تويت
الخوف هو أحد المشاعر الأساسية الفطرية المغروزة في الطبيعة البشرية، لكن التطور والعصر الحديث جعلت الإنسان يكتسب مخاوف جديدة تختلف عن المخاوف السابقة التي كانت متمثلة بالظواهر الطبيعة الرعد، والعواصف والزلازل وغيرها أو نتيجة مشاهدة المفترسات والوحوش الضارية الوحوش التي تنقض على الاطفال والنساء والرجال، وأيضاً معتقدات الاشباح والأرواح والتي كانوا يتخيلونها بسبب الطبيعة العقلية التي كان يتمتع عليها أسلافنا.
أما مخاوف الإنسان الحديث باتت مستجدة وجديدة تتمثل في الكوارث الطبيعة، والحروب، والمجاعات والقتل والأبادة وغيرها بإضافة إلى ماانتجته الحضارة والتطور من أشياء تؤدي إلى الراحة ورفاهية إلا إنها صنعت مخاوف جديدة، فالكهرباء مفيدة لكنها قد تصعق وتميت، وكذلك الطيارة والسيارة مفيدتان لكنها توديان بحياة الانسان اذا سقطت الاولى وأرتمطت الثانية والمشكلة التي تجابه انسان العصر الحديث هي تراكم وترسيب المخاوف بداخلة دون تفريغ مما جعلته يخضع لمجوعة أكبر تتخذ اشكال من القلق.
والحقيقة ان قلق الإنسان وصناعة الخوف الحديث يرجع إلى مجموعة من الاسباب المعقدة والمتداخلة، فمخاوف الحديثة ليست فغالب من مصادر طبيعة مباشرة، بل هي مخاوف متضاربة نشأت وتوارثت فأصبحت متمثلة بمجوعة من القلق تداهم النفس البشرية.
فالطالب أو التلميذ لا يخاف من الوحش يهاجمه أو يفترسه بقدر ما يخاف من الفشل والرسوب في الامتحان الذي يتردى عليه ان يعيد الاختبار مرة أخرى، والموظف يخاف من الخطأ الذي يسبب له المشاكل في العمل وتوقعه العقوبة والجزاء وطردة من الوظيفة أو استقصائه، كذلك التاجر يخاف من الخسارة تلحق بتجارته فيخسر ماله فهذه صناعة العصر الحديث والتطور أو الاستحداث من خلال الوراثة أو النشوء والبيئة المحيطة به، وان اسباب الخوف الحديث تكشف حياة الإنسان الحديثة المتطورة وبما تخلقه له من مشاكل نفسية وضغوطات جديدة أضافت مخاوف جديدة إلى القديمة من جهة أخرى. ولا ننكر ان وسائل الحديثة مسلية ماهي إلا تخديرات مؤقته وضعيفة المفعول وقصيرة الأمد لتخفي القلق، ويتبدى القلق في أشكال متباينة ومتنوعة. فهو في بعض الأحيان يبدو في هيئة أمراض نفسية كالوسواس، والأعمال والقهرية، الخوف من الإصابة بالمكروبات، أو اشياء او حشرات بشكل مبالغ فيه، وبعض الاحيان يأخذ في شكل عدم الاتزان الحركي، أو الاحساس بضياع، والتشتت الفكري الذي لا يهدف إلى شيء.
وهذه مخاوف لا تقوم في الانفصال وعدم التفاعل مع نتائج الخوف المترسبة والمستقرة في إعماق الجنس البشري .
فاطمة محمود الحسيني