تويت
لماذا يلبسون العقال؟ سؤال يبحث عن إجابة، والإجابة الشعبية، ترى أنه جزء من شخصية وهندام العربي، ويميل الى هوية الريف أكثر، وما يعني اسم (عقال)؟ هو مأخوذ كما يرى أهل التراث من عقال الناقة، وهو حبل تُعقل به الناقة، حتى لا تبتعد عن المراعي.
وورد في بعض الكتابات المختصة بهذا الشأن أن رعاة الجمال يحرصون دائماً على أخذ حبل يلفه على رأسه، ويبقى ملفوفاً على رأسه الى حين حاجته إليه، ثم تحول الى جزء من قيافة الرجل وهندامه، وهذا يعلمنا أن الكثير من الأشياء تأخذ حالة التطبيع وتغير من وظيفتها، كما حدث مع أمر العقال.
ويُقال ان لونه كان أبيض ثم تحول الى اللون الأسود القاتم، هناك دلالة أخرى يشير لها علماء التأريخ بأن تبديل لون العقال كان دلالة سياسية أي تعبيراً عن الحزن العربي الاسلامي عند سقوط الأندلس.
وهل هناك اتفاق عربي موحد بحجم العقال وشكله؟ يقول أهل التراث: ان العقال مرّ بمراحل عدة، مما زاد عندنا السؤال عمقاً: لماذا هذه المراحل، وما مؤثراته الاجتماعية؟ قبل الجواب، نقرأ أنه في فترة الستينيات والسبعينات الهجرية كان العقال غليظاً جداً، ثم بدأ يصغر، ربما هذه التغييرات حدثت لتنامي الذائقة وتغييرات الظرف الاجتماعي.
ولنوعية العقال استدلالات على الهوية، العقال العراقي تكون استدارته كبيرة، والعقال الكويتي صغير، والقطري مهدب، والعرب يستوردون العقال، ويصنعونه محلياً، ويُصنع من القطن والنايلون وشعر الماعز ووبر الإبل. ومنه الأسود المصنوع من الصوف والماعز، ومنه الأبيض، وهناك نوع يسمى الزري للاحتفالات الوطنية، والوبر، والمقصب، لماذا سُمّي المقصب؟ أجابنا أحد الشيوخ عن طريق الفيسبوك: إن عقال المقصب خاص بأهل الدولة، وكان يُقصب بخيوط ذهبية.
صناعة العقال تُعد إحدى المهن اليدوية، تراجعت صناعتها؛ بسبب اللباس العصري. واللطيف أن للعقال أسماء كثيرة منها: المبروم نسبة الى البرم، وأشهر الأنواع المرعز: خيوط فضية معلقة بخيوط شعر الماعز، وعقال السنارة.
ويدخل في صناعة العقال الحرير الطبيعي، وشعر الماعز والصوف والمخمل وخيوط النايلون البولستر. وارتداء العقال عند العرب يرمز لشموخ الرجل وعزته وكرامته، فإذا أهينت كرامة الرجل؛ فإنّه لا يرتدي العقال أبدًا بعدها، ولكنّه يضعه حول رقبته، أو يتركه في المنزل، ولا يضعه على رأسه حتى يعود له حقه السليب وكرامته السليبة، وعندما يسترجع كرامته المهدورة؛ فإنّه يضعه على رأسه، ويشارك الرجال مجالسهم، ويشاطرهم الرأي بعد أن تخلص من الضغط النفسي والعار الذي كان يلاحقه. وللطريقة التي يضع فيها الرجل عقاله دور في التعبير عن حالته المزاجية، فإذا مات للشخص قريب عزيز عليه؛ فإنّه ينزع العقال أيام العزاء، وإذا سافر شخص عزيز عليه، وتبيّن أنّ غيابه سوف يطول؛ فإنّه يحسر عقاله إلى الخلف، إلى آخرها من الحكايا الطريفة والأصيلة عن العقال.