بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى في سورة النور: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ...) (النور/ 31).
حلية المرأة عفتها، وزينتها كرامتها وتصونها، فمن أرادت أن تكون فَوَّاحة العبير بين الناس، طيبة القالة بين أهلها وذويها ومجتمعها، فعليها أن تبتعد عما يشينها أو يثير الشائعات من حولها، وتتقي الله في سرها وجهرها، ولا تبدي زينتها للغرباء عنها، فإنها لا مصلحة لها في الازديان بينهم، لأنّه يثير قالة السوء عنها، ويغريهم بما ويحرضهم عليها.
فالاحتشام والتصون أساس كرامتها ومبعث الهيبة منها ومناط احترامها وحسن القالة فيها وعليه تنشأ الفتاة الفاضلة التي تكون حجر الزاوية في الأسرة الكريمة ذات الأخلاق المجيدة. ومن أجل ذلك يسعى إليها فضلاء الراغبين في تأسيس البيت السعيد، فينبغي للمرأة أن تحكم العقل في زيها وفي تصرفها حتى لا تطلق الألسنة من عقالها عليها.
- الأزياء الفاتنة:
ولست أدري لماذا تحرص المرأة في هذا الزمان العاثر، على ارتداء الأزياء التي تكشف مساحة كبيرة من جسدها أو تبرز مواضع الفتنة فيها وإن سترت ظاهر بشرتها، أفليس الاحتشام والتصون أجدر بها، فإنّها إن كانت عذراء فذلك عنوان تصونها وبشير الخير لمستقبلها، إذ يراها الشاب الأصيل فيرضيه مظهرها، ويطمئنه على طهرها، فيرتضيها لنفسه شريكة لحياته، وأمّاً لأولاده، ويعيشان سعداء بلا شكوك وأوهام.
أما هذه التي تبرز محاسنها الجسدية بمختلف الوسائل، فإنها إن لم تكن فتاة عابثة فهي غافلة عن مصلحتها، إذ تبعد الشباب الصالح عنها، وتقرب أصحاب اللُّبَانات العاجلة منها وتغريهم بها، وهؤلاء إما زوج محترف أو عاشق عابث، وقَلَّ أن يَدْنَو منها رجل فاضل كريم.
وإن كانت عانساً فالاحتشام لها أوجب، والستر لها ألزم، حتى لا تحوم الريبة حولها، وتنطلق الألسنة بسوء القالة عنها والنقد لتصرفها إذ يقولون لمن تتزين هذه العانس ولا زوج لها؟ ثمّ يعقبون على ذلك بما يشتهون مما لا ترتضيه فضليات النساء.
وإن كانت زوجة وأمّا فالحشمة لها ألزم، والستر لها أحق من العذراء والعانس، فإنّ الناس لا يجدون لها أي عذر في ابراز محاسنها للغرباء، فهي زوجة وهي أم، فحاجتها من دنياها موفورة، وزينتها حق لزوجها دون كافة الناس، فما لم تحتشم فليس لها أن تلوم الناس فيما يقولون، فهي التي دفعتهم إلى أن يثيروا الغبار حولها بسوء تصرفها.
- حجة المرأة في أزيائها:
تحتج المرأة لما ترتديه من أزيائها "التجريدية" بأنّ الثياب المحتشمة تشدها إلى الريف، وتجعل منها امرأة متأخرة، وتلك الحجة فيها تَجَن على أخواتها الريفيات، وترفُّع عليهن، وتنكر للريف الجميل الذي هو أساس سكان المدن، ولا حياة لأهل الحضر بغير الريف وأهله.
ولقد أصبحت الأزياء الوطنية والشرقية بصفة خاصة مطمح نساء الغرب وموضع إعجابهنّ الشديد، كما أصبح "الجلباب" الوطني للرجال موضع إعجاب الأجانب منهم وقد جاء في الصحف أنّ أسواق باريس تبيع الآن "الجلابيب" البلدية، بدلاً من البيجامات من تصميم "بيز جاردان". فأي مانع من أن تلبسي أيتها الأخت المسلمة ملابس أختك الريفية، على أن تهذبيها حتى تضم إلى "حشمتها" رفعة المستوى.
