخل في الشكليَّات المعتمدة عند اليهود، قال تعالى: ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾12.
إذاً صيغة السلام في شريعة الله تعالى، هي: "السلام عليكم"، وهي صيغة يجب ردّها حتّى في الصلاة.
نعم، لم يمانع الإسلام من أنواع أخرى لصيغ التحايا فيما لا يحمل ثقافة الآخر، فعن الإمام الصادق: "إنّ المؤمن إذا لقى أخاه المؤمن، فقال له: مرحبً، يُكتب له مرحبًا إلى يوم القيامة"13.
من فوائد السلام
1- إضفاء المحبّة بين المؤمنين
عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أفلا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله وسلم: أفشوا السلام بينكم"14
2- إضفاء روحيّة التواضع
عن الإمام الصادق عليه السلام: "من التواضع أن تسلّم على من لقيت"15.
3- زيادة الحسنات
عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "سلّم على من لقيت، يزد الله في حسناتك"16.
من آداب السلام
1-الابتعاد عن الفرز الطبقيّ
عن الإمام الرضا عليه السلام: "من لقى فقيرًا مسلمًا، فسلّم عليه خلاف سلامه على الغنيّ لقى الله عزّ وجلّ يوم القيامة، وهو عليه غضبان"17.
2- المبادرة بالتسليم
عن الإمام عليّ عليه السلام: "السلام سبعون حسنة، تسعة وستون للمبتدىء، وواحد للرادّ"18، وورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ المؤمن ليمرّ بالمؤمنين، فيسلِّم عليهم فتردّ الملائكة: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته"19.
3- المصافحة مع التسليم
عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا تلاقيتم، فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار"20.
وقد أكَّد أهل البيت عليهم السلام أنّ للمصافحة آثارًا إيجابيّة، منها إزالة العلائق القلبيّة السلبيّة تجاه المؤمنين، ففي الرواية "تصافحو، فإنّ المصافحة تذهب بالشحناء"21، وفي رواية أخرى: "تصافحوا يذهب الغلّ عن قلوبكم"22.
* كتاب كيف نتواصل مع الناس؟، سماحة الشيخ أكرم بركات.
1- سورة النساء، الآية 86.
2- الكلينيّ، محمّد، الكافي، ج2، ص 102.
3- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج74، ص 67.
4- الكلينيّ، محمّد، الكافي، ج2، ص 643.
5- ابن أبي طالب، الإمام عليّّ، نهج البلاغة، ج4، ص 78.
6- الكلينيّ، محمّد، الكافي، ج2، ص 188.
7- المصدر السابق، ص 171.
8- البروجرديّ، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص 228.
9- المصدر السابق، ص 644.
10- الحر العامليّ، محمّد حسن، وسائل الشيعة،ج12، ص 67.
11- سورة البقرة، الآية 104.
12- سورة النساء، الآية 46.
13- الحر العامليّ، محمّد حسن، وسائل الشيعة، ج12، ص 232.
14- السبحانيّ، جعفر، في ظل أصول الإسلام، (لا،ط)، قم، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام، 1410هـ، ص 19.
15- الكلينيّ، محمّد، الكافي، ج2، ص 646.
16- المفيد، الأمالي، تحقيق حسين الأستاد ولي وعليّ أكبر الغفاريّ، ط2، بيروت، دار المفيد، 1414ه، ص 60.
17- الحرّ العامليّ، محمّد حسن، وسائل الشيعة،ج12، ص 64.
18- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج73، ص 11.
19- المصدر السابق، ص 6.
20- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج73، ص 5.
21- الهنديّ، علاء الدين، كنز العمّال، ج9، ص 134.
22- السيوطي، جلال الدين، الجامع الصغير، ط1، بيروت، دار الفكر، 1401ه، ج1، ص 507.
2- الكلينيّ، محمّد، الكافي، ج2، ص 102.
3- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج74، ص 67.
4- الكلينيّ، محمّد، الكافي، ج2، ص 643.
5- ابن أبي طالب، الإمام عليّّ، نهج البلاغة، ج4، ص 78.
6- الكلينيّ، محمّد، الكافي، ج2، ص 188.
7- المصدر السابق، ص 171.
8- البروجرديّ، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص 228.
9- المصدر السابق، ص 644.
10- الحر العامليّ، محمّد حسن، وسائل الشيعة،ج12، ص 67.
11- سورة البقرة، الآية 104.
12- سورة النساء، الآية 46.
13- الحر العامليّ، محمّد حسن، وسائل الشيعة، ج12، ص 232.
14- السبحانيّ، جعفر، في ظل أصول الإسلام، (لا،ط)، قم، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام، 1410هـ، ص 19.
15- الكلينيّ، محمّد، الكافي، ج2، ص 646.
16- المفيد، الأمالي، تحقيق حسين الأستاد ولي وعليّ أكبر الغفاريّ، ط2، بيروت، دار المفيد، 1414ه، ص 60.
17- الحرّ العامليّ، محمّد حسن، وسائل الشيعة،ج12، ص 64.
18- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج73، ص 11.
19- المصدر السابق، ص 6.
20- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج73، ص 5.
21- الهنديّ، علاء الدين، كنز العمّال، ج9، ص 134.
22- السيوطي، جلال الدين، الجامع الصغير، ط1، بيروت، دار الفكر، 1401ه، ج1، ص 507.