بسم الله الحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
نزول قوله تعالى: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ? لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ? مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ)(1).
وذلك أنه لما شاع ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم غدير خم في علي (عليه السلام) وطار في البلاد، وبلغ الحارث بن النعمان الفهري، أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ناقة له فنزل بالأبطح عن ناقته، وأناخها، فقال: ((يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلي خمساً، فقبلنا منك، وأمرتنا بالزكاة، فقبلنا منك، وأمرتنا أن نصوم شهراً، فقبلنا منك، وأمرتنا بالحج، فقبلنا منك، ثم لم ترضَ بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا، وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه. فهذا منك أم من الله؟
فقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله.
فولّى الحارث بن النعمان وهو يريد راحلته ويقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حق فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله تعالى بحجر، فسقط على هامته، وخرج من دبره، وأنزل الله (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ? لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ))).
ذكر ذلك جمع من علماء السنة منهم..
1 ـ جمال الدين محمد بن يوسف بن الحسن بن محمد الزرندي الحنفي المدني(2).
2 ـ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، المتوفى سنة (1294هـ)(3).
3 ـ محمد بن عبد الرؤوف المناوي، المتوفى (سنة 1331هـ)(4).
4 ـ علي بن برهان الدين الشافعي الحلبي(5).
5 ـ الحافظ الكبير عبيد الله بن عبد الله بن أحمد، المعروف بالحاكم الحسكاني(6).
6 ـ الخطيب الشربيني(7).
7 ـ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، المتوفى سنة (681هـ)(8). ولكنه عندما ذكر هذا الوجه قال: ((وقيل إن السائل هنا...)).
8 ـ قاضي القضاة الإمام أبو السعود محمد بن محمد العمادي، المتوفى سنة (951هـ)(9). وذكره أيضاً بتضعيف، كما سبق من القرطبي. وغيرهم
___________
1 ـ سورة المعارج الآية: 1 - 3.
2 - نظم درر السمطين ص:93، واللفظ له.
3- ينابيع المودة ج:2 ص:368 ـ 369.
4- فيض القدير شرح الجامع الصغير ج:6 ص:282 في شرح حديث من كنت مولاه فعلي مولاه رقم الحديث: (9000).
5- السيرة الحلبية ج:3 ص:308 ـ 309 في حجة الوداع.
6- شواهد التنزيل ج:2 ص:286 ـ 289 في قوله عز اسمه (سأل سائل ...) من سورة المعارج.
7- السراج المنير ج:4 ص:364 في تفسير الآية.
8- تفسير القرطبي ج:18 ص:278 ـ 279 في قوله عز اسمه (سأل سائل ...) من سورة المعارج.
9- تفسير أبي السعود ج:9 ص:29 في تفسير الآية من سورة المعارج.
أقول : هذا الأعرابي عجل الله له العذاب
بصاعقة قد شطرته ببعيره، وإذا بقول ربنا تعالى: (سَألَ سَائِلٌ بِعَذاب وَاقِع * لِلكَافِرينَ لَيسَ لَهُ دَافِعٌ)(1).
هذا العذاب الذي عجّل الله به لمن تمرّد على ولاية آل محمد تمرداً صريحاً ظاهراً.
وأمّا الذين تمرّدوا تمرّداً خفيّاً، فقد ادّخر لهم ليوم الحساب الذي تشخص فيه الأبصار، يوم تبلغ فيه القلوب الحناجر ؟ !
نعم قال تعالى
{ ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون . إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار . مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء . وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب . نجب دعوتك ونتبع الرسل . أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال . وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال . وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال . فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام . يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار . ليجزي الله كل نفس بما كسبت إن الله سريع الحساب .
تعليق