- ثياب المرأة العاملة:
أصبحت المرأة في كثير من البلاد الإسلامية تعمل في المصالح الحكومية وفي الشركات مع الرجال، كما أصبحت الفتاة تجلس إلى جانب الفتى في الجامعات ولا حول ولا قوة إلا بالله – فحيث أضحت الأمور على هذا النحو، فلا مفرَّ من أن تلبس المرأة من الثياب ما يستر مفاتنها عن الفضوليين، بحيث تبدو سيدة فاضلة جادة تفرض احترامها على من يراها، وتحول بينه وبين عبارات الفضول والمساءة نحوها.
إنّك يا أختي المسلمة تركبين المواصلات العامة المزدحمة براكبيها، وتنزلين إلى السوق لشراء حاجات منزلك وتعملين في المصارف والمصانع، وتشتركين مع الرجال في الأعمال والاجتماعات، فمن حق الإسلام عليك – وقد وصل المجتمع بالمرأة إلى هذا المعترك – أن تلبسي الثياب الفضفاضة، وأن تبتعدي عن الشفافة منها، وعن الضيقة اللاصقة بالجسد الحاكية لمفاتنه.
قوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)، كما جنح إليه المحققون من العلماء ولقد أوجب الله على المرأة المؤمنة أن تضع الخمار على رأسها، وتجعله بحيث يغطي عنقها وصدرها، وذلك بقوله: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ).
وسبب نزول هذه الآية أنّ النساء كنّ إذا غطين رؤوسهنّ بالأخمرة – أي المقانع – سَدَلْنها من وراء الظهر، فيبقى النحر والعنق والأذنان والصدر لاستر عليها، فأمر الله بِلَيّ الخمار على الجيوب وهي فتحات الثياب فوق الصدر.
فالزمي أيتها الأخت المسلمة الاحتشام في ثيابك، وضعي خماراً على رأسك بحيث يغطي صدرك، وسوف يزيد هذا الزي من كمالك وفضلك ويعلي من قدرك، ويحقق لك الآمال في دنياك وآخرتك، ويجعلك جديرة بالانتساب إلى خير أمة أخرجت للناس، ويحميك من سوء القالة، ويبعدك عن العثرات.
- النساء في اليونان:
إنّ في اليونان من إخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات مائة وعشرين ألفاً، ومع أنّ النساء هناك يعشن في بيئة أوروبية، فإنهنّ يلبسن الملابس المرسلة الساترة إذا خرجن لشراء حاجاتهنّ أو سماع المحاضرات والدروس الدينية في المساجد، ولا يقلدن غير المسلمات اللائي يلبسن أحدث الأزياء، لأنّهنّ يعشن بأرواحهنّ وقلوبهن مع دين الله تعالى.
أفليست نساؤنا في بلاد الإسلام أولى بالستر منهنّ، فإنهنّ نشأن في بيئة إسلامية بحتة، ويستمعن القرآن والدروس الدينية من "التلفزيون والراديو" وقد تلقين المبادئ الدينية في مدارسهنّ ومما عرفنه من آداب الإسلام قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ...) (الأحزاب/ 59)، أي قل لهنّ أيها النبي يرسلن عليهنّ من ثيابهنّ ذلك أقرب أن يميزهنّ عن الفواجر غير المحتشمات، فلا يتعرض لهنّ أحد بسوء من قول أو فعل ويجمع أدب الحشمة قوله تعالى في سورة الأحزاب: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى...) (الأحزاب/ 33)، وهو وإن كان في أدب البيت النبوي الشريف، لكن الحكم فيه عام، وقد فسر مجاهد هذا التبرج الذي كان في الجاهلية بمشي المرأة بين أيدي الرجال وأعينهم، وفسره قتادة بخروجها من بيتها ومشيها في تدلل وتكسر، وفسره مقاتل بعدم سترها لقلائدها وقرطها وعنقها.
