إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عِبَادَةُ طَه الرَّسولِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ):-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عِبَادَةُ طَه الرَّسولِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ):-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ

    قَالَ الإمامُ عليٌّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): ( فبعثَ الله محمّدًا (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) بالحقّ، ليُخرج الناس من عبادة الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشيطان إلى طاعته، بقرآنٍ قد بيّنه وأحكمه، ليَعلَمَ العباد ربّهم إذْ جهلوه، وليُقرّوا به إذْ جحدوه، وليُثبتوه بعد إذ أنكروه..)، نهجُ البلاغةِ الخطبة 147.
    قالَ تعَالَى في كتابه المَجيدِ :﴿ طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾، سُورَةُ طَه ،الآية 1 و 2.
    وردت روايات كثيرة في سبب نزول الآيات الأولى من هذه السورة، يستفاد من مجموعها أنّ النّبي (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) و سلّم بعد نزول الوحي و القرآن كان يعبد اللّه كثيرا، و خاصّة أنّه كان يكثر القيام و الوقوف في العبادة حتى تورمت قدماه، و كان من شدّة التعب أحيانا يستند في وقوفه على أحدى قدميه، ثمّ يستند على الأخرى حينا آخر، و حينا على كعب قدمه، و آخر على أصابع رجله‌ ، فنزلت الآيات المذكورة و أمرت النّبي (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أن لا يحمل نفسه كل هذا التعب و المشقّة . الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ،ج 9 ، ص523.
    عندما نريد أن نتكلم عن العبادة فلن نجد بعد النبي محمد (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) الذي كان يعبد اللَّه عزَّ وجلّ عبادة لم يعبدها أحد قبله ولا بعده غير علي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) لنستلهم من كلامه دروس العبادة وحقيقتها وهو الذي يروى أنه كان يسجد ويطيل سجوده ويغمى عليه حال سجوده حتى يظن أنه قد مات، وهو الذي كان إذا وقف بين يدي اللَّه يغيب عن نفسه، حتى يتم إخراج السهم من بدنه دون أن يشعر في حال العبادة. وهو الذي لم تكن العبادة عنده مجرد أوقات محدودة للذكر والورد والصلاة والدعاء، بل كانت خضوعاً للَّه عزَّ وجلّ وخشوعاً وطاعة بالمال والنفس والكلمة والحكم والجهاد والمعاملة، فكانت العبادة حياته وكل حركاته وسكناته
    فالإنسان أولاً هو خاضع لنظام الخلق شاء أم أبى ولا يستطيع أن يتجاوز هذا النظام وهذه السنة الإلهية الكونية المسيطرة على الوجود بجميع نواحيه، وعلى جميع الموجودات من الملائكة والبشر والحيوانات والنبات والجماد، ولا فرق في ذلك بين البشر وغيرهم والمؤمن باللَّه وغيره.
    لذلك وبهذا المعنى الذي هو أحد معاني العبادة لا يستطيع الإنسان أن يخرج نفسه من حد العبادة لواضع هذا النظام في سلوك الأسباب الموضوعة في هذا الكون للوصول إلى الغايات، وإلا فإنه لن يصل إليها، لذلك يجد نفسه مضطراً بل مجبراً على السير في طريقها. من هنا فإن الإنسان عندما يريد أن يصعد إلى مكانٍ عالٍ أو ينزل إلى مكانٍ دانٍ فإنه سيستخدم الوسيلة التي توصله إلى غايته في كل الطريقين، كذلك إذا أراد أن يحصل على الحرارة أو البرودة، فإنه سيجد أسباباً خاصة توصل إلى أحدهما غير الأسباب التي توصل إلى الآخر، ولا بد أن يسلك لكل غاية سبيلها ويؤمن لها أسبابها .
    يقول أمير المؤمنين علي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): ( فَإِنَّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ; يَمْلِكُ مِنَّا مَالاَ نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا، وَأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ، فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلاَلَةِ بِالْهُدَى، وَأَعْطَانَا الْبَصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمَى )،نهج البلاغة، الخطبة ‏216.
    إذن نحن مخلوقون لهذا الخالق وعليه نحن مملوكون لهذا الرب ولذلك فنحن عبيد له، فهو يملك منا ومن أنفسنا ما لا نملكه من هذه الأنفس من وجودها وموتها وحياتها وكثير من الشؤون التي تعطينا الحياة واستمراريتها في عالم المادة والشهادة أو في عالم الغيب والملكوت. ما لا يعد ولا يحصى بل لا يستطيع تصوره أحد .
