إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

زقزقة عصافير تراكيب الجمل الشعرية/1 منتهى محسن محمد علي حسين الخباز

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زقزقة عصافير تراكيب الجمل الشعرية/1 منتهى محسن محمد علي حسين الخباز


    صياغة الجملة الشعرية وتكثيفها الشعوري يعتمد على مخزونها الوجداني العميق، فهذه الجمل تُصاغ بعمق الشعور ورهافة السبك، هذا ما يجعل لبعض الجمل الشعرية جمالية، وأغلب تلك الجمل تشكيلية مبتكرة.
    قراءة في المجموعة القصصية (زقزقة عصافير) للكاتبة: منتهى محسن محمد تأخذنا الى عالم وجداني سعت إليه لتحقق عناصر الجمال، فهي لا تلتزم بقاموسها الحرفي، لكن القيمة الأسمى في تركيباتها وتعالقها مع مفردات أخرى تعمل على تحريك الطاقة الايحائية:
    (كانت تلتف في ذاكرتي الصور)
    الالتفاف حقق المعنى الايحائي الذي حول الاشتغال الى المنحى النفسي؛ ليحتوي انفعالات المضمون، وليساير التجربة الإبداعية، ولنتأمل في قولها:
    (أسافر على أجنحة الخيال)
    قد تلد مثل هذه التراكيب ضمن مسار التدوين العفوي عند الشباب، لكن عند الكتابة المحترفة تتمحور بشكل قصدي مدروس، فيصبح للخيال أجنحة، وهذه التراكيب تحتاج الى ثقافة عالية لتتوج الكاتبة تجربتها، تتألف هذه التركيبات لترفد النص بتراكيب ودلالات أفكار جذبت لها اللغة، ورصدت ما يبهر منه التي رأت للخيال أجنحة وللعمر خزانة (خزانة عمري)، وركزت على معنى (مركبة الحياة/ طابور الموت/ وتسمر النظرات/ عجلة الزمان/ حضن الحنان/ اخضرار الروح/ عقم الحديث/ وأب يكفكف أحزان أولاده)، لحظات حسية وتدفقات شعورية أعطت الروح الانسانية، إحساسات نابعة من يقظة الكلمات، تراكيب تعرفنا بحس الكاتبة وثقافتها وعي سردي، يشع بالوجدانيات نقرأ في جملها: (صورة عرشت في الذاكرة) وهي من غرائب الجملة الشعرية؛ لكونها نظاماً دلالياً يرمز الى بنية العمق النصي يساعدنا في قراءة النص، وتفكيك الجملة لقراءة المضمون القصدي: (يتطاير الفرح من فوهة الذاكرة).
    وتميزت نصوص الكاتبة (منتهى محسن) بكثرة استخدام تلك التراكيب لتصوغ لنا عواطف مشحونة بتراكيب منها: الصوري ومنها البلاغي لخلق العبارة المثيرة والجاذبة: (صدى كلماته البراقة)، نقرأ: (تتوقد بي جوارح تشعل بدواخلي العزم).
    تسهم هذه التراكيب بإغواء المتلقي، وتحمل أحلام الكاتبة (أفرغ ما في جعبتي من أفكار)، وكتبت (سعادة مفرطة نسجتها خيوط الرغبة) تجسد الوجدان عبر هذه الانزياحات الدلالية (دوت الغرفة بأصوات متنافرة)، أما في الدوي العادي، فالدوي للأصوات وليس للغرفة.
    غلبت على المجموعة هذه الجمل الشعرية التي تعرفنا بإمكانيات الكاتبة الذوقية، وامكاناتها المبدعة بجميع قدرات الشعر بأكثر لتشكيل الصور الفنية: (راح يرمي بصره بفراغات الليل) أو نجدها تعرف ببطل حكايتها، عبر جملة شعرية تقول فيها: (سرقته مخيلته).
    هناك تشخيص نقدي يرى أن الكتابة البارعة تشكل الكلمات تنسلها من نسيجها القديم لتخيطها في نسيج جديد، وبمعنى أن الجملة التركيبية ستشكل معناها للنص والمعالم تجدها تكتب بدقة: (عند حدود الصحراء المرتسمة في مرآة البيت المتصدعة)، هناك شحنات عاطفية ارتكزت عليها الكاتبة في تنامي احاسيسها (تذوب البراءة بأحضان الصغر).
    في قصص الكاتبة المحسن نجد أن لغتها تتنفس الإيحاء والايماء والمجاز والمكثف، مثل: (كان لوقع اقدامها على الرصيف الاسفلتي لغة تنقر بها هدوء الشارع)، لو تأملنا في انزياح اللغة لوجدانها، حركت عمق المعنى وأحرزت جمالية عالية في تعميق المضمون، استشهادات كثيرة تشهد على مقدرة بقاء هذا الصوت في ذهنية التلقي؛ لما تمتلك من جمل سردية باذخة الجمال: (وتكسر صمته المستل من خارطة الحي) أو لنتأمل جمالية هذه الجمل: (دغدغت قطرات المطر وجنتي)، صور شعرية امتلكت الحبكة والدلالة التأويلية المتدفقة تقول: (وفي خارطة الألم تذبح على حدود كل الأحلام المشرقة).
    من ضمن أسلوبية الكتابة عند هذه المبدعة هي استثمار اللغة المحكية وتحويلها الى شعرية عالية: (راح يلملم من بين الأنقاض بقايا أحلام الطفولة المذبوحة على أرصفة الطرقات).
    تتمتع الكاتبة المحسن بحيوية عالية، سنتابع المسارات الاسلوبية لهذه المجموعة في جزء آخر إن شاء الله.​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X