ويشير هؤلاء التابعون في تفسيراتهم هذا النص إلى معنى جامع، وهو أنّ المرأة في عصر الإسلام لا يحل لها أن ترجع في مظهرها وأخلاقها إلى عصر الجاهلية الأولى، الذي جعل المرأة سلعة رخيصة، ينالها كل حيوان من البشر، لأنها كانت تتبرج وتتعرض له غير محتشمة.
ولتعلم الأخت المسلمة أنّ الإسلام لم يمنع المرأة من الصلاة بالمساجد، ولكنه ألزمها بالاحتشام
- هذه سبيل الكرامة:
هذه أيّتها الأخت المسلمة هي سبيل الكرامة والتصون والعفة، يدعو إليها الإسلام حتى لا تتفرق بكل السبل المختلفة، وتقذف بكن في تيهاء الضياع، واعلمي أنّ هذه الدنيا إلى زوال، "وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" فلا تؤثريها على دار البقاء، حيث النعيم للمؤمنات العفيفات الصالحات، والعذاب الشديد لمن خالف سبيل المؤمنين والمؤمنات.
وحينما أدعو نساءنا وبناتنا المسلمات في أرض الله إلى الاحتشام، فإنني على ثقة من أنني سوف أجد منهنّ آذاناً مصغية، وقلوباً واعية ونوازع خيرة، تعود بهنّ إلى السنن الراشد في أزيائهنّ وأخلاقهنّ، بعد اندفاعهنّ إلى تقليد الغربيات في أزيائهنّ وعاداتهن، وكيف لا يرجعن إلى المنهاج المستقيم، وهن من ذريات المؤمنين والمؤمنات، وقد نشأن بين أزاهير القرآن العظيم، ورياحين السنة المطهرة، وقد دعين بالحكمة والموعظة الحسنة، إلى ما يتفق مع الكرامة والشرف وتقاليد أصولنا وأمجاد سلوكنا، في غير تبذل ولا مهانة، فما عليهنّ من بأس أن يلبسن الثياب الجيِّدة الغالية، في غير تبرج ولا إبداء للمفاتن، مع التزام الجد في حديثهنّ ومسيرهنّ وعملهنّ حتى يدرك من يتعامل معهنّ أنهنّ في أبراج خلقية عالية لا تنال بسوء.
- إلى فتياتنا الجامعيات:
ولست أدري ما الذي دعا فتياتنا الجامعيات إلى المبادرة والتنافس في الزينة، وارتداء الثياب الفاتنة، ذات الألوان الصارخة فهل تحولت الجامعات إلى معارض أزياء ومسارح فتنة وإغراء، إنها في ضمير الأمة الإسلامية دور علم، وينابيع ثقافة ومنارات أخلاق، فلابدّ أن يحيط بها الوقار والإعتدال.
أنتنّ بنات اليوم أُمّهات الغد، والمظهر المعتدل أمارة على فضل صاحبته ونبلها، وأنها سوف تكون أمّا فاضلة، وتنجب أسرة فاضلة، فإذا انتشر في الأُمّة المسلمة هذا النوع المعتدل من الفتيات عظم شأنها، وطابت أعراقها.
والأُم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق
فينبغي لكن أن ترتدين زياً كريماً، يجمع بين الحشمة والمستوى الرفيع، وأن تتكون منكن قيادات خلقية واعية، تتجه بأزياء النساء نحو المظهر الأفضل.
وإني أهيب بالآباء والأزواج والإخوة أن يقوموا بواجبهم نحو بناتهم وزوجاتهم وأخواتهم، فلا يسمحوا لهنّ بالخروج إلا في ثياب محتشمة، ساترة لما عدا الوجه والكفين فإذا تضافرت الجهود المختلفة أمكن الوصول بأمتنا إلى المجتمع الفاضل الذي أجمل الله أصوله في قوله جلّ ثناؤه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...) (آل عمران/ 110)، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
المصدر: مجلة هدي الإسلام
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى في سورة النور: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ...) (النور/ 31).
