الأحلام قادرة أحيانا على جلب الشهرة، وخاصة حين تكون الحياة بسيطة وتعيش وسط المجتمعات المتآلفة لكل انسان في هذه المدينة يعرف (آيدن)، ولابد أن حلم آيدن قد استوقفه والذي هو ملخص أمانيه، والذي لخص فيها كل مساعي حياته أن يبني ولعائلته بيتاً،.
كان يقول عند العاصفة: لا ينفع الانسان سوى الملجأ الذي يأويه، كان معظم الناس يردوون مقولته المشهورة بين ناسه وأهل؛ لكونه يكررها دائماً: (البيت وطن).
يحتويني السؤال وأنا أقف أمام باب البيت ليحدثني أصدقاؤه عن الحلم الذي كان يسعده، بقدر ما كان يؤذيه، كان حلمه ثرثاراً لا يسكت فيه، ومن الأمور الممتعة أن تراه وحيداً وهو يحلم، كان يحلم ببناء البيت، البعض يتساءل لِمَ لا يملك (آيدن) بيتاً..؟ كان يجيبهم: الفقر ليس عيبا، لكن الجميع يعرف روحه المثابرة في العمل، وكان معروفاً بطيبته ومرحه وشعبيته وحسن المعاملة مع الجميع، وكاد يصل الى تحقيق أمنيته، لولا سعي الجناة باحتلال العراق.
تغيرت سماته، فصار يتحدث بلهجة الواثقين بالثورة والانتفاضة، وبمؤازرة الفتوى العظيمة ورفض السكوت على تجاوزات الدواعش التي أهانت الإنسانية والوطن، ربما البعض يتساءل في مجالسه: هل سكت حلم آيدن، أم اصبح يفكر في مساحة أبعد..؟ وكانت تصله مثل هذه التساؤلات، فيجيب: ما نفع البيت والوطن غير آمن..!
الكثير من الأصدقاء فاجأهم هذا الوعي، وأصبح مثلاً لكل حديث، ومحفزاً للجميع على النهوض بمسؤوليته اتجاه القضية الأهم (الوطن في خطر)، صار يلهج نهاره وليله بهذه الجملة المرعبة (الوطن في خطر)، ويتابع اخبار النازحين والمذابح التي تحدث هنا وهناك، ما عاد احد يسمعه يتحدث عن البيت او بناء البيت، كان يؤلمه حين يرى أصدقاء الحشد يلتحقون وهو باقي وفيهم من احباب الحشد أخوه لا يريد ان يبقى وحيداً، كان يقول لأخيه: خذني معك لنبني الوطن لنعمره بالأمان.
واحد يسأل أخاه: من أين لآيدن هذا الكلام الكبير..؟ كان الجميع يحترم هيبة أحلامه التي تنامت وتحولت من بناء بيت الى التفكير الجاد لبناء الوطن، وهو لا يتردد أن يشيع كلماته بكل ضمير حي، لا يمكن لهذا الوضع ان يبعثر احلامنا حتى لو تاه البعض منا لحين، يشهد اقرانه في القتال أن آيدن خليل كان يجعلهم يبتسمون في احرج المواقف، هذا المرح كان يسميه (رزق الهي)، ويقول: ان روح المرح هبة من الله تعالى والابتسامة رزق، وايام المواجهات الطويلة التي تحتاج الى صبر وسهر ويقظة كان هذا الرجل لا يعرف النوم، ولا يجيد الا الحكايات الطريفة الظريفة التي تبعد عن الانسان القلق، وتجعله ينصهر في بوتقة الحياة، يصف بعض المقربين من اللقاء الأخير انه استشهد وهو يبتسم ويقول: الان ستعرفون عنوان بيتي، وصار الكل يعرف (آيدن) ويعرف عنوان بيته..!