    الحكمة من إرسال الأنبياء صلوات اللَّه عليهم هي دلالة الناس وإرشادهم وهدايتهم إلى عبادة اللَّه عزَّ وجلّ، ولولا ذلك لما توصل أحد إلى هذه العبادة ولما عرف أحد كيف يعبد اللَّه عزَّ وجلّ ومن أي طريق، ولضلوا ولاختلفوا واقتتلوا أشد مما اقتتلوا فمع إرسال عدد كبير من الأنبياء (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) نجد أن التاريخ قد فاض بالدماء بحوراً بسبب الاختلاف والضلالة في السبل وعدم معرفة سبيل العبادة الأصلح للبشرية.‏
    نلاحظ كلامه (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)"من عبادة الأوثان إلى عبادتهفالإنسان دائماً يسعى لأن يكون عبداً لما يراه يحقق له أهدافه ويجعله أمامه يخضع له ويعبده ويجعله ربه ومدبر أموره، فلو لم يرسل اللَّه عزَّ وجلّ الأنبياء لخضع الإنسان حتى للحجارة كما فعل عبدة الأوثان والحجر هو أدنى مخلوق في سلسلة مراتب المخلوقات ومع ذلك عبده الإنسان عندما لم يجد من ينير له طريقه. فلو كان الإنسان يستطيع أن يستدل على طريق العبادة وسبيلها دون الأنبياء ولما كان هناك حكمة من إرسالهم .
    فيمكن أن يستفاد من كلام الإمام (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أمران:
    الأول: أن معرفة اللَّه وإن كانت ممكنة من خلال العقل، إلا أن معرفة سبل عبادته ومنهاج طاعته غير ممكنة، إلا من خلال الأنبياء وهذا دليل على ضرورة النبوة .
    الثاني: أن العباد بما أنهم لن يستطيعوا أن يخرجوا من تحت نظام العبادة وشموليته، فلا بد أن يفتشوا ويتعرفوا على العبادة الصحيحة، وبما أنه لا طريق إلى معرفتها إلا من خلال الأنبياء(عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ)، إذن لا بد من الالتزام بطاعتهم وبأمرهم، وهذا دليل على ضرورة الالتزام بولاية وطاعة أولياء اللَّه عزَّ وجلّ .
    وقَدْ ذكر اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ عبادةَ النَّبيِّ(صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) في مواطن كثيرة من القرآن الكريم منْهَا: قالَ تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إلّا قَليلاً ﴾، سُورَةُ المزَّمِّل ، الآيتان 1 و 2 ، قامَ اللَّيلَ كلَّهُ حتّى‏ تَوَرَّمَت قَدَماهُ ، فجَعَلَ يَرفَعُ رِجلاً ويَضَعُ رِجلاً ، فهَبَطَ علَيهِ جِبريلُ فقالَ : (طه) يَعني الأرضَ بِقدَمَيكَ يا محمّدُ ﴿ ما أنزَلْنا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقى‏ ﴾، ، وأنزَلَ ﴿ فاقْرأوا ما تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ ﴾، سُورَةُ المزَّمِّل ، الآية 20. الدرّ المنثور ،ج 5 ،ص 549.
    أمَّا في الأحاديث الشَّريفةِ أيضاً ذُكَرتْ عبادةُ الرَّسولِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) منهَا:
    الإمامُ الباقرُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): ( كانَ رَسولُ اللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)عِندَ عائشةَ لَيلَتَها ، فقالَت : يا رَسولَ اللَّهِ، لِمَ تُتعِبُ نَفسَكَ وقد غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وما تأخَّرَ ؟ فقالَ : يا عائشةُ ، ألا أكونُ عَبداً شَكوراً ؟!)،الكافي ،ج 2 ،ص 95 ، ح 6.
    الإمامُ الصّادقُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): ( كانَ رَسولُ اللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) في بَيتِ اُمِّ سَلَمَةَ في لَيلَتِها ، ففَقَدَتهُ مِن الفِراشِ ، فدَخَلَها في ذلكَ ما يَدخُلُ النِّساءَ ، فقامَت تَطلُبُهُ في جَوانِبِ البَيتِ حتَّى انتَهَت إلَيهِ وهُو في جانِبٍ مِن البَيتِ قائمٌ رافِعٌ يَدَيهِ يَبكي وهُو يقولُ : ( اللّهُمَّ لا تَنزِعْ مِنِّي صالِحَ ما أعطَيتَني أبَداً ... اللّهُمَّ ولا تَكِلْني إلى‏ نَفسي طَرفَةَ عَينٍ أبَداً )
    قالَ : فانصَرَفَت اُمُّ سَلَمَةَ تَبكي حتّى‏ انصَرَفَ رَسولُ اللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) لِبُكائها ، فقالَ لَها : ما يُبكيكِ يا اُمَّ سَلَمَةَ ؟ فقالَت : بأبي أنتَ واُمّي يا رَسولَ اللَّهِ ، ولِمَ لا أبكي وأنتَ بالمَكانِ الّذي أنتَ بهِ مِن اللَّهِ ، قد غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ماتَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وما تأخَّرَ ... ؟ ! فقالَ : يا اُمَّ سَلَمَةَ، وما يُؤمِنُني ؟ وإنّما وَكَلَ اللَّهُ يُونُسَ بنَ مَتّى‏ إلى‏ نَفسِهِ طَرفَةَ عَينٍ وكانَ مِنهُ ما كانَ بحار الأنوار ،ج 16 ،ص 217 ،ح 6.

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    ​​​

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X