حلية المرأة عفتها، وزينتها كرامتها وتصونها، فمن أرادت أن تكون فَوَّاحة العبير بين الناس، طيبة القالة بين أهلها وذويها ومجتمعها، فعليها أن تبتعد عما يشينها أو يثير الشائعات من حولها، وتتقي الله في سرها وجهرها، ولا تبدي زينتها للغرباء عنها، فإنها لا مصلحة لها في الازديان بينهم، لأنّه يثير قالة السوء عنها، ويغريهم بما ويحرضهم عليها.
فالاحتشام والتصون أساس كرامتها ومبعث الهيبة منها ومناط احترامها وحسن القالة فيها وعليه تنشأ الفتاة الفاضلة التي تكون حجر الزاوية في الأسرة الكريمة ذات الأخلاق المجيدة. ومن أجل ذلك يسعى إليها فضلاء الراغبين في تأسيس البيت السعيد، فينبغي للمرأة أن تحكم العقل في زيها وفي تصرفها حتى لا تطلق الألسنة من عقالها عليها.
- الأزياء الفاتنة:
ولست أدري لماذا تحرص المرأة في هذا الزمان العاثر، على ارتداء الأزياء التي تكشف مساحة كبيرة من جسدها أو تبرز مواضع الفتنة فيها وإن سترت ظاهر بشرتها، أفليس الاحتشام والتصون أجدر بها، فإنّها إن كانت عذراء فذلك عنوان تصونها وبشير الخير لمستقبلها، إذ يراها الشاب الأصيل فيرضيه مظهرها، ويطمئنه على طهرها، فيرتضيها لنفسه شريكة لحياته، وأمّاً لأولاده، ويعيشان سعداء بلا شكوك وأوهام.
أما هذه التي تبرز محاسنها الجسدية بمختلف الوسائل، فإنها إن لم تكن فتاة عابثة فهي غافلة عن مصلحتها، إذ تبعد الشباب الصالح عنها، وتقرب أصحاب اللُّبَانات العاجلة منها وتغريهم بها، وهؤلاء إما زوج محترف أو عاشق عابث، وقَلَّ أن يَدْنَو منها رجل فاضل كريم.
وإن كانت عانساً فالاحتشام لها أوجب، والستر لها ألزم، حتى لا تحوم الريبة حولها، وتنطلق الألسنة بسوء القالة عنها والنقد لتصرفها إذ يقولون لمن تتزين هذه العانس ولا زوج لها؟ ثمّ يعقبون على ذلك بما يشتهون مما لا ترتضيه فضليات النساء.
وإن كانت زوجة وأمّا فالحشمة لها ألزم، والستر لها أحق من العذراء والعانس، فإنّ الناس لا يجدون لها أي عذر في ابراز محاسنها للغرباء، فهي زوجة وهي أم، فحاجتها من دنياها موفورة، وزينتها حق لزوجها دون كافة الناس، فما لم تحتشم فليس لها أن تلوم الناس فيما يقولون، فهي التي دفعتهم إلى أن يثيروا الغبار حولها بسوء تصرفها.
- حجة المرأة في أزيائها:
تحتج المرأة لما ترتديه من أزيائها "التجريدية" بأنّ الثياب المحتشمة تشدها إلى الريف، وتجعل منها امرأة متأخرة، وتلك الحجة فيها تَجَن على أخواتها الريفيات، وترفُّع عليهن، وتنكر للريف الجميل الذي هو أساس سكان المدن، ولا حياة لأهل الحضر بغير الريف وأهله.
ولقد أصبحت الأزياء الوطنية والشرقية بصفة خاصة مطمح نساء الغرب وموضع إعجابهنّ الشديد، كما أصبح "الجلباب" الوطني للرجال موضع إعجاب الأجانب منهم وقد جاء في الصحف أنّ أسواق باريس تبيع الآن "الجلابيب" البلدية، بدلاً من البيجامات من تصميم "بيز جاردان". فأي مانع من أن تلبسي أيتها الأخت المسلمة ملابس أختك الريفية، على أن تهذبيها حتى تضم إلى "حشمتها" رفعة المستوى.
