عنوان البحث / وصايا المرجعية الدينية العليا للمقاتلين/ قراءة وتحليل
الباحثة / الدكتورة
من بحوث مؤتمر فتوى الدفاع المقدسة الثاني
البحث في مكنون وصايا المرجعية يأخذنا لمحوريين الاول هو ماضي المرجعية ومواقفها التاريخية وارتباطاتها بالمنهج الرسالي وابراز معالم الهوية ، وما يرتبط بجوهر الوصايا كجوهر ثقافي فكري والمحور الثاني هو قراءة الواقع عبر الوصايا واكتشاف الرؤية المعبرة عن مضمونها وقراءة افكار تلك المضامين ورؤية المستقبل عبر مخاضاتها ، ينظر البحث إلى إن عدل الله ورحمته تشفع بالرشاد في أمور الدين والدنيا في عصر غيبة ولي الله وحجته ، ولهذا جعل للناس مرجعية دينية يرجعون لها في أمور دينهم ليستمر حفظ الشريعة والحفاظ على مقوماتها ، تتبلور عملية الوصايا في معنى الاستجابة الجماهيرية لها ، لكي تكون مؤثرة ، تشرف على صياغة المعنى العام للأمة ، وهذه لا يمكن لها أن تتم إلا بتوقير شروط محكمة يضعها أئمة أهل البيت عليهم السلام ، ولا يمكن لأي شخص أو جهة أن تتصدى لتلك المهام لحفظ شؤون البلاد والعباد في زمن غياب إمامهم عنهم ، المرجعية لها شأن كبير في رعاية الأمة والأخذ بيدها إلى بر الأمان ، بعد البحث في شؤون فتوى الدفاع المقدسة فصول إجرائية لمجموعة من المفاهيم السلوكية المرتبطة بوحي الوجدان ألولائي لأئمة أهل البيت عليهم السلام ، ، ومن الطبيعي ان يكون لها دور كبير في مرونة القتال، وان كان دفاعا عن الأمة ،وهذا هو معنى رعاية الأمة في زمن الغيبة بمعنى إنها رؤية الأئمة عليهم السلام في تأسيس هذه الرعاية ، فتوى الدفاع المقدسة تجسد الهوية المؤمنة الساعية لحفظ البلاد والعباد من براثن العبث ألناصبي بكل أنواعه ، فكانت الفتوى توفيق من الله سبحانه تعالى وشغف الإنسان إلى الاحتفاظ بمزاياه الإنسانية قربة لوجه الله ، وحنينه إلى الاستقلالية والآمان ، استطاعت الفتوى المباركة أن تستلهم خصائص فكر أهل العصمة عليهم السلام ، الثوابت التي بنيت عليها الأفكار الأساسية لمنهجية الفتوى ، والموقع الذي تشغله المرجعية هوقيادة المجتمع ، إلى حين ظهور القائد الموعود للخير والامآن ، المرجعية كانت للنبي محمد صلى الله عليه وآله ومن بعده الأئمة الاثني عشر ولا يمكن أن يتركوا الأمة دون قيادة وإرشاد ، وكان اهتمامهم تعمير الصلة مع شيعتهم ، والمرجعية كيان فقهي قادر على فهم الحياة السياسية والدينية بروح القيادة ، بقراءة الغد الذي سترسمه للآمة ، ولا يجوز التخلف عنه ومخالفته علينا نحن أن نفهم معنى وجود المرجعية وهل هو مختص بالهوية المذهبية ، أم يتجاوز هذه الحدود الضيقة ليتوسم فيه قيم الأئمة عليهم السلام الذين استقام الدين بهم ، يبنى شمولية تخدم الجميع في أطر قانونية شرعية وقواعد للناس ليسيروا عليها ولكي يحصلوا على الإرشادات الصائبة فجعلوا لهم وكلاء ، والمرجعية في أصلها تحمل المعنى الشمولي لمرجعية الأمة ،هذه الرؤى ليس بمعنى الأثر الذي رسمته غيبة الأئمة عليهم السلام، أولا مشقة وصول جميع الناس إلى الإمام في تلك الأزمنة والقلق على حياة الناس من الأنظمة التي سعت إلى محاصرة التواصل مع الأئمة عليهم السلام ، لذلك ارجعوا شيعتهم إلى العلماء ورواة الأحاديث في أزمنتهم ، وهناك الكثير من الشخصيات التي وضعها أئمة أهل البيت عليهم السلام ترتبط بمنجز تأسيس الصوت المرجعي ، والحكم المرجعي لتنهض المرجعية بتحقيق العدل والسلام يقول الإمام الصادق عليه السلام ،( إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا عليه ،أي إن تأسيس المرجع بان ترشيح واختيار الرجل المناسب ضمن اختيار الناس ( انظروا ) والإمام الحجة عليه السلام يقول ( الحوادث الواقعة ارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فأنهم حجتي عليكم وانأ حجة الله عليهم ، لو أردنا تفسير معنى انظروا أو أرجعوا إليهم هذا يعني معنى النظر والرجوع والتمثيل الأسمى لدور الأئمة معناه الرعاية والكفالة والتي لا تقتصر على التعليم فقط ،بل تتعداه إلى الحفاظ والحماية والدفاع عنهم ، لو تأملنا في جوهر الوصايا كمعطى واقعي مرتبط بمفهوم أهل البيت عليهم السلام وشكل تعالقات مع اغلب سمات المكون لفكر العصمة نتأمل في كتاب تولية العهد الذي عهد إليه فيها المأمون العباسي كتب عليه شروط ان لا اسفك دما حراما والا أبيح فرجا ولا مالا إلا ما سفكته حدود الله ، وإباحته فرائضه ، وان أتخير الكفاءة جهدي وطاقتي ، وجعلت بذلك على نفسي عهد مؤكد يسألني الله عنه فانه سبحانه تعالى يقول ( واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا ) لو نتأمل في المضمون ودلالاته ،
