تشكل الشخصية عنصرا هاما في بناء الرواية ، وهي العصب الحساس في تكوينها ، وهناك روايات كثيرة تلعب الشخصية الدور الرئيسي في عناصرها ، وقد تكون حقيقية أو تكون شخوص متخيلة ، وفي رواية صدى الأرواح للكاتبة رزنة صالح ( تكشف شخوصها عن خبايا الأشياء ، معظم شخوصها جمادات وأرواح وجن وموتى وشهداء لتعبر من خلالها على معتقدات تحملها ، معظمها بعيد عن الحياة لكنها تعبر عن واقع الحياة كما ترى ، فهي تعبر عن واقع الحرمان والفقد وانتماءات الموت والرحمة ، شخصيات المقبرة وما تضج بها من أرواح شخوص من الخيال وضعت لها ملامح حياتية معبرة عن غايات والدوافع والوسائل لتعبر من خلالها على العواطف والأفكار ، ساعية إلى تغريب الشخصية لتعطي الدهشة للمتلقي فهي تعرض صفات وسمات الشخصيات الغريبة التي تكشف هويتها من خلال الحوار ، مرتكزة على الشخصية الرئيسية هي الأخ الشهيد والبحث عن شاهدة تحمل اسمه ، تلتقي إثناء عملية البحث بشخصيات غريبة لترسخهم في ذهنية المتلقي ، شخصيات غريبة تكون من بيئة المقبرة ، شخوص تشخصنها وتأنسنها مثل بوابة المقبرة تقول في محاورتها :ـ انا بوابة المقبرة التي تبحثين عنها / باب اعتلاها الصدأ وأهترأت أجزاؤها بسبب عويل الأحبة ونحيب المودعين وأهات الحاضرين ، إصابتها الحرقة والكبد وصدعت مفاصلها ، والمعروف أن الشخصيات هي التي تصنع الأحداث ، منها مبتكرة ومتخيلة مهمتها تقديم وجهة نظر ومن إحدى شخصياتها ( الكفن ) يقول في حواره :ـ إني أتمزق في كل مرة أكون فيها ستر لجسد وكذلك شخصية التابوت
:ـ لم أشعر بالفجع أنا مطار، وشخصية قطرات الماء
:ـ لا استطيع البوح ولكن انظري إلى مدامعي لهذا أصبحت محاطة بندبات حمراء بسبب الدموع ، وشخصية الستائر التي تقدم لنا نفسها :ـ أنا ضحية جدران الحنين ، ومثل هذه الشخصيات الثانوية المتخيلة فرضت حبكة تساهم في تبني أسلوب الانسنة وفي تعميق وترسيخ الأحداث لبناء التصور الذي يبلور عملية الخلق الفني ـ أي المحور المرسوم في ذهنية الكاتبة ، ميزة شخصياتها أنها تبرق للتوهج ولتوضح أمرا ما ،جميع شخوصها ترسم لوحة واحدة هي يقينية الموت وصرامة الحزن ، انها لسان حالنا وأفكارنا بما فيها الشخصيات المؤنسنة هي حبيسة أفكار الكاتبة ، بينما نجد شخصية رجل المقبرة رجل كبير السن يمتلك عينين كبيرتين محاطتين بهالات سوداء وتجاعيد تملأ وجنتيه وخصلات بيضاء قد تمردت على سواد شعره الحالك ، يمتلك يدين تغزوهما الأوردة الكثيرة وكأنها خالية من العظام ، يرتدي زيا قديما وكأنه من عهد الفراعنة القديم ، هو أبن القبور ، رجل فقد عائلته اثر حادث جعله يترك الدنيا و يسكن المقابر ، وتقديم الرواية لشخصيات كثيرة يحسب لها ومن عوامل نجاحها كونها تشكل علامة مميزة لأتساع خبرة الكاتبة وتتنوع شخصياتها المؤنسنة والإنسانية التي دائما تعبر عن ذكرى إنسان وكل شخصية لها دلالتها في الرواية ، الرمال التي تقول
:ـ أنا التي أصبح صدري حضنا يحتوي جميع البشر ، نجد ان مجموع الشخصيات تعني مكونات العالم الغيبي أي بمعنى نتاج تأليف وفكرة مرسومة في ذهنية الكاتبة الرمال تقول :ـ أن الغني يتوسد أحشائي كما يتوسدها الفقير ، أغنياء القبور يختلفون عن أغنياء الدنيا ، رأس مال رواية( صدى الارواح ) هو البعد المرسوم للشخصيات المتخيلة الجمادات والاوادم بما يمتلكون من حراك خارج إطار الحياة ، حياة ما بعد الموت لتكون جميع الشخصيات عبارة عن رؤى دلالية ، أحدى الشخصيات فتاة في ريعان الصبا تصف بشرتها مصفرة اللون شحبت عينيها من سقي دموعها المالحة ، تقول