- ثياب المرأة العاملة:
أصبحت المرأة في كثير من البلاد الإسلامية تعمل في المصالح الحكومية وفي الشركات مع الرجال، كما أصبحت الفتاة تجلس إلى جانب الفتى في الجامعات ولا حول ولا قوة إلا بالله – فحيث أضحت الأمور على هذا النحو، فلا مفرَّ من أن تلبس المرأة من الثياب ما يستر مفاتنها عن الفضوليين، بحيث تبدو سيدة فاضلة جادة تفرض احترامها على من يراها، وتحول بينه وبين عبارات الفضول والمساءة نحوها.
إنّك يا أختي المسلمة تركبين المواصلات العامة المزدحمة براكبيها، وتنزلين إلى السوق لشراء حاجات منزلك وتعملين في المصارف والمصانع، وتشتركين مع الرجال في الأعمال والاجتماعات، فمن حق الإسلام عليك – وقد وصل المجتمع بالمرأة إلى هذا المعترك – أن تلبسي الثياب الفضفاضة، وأن تبتعدي عن الشفافة منها، وعن الضيقة اللاصقة بالجسد الحاكية لمفاتنه.
قوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)، كما جنح إليه المحققون من العلماء ولقد أوجب الله على المرأة المؤمنة أن تضع الخمار على رأسها، وتجعله بحيث يغطي عنقها وصدرها، وذلك بقوله: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ).
وسبب نزول هذه الآية أنّ النساء كنّ إذا غطين رؤوسهنّ بالأخمرة – أي المقانع – سَدَلْنها من وراء الظهر، فيبقى النحر والعنق والأذنان والصدر لاستر عليها، فأمر الله بِلَيّ الخمار على الجيوب وهي فتحات الثياب فوق الصدر.
فالزمي أيتها الأخت المسلمة الاحتشام في ثيابك، وضعي خماراً على رأسك بحيث يغطي صدرك، وسوف يزيد هذا الزي من كمالك وفضلك ويعلي من قدرك، ويحقق لك الآمال في دنياك وآخرتك، ويجعلك جديرة بالانتساب إلى خير أمة أخرجت للناس، ويحميك من سوء القالة، ويبعدك عن العثرات.
- النساء في اليونان:
إنّ في اليونان من إخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات مائة وعشرين ألفاً، ومع أنّ النساء هناك يعشن في بيئة أوروبية، فإنهنّ يلبسن الملابس المرسلة الساترة إذا خرجن لشراء حاجاتهنّ أو سماع المحاضرات والدروس الدينية في المساجد، ولا يقلدن غير المسلمات اللائي يلبسن أحدث الأزياء، لأنّهنّ يعشن بأرواحهنّ وقلوبهن مع دين الله تعالى.
أفليست نساؤنا في بلاد الإسلام أولى بالستر منهنّ، فإنهنّ نشأن في بيئة إسلامية بحتة، ويستمعن القرآن والدروس الدينية من "التلفزيون والراديو" وقد تلقين المبادئ الدينية في مدارسهنّ ومما عرفنه من آداب الإسلام قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ...) (الأحزاب/ 59)، أي قل لهنّ أيها النبي يرسلن عليهنّ من ثيابهنّ ذلك أقرب أن يميزهنّ عن الفواجر غير المحتشمات، فلا يتعرض لهنّ أحد بسوء من قول أو فعل ويجمع أدب الحشمة قوله تعالى في سورة الأحزاب: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى...) (الأحزاب/ 33)، وهو وإن كان في أدب البيت النبوي الشريف، لكن الحكم فيه عام، وقد فسر مجاهد هذا التبرج الذي كان في الجاهلية بمشي المرأة بين أيدي الرجال وأعينهم، وفسره قتادة بخروجها من بيتها ومشيها في تدلل وتكسر، وفسره مقاتل بعدم سترها لقلائدها وقرطها وعنقها.