التي تشغل على الواقع الآتي كرد لسلطة
ومن ثم جعله مضبطة أخلاقية تعمل لخلق نظام ملتزم يعبر عن مكانة المرجع نحن لا نمتلك اليوم إمام معصوم لكننا نمتلك ظل معصوم يعمل بمنهجية أهل البيت عليهم السلام فأوامر النبي صلى الله عليه واله وسلم ونواهيه ثابتة لا تتغير وان تغير المسؤول لا تغلوا / ولا تغدروا / ولا تقتلوا شيخا فانيا ، ولا صبيا ولا امرأة ، ولا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها فالرسول صلى الله عليه واله وسلم يركز على مضمون داخلي هو قاعدة تكوين الجهاد ، أولا أن يكون باسم الله سبحانه تعالى ومع الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله في تفسير الفيض الكاشاني قدس سره لا تغلوا الغلول الخيانة لا تخونوا وتمثلوا قطع إذن او الأنف ، وعلى ان لا تكون الوصايا ردات فعل تتبع مخاضات كل حدث وإنما هي فعل أنساني إبداعي يلخص فكرة القداسة في الأرض والضوابط التي تخضع لها الوصايا هي أيضا وصايا ربانية ،وما أعظم الخطيئة في قتل النفوس البريئة، تتجلى في الوصايا المفاهيم التي تترجم لنا سيرة الأئمة عليهم السلام ، في عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الاشتر (إِيَّاكَ وَالدِّمَاءَ وَسَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى لِنِقْمَةٍ، وَلاَ أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ، وَلاَ أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَةٍ، وَانْقِطَاعِ مُدَّةٍ، مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا.)مسار الوصايا ترجع كل تصور عام إلى مرجعية الانتماء والارتباط بوصايا أهل البيت عليهم السلام ( اياك والدماء وسفكها بغير حلها ) التفكير المعرفي الوجداني في هذه الوصايا تأخذنا الا ما يمثل الواقع والواقع التاريخي واستخراج الاستنتاجات التفاعلية ،أي عدم استخدام القدرة والسلطة على للتجبر على عباد الله
الوصايا شأنها شأن الحكمة التي هي مستخلص التجربة الإنسانية ، يقول الإمام علي عليه السلام ( لاتقوين سلطانك بسفك دم حرام ) وجاء في نص نصائح المرجعية عدم المبادرة أي الابتداء بالقتال أو الرمي وجاء في نص نصائح المرجعية عدم المبادرة بالابتداء بالقتال أو الرمي الذي لا يؤدي إلى الهلاك ، وفي خطاب أمير المؤمنين مع الخوارج ، لا نمنعكم مساجد الله ولا نمنعكم الفيء ولا يبدؤكم بقتال وقال عليه السلام ( ان سكتوا أعذرناهم ) وكان الحسين عليه السلام قد منع زهير بن القين أن يبدأهم بقتال ، والمضمون الذي دلت عليه النصائح الموجهة من المرجعية الدينية إلى المقاتلين مسعى لحفظ الوحدة الوطنية ، فجاء في البند السادس ( الله الله في اتهام الناس في دينهم نكاية بهم واستباحة لحرماتهم ، كما وضع فيه الخوارج ، كان الإمام علي عليه السلام يمنع تكفير العدو لم ينسب أحدا إلى الشرك ولا إلى النفاق ، ( إخواننا بغوا علينا ) ما بين نصائح المرجع السيد السيستاني دام عزه الوارف وبين ما ورد في التاريخ وكانها تضمين لمسار أمير المؤمنين عليه السلام ، كانت محاور النصائح توصي بعدم إطلاق الأحكام وعدم تكفير الآخرين، ومن النصائح عدم التعرض لغير المسلمين أيا كان دينه ومذهبه ، فأنهم في كنف المسلمين ، ولا يسمح للمسلم ،انتهاك حرمات غير المسلمين واغلب هذه النصائح تدور في محور دعم الحرية والحفاظ على الحرمة ومثل هذه النصائح والوصايا تربط المقاتل بأواصر دينه ، وتخلق له عالما من الاستقرار النفسي فمن المعلوم إن تركيز أمير المؤمنين على الصلاة حتى في الحرب والحسين عليه السلام شهر الصلاة وهو في القتال معناه ان الأئمة عليهم السلام قاتلوا من أجل الصلاة ، فكانت وصية المرجعية ان الصلاة لا تسقط في الحرب ، أعلنت المرجعية المباركة لإدامة التواصل الأخلاقي باعتباره أحد الأسلحة المعنوية ولم تغفل المرجعية في أدق التفاصيل بما يظهر الأخلاق الإيمانية لدى المقاتلين والتي هي شعلة ايمانية قد تؤثر في وجدان العدو ، ما أكدت عليه المرجعية ان الهدف ليس الابادة وإنما الحفاظ على البلاد ، وهذا هو نهج الأئمة عليهم السلام وهو نهج الصواب ولم يثبت إلا من تمسك بنهج الأئمة عليهم السلام أخذ برأي المرجعية الدينية الرشيدة