:ـ لم يتركوني أستريح ، قطع نحيبهم نياط خافقي ، يضنون أنهم يقدمون الرثاء بل الحقيقة هم يمزقوني ، دموع والدتي وشقيقاتي أتعبتني كثيرا ،علي حسين الخباز, [٢٩/١٠/٢٠٢١ ٠٢:٠٤ ص]
الشخصيات هي مكامن إسقاط رؤى الكاتبة وقدمت شخصيات باعتبارها نماذج فاعلة ، معنى أنساني مثل شخصية الشهيد الذي يرى إن ساحة الحرب ظالمة كالفقر والجوع حين يعتري بطون الأطفال في فصل الشتاء ،ويسلبهم ما تبقى من السلام ، أما حكاية الشهيد فهي حكاية حياة :ـ( نهضت الى صلاة الفجر شعرت أنها صلاتي الأخيرة / صلاة مودع وأني أؤدي عهدي الأخير ، ربي اقبلني بروحي ، وتلك الروح تحن للعودة اليك تقبلها قبولا حسنا واجعلها من عبادك الصالحين ، معظم شخصيات صدى الأرواح هي معاني وأفكار متمثلة بمجموعة قيم إنسانية تمنحها الحياة ، ونتعرف على خطيبة الشهيد وما تعانيه من الم ، في هذه الرواية أصبحت الشخصيات وإحداثها عبارة عن قصص قصيرة جدا تعد روافد للرواية ،عبر لقاءات الكاتبة في جولتها داخل المقبرة بتلك الشخصيات بما تمتلك من عواطف وعقد وأحزان ، التقت في جولتها بشاب يروي لها قصة موته وعن أخته التؤم التي مازالت تبحث عن قبره ويقول :ـ (المشكلة أنها لم تصدق موتي ، حيث كانت خارج البلاد )، الشخصيات هي التي تولد الأحداث ، عالم المقبرة عالم يتسع لجميعها،، تستطيع من خلال الرواية أن تقف وتتأمل مرتكزين من مرتكزات النص / الاول أنها تعتمد على الشخص في بعضها شخصياتها أي الإنسان الحقيقي في عالم الإحياء ، وتسعى الى أنسنة المقبرة والرمال وقطرات الماء والكثير من الشخصيات التي ملأت جسد الرواية ، ابتكرتها المؤلفة من أجل أداء ادوار مختلفة ترسم عوالم رؤيتها ، والشخصيات الحقيقية تمثل شخصيات من لحم ودم تكوّن بؤرة الإدراك ،
المرتكز الثاني المظلومية والانتقام ، فتاة عمرها 18 انتحرت نتيجة جريمة اغتصاب تعرضت لها من قبل أربعة أوغاد أبناء الأثرياء ، روح جوليا تنتقم ضد كل من اعمي عين القانون بنفوذه ، وشخصية نجيب اتهم بسرقة مصرف القي القبض عليه لكنه العصابة التي دفعته إلى العمل هربت بالمال وتلقى وحده العقاب فراح ينتقم من أفراد العصابة وممن غض النظر عنهم ،، وشخصية غيداء وسعيد ، تقدم لخطبتها رفضوا أهلها لأن أهل سعيد رفضوا غيداء كونها من طبقة أدنى ، هربا ليتزوجا لغيداء اخ طاردهما ليلة العرس تعرضا لحادث أفقدهما حياتهما فهي تريد أن تنتقم تخرج روحها كل يوم لتطارد أخاها وأهلهما ، بعض الشخصيات الثانوية رغم أنها لاتحضى بالاهتمام الكبير لكنها تبقى عناصر هامة في الرواية مثل شخصية الجني هو ملك من ملوك الجن عشق إنسية تدهورت حالتها الصحية كونها أصيبت بمس منه ولم ينفع علاجها رمت نفسها من سطح الدار ، سكن مقبرتها ولا يستطع العيش دونها ، ومن مرتكزات التعامل مع الشخصيات عند رزنة صالح انها جعلت المحور الرئيسي هو الشهيد ( أمين صالح) الغائب الحاضر في جميع ثنايا الرواية ، صار هو روح الرواية ، لنصل إلى ذروة اللقاء
:ـ يا أخي لا ترحل توقف ودلني عليك
:ـ أنا بخير اخبريني عن حال أمي ؟ ، نحن لاننسى الوجع ، ل اننسى الاسى لكننا نعتاد عليه ،
قدمت لنا الكاتبة رواية جسدت من خلال تلك الشخصيات العالم بما تمتلك المقبرة من حياة
\&&&&