ويشير هؤلاء التابعون في تفسيراتهم هذا النص إلى معنى جامع، وهو أنّ المرأة في عصر الإسلام لا يحل لها أن ترجع في مظهرها وأخلاقها إلى عصر الجاهلية الأولى، الذي جعل المرأة سلعة رخيصة، ينالها كل حيوان من البشر، لأنها كانت تتبرج وتتعرض له غير محتشمة.
ولتعلم الأخت المسلمة أنّ الإسلام لم يمنع المرأة من الصلاة بالمساجد، ولكنه ألزمها بالاحتشام
- هذه سبيل الكرامة:
هذه أيّتها الأخت المسلمة هي سبيل الكرامة والتصون والعفة، يدعو إليها الإسلام حتى لا تتفرق بكل السبل المختلفة، وتقذف بكن في تيهاء الضياع، واعلمي أنّ هذه الدنيا إلى زوال، "وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" فلا تؤثريها على دار البقاء، حيث النعيم للمؤمنات العفيفات الصالحات، والعذاب الشديد لمن خالف سبيل المؤمنين والمؤمنات.
وحينما أدعو نساءنا وبناتنا المسلمات في أرض الله إلى الاحتشام، فإنني على ثقة من أنني سوف أجد منهنّ آذاناً مصغية، وقلوباً واعية ونوازع خيرة، تعود بهنّ إلى السنن الراشد في أزيائهنّ وأخلاقهنّ، بعد اندفاعهنّ إلى تقليد الغربيات في أزيائهنّ وعاداتهن، وكيف لا يرجعن إلى المنهاج المستقيم، وهن من ذريات المؤمنين والمؤمنات، وقد نشأن بين أزاهير القرآن العظيم، ورياحين السنة المطهرة، وقد دعين بالحكمة والموعظة الحسنة، إلى ما يتفق مع الكرامة والشرف وتقاليد أصولنا وأمجاد سلوكنا، في غير تبذل ولا مهانة، فما عليهنّ من بأس أن يلبسن الثياب الجيِّدة الغالية، في غير تبرج ولا إبداء للمفاتن، مع التزام الجد في حديثهنّ ومسيرهنّ وعملهنّ حتى يدرك من يتعامل معهنّ أنهنّ في أبراج خلقية عالية لا تنال بسوء.
- إلى فتياتنا الجامعيات:
ولست أدري ما الذي دعا فتياتنا الجامعيات إلى المبادرة والتنافس في الزينة، وارتداء الثياب الفاتنة، ذات الألوان الصارخة فهل تحولت الجامعات إلى معارض أزياء ومسارح فتنة وإغراء، إنها في ضمير الأمة الإسلامية دور علم، وينابيع ثقافة ومنارات أخلاق، فلابدّ أن يحيط بها الوقار والإعتدال.
أنتنّ بنات اليوم أُمّهات الغد، والمظهر المعتدل أمارة على فضل صاحبته ونبلها، وأنها سوف تكون أمّا فاضلة، وتنجب أسرة فاضلة، فإذا انتشر في الأُمّة المسلمة هذا النوع المعتدل من الفتيات عظم شأنها، وطابت أعراقها.
والأُم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق
فينبغي لكن أن ترتدين زياً كريماً، يجمع بين الحشمة والمستوى الرفيع، وأن تتكون منكن قيادات خلقية واعية، تتجه بأزياء النساء نحو المظهر الأفضل.
وإني أهيب بالآباء والأزواج والإخوة أن يقوموا بواجبهم نحو بناتهم وزوجاتهم وأخواتهم، فلا يسمحوا لهنّ بالخروج إلا في ثياب محتشمة، ساترة لما عدا الوجه والكفين فإذا تضافرت الجهود المختلفة أمكن الوصول بأمتنا إلى المجتمع الفاضل الذي أجمل الله أصوله في قوله جلّ ثناؤه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...) (آل عمران/ 110)، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
المصدر: مجلة هدي الإسلام