يعجبني الشاب الذي يقول حين يتحدث بثقة: أنا أرى، وأنا أعتقد، وأنا أؤمن، أو يقول: أنا لا أرى هذه المسألة صحيحة، هذا الشاب يتكلم بقناعته، برؤاه، أي انه يستخلص من الآراء المتباينة رأيًا يؤمن به، ويدافع عنه، ويدرك تفاصيل قناعاته، بينما أجد كثيرًا من الشباب يعتمد على (قالوا، ويقولون) وهذه الـ(يقولون) تجعله عرضة للوهم، فهو لا يمتلك اليقين بما يقول إلا انه سيصير لسان غيره، ويتحدث من رأس غيره!.
سلوك الانسان يرتبك حين لا يعرف امكاناته، وكثير من الشباب اليوم يتناقشون في مواضيع اكبر من حجم تفكيرهم ورؤاهم ويعتمدون على كليشيهات محورية جاهزة، تأثروا بها من لسان وعقل غيرهم، ليس من بيئته مؤثر من هذا الشكل، ولا في بيته تربية، ولا الشارع الذي كان يأويه يتآلف مع مثل هذه المواضيع التي ينكر بها ربّ العزة والجلالة!
مولاي الحسين (عليه السلام) علّمنا ان الكلمة مسؤولية، وهذه المسؤولية لا يمكن أن يحملها إلا ضمير ومصير واع، إن لم يكن الانسان مقتنعًا بالذي يقولون وقالوا، اين هو من الذي يقولونه؟
المشكلة شبابنا في رأي أو قضية أو شجار أو اختلاف أو حادث لا يقول: رأيت، ولا يقول شاهدت، أو كنت حاضرًا، بل يقول: قالوا لي: إن المشكلة حدثت والشجار حدث، فكيف يبني الركيزة على فم من قال له.
تلك أمانة النقل، أمانة الشهادة، اذا كان لا يعرف القضية فليسكت، لماذا يبني الاحكام على عهدة (يقولون). المشكلة الآن أغلب الاشاعات المؤذية هي من أثر التلقين الساذج، لا يدرك معنى أن يقول: تخلخل الأمن الفكري في البلاد إثر هذا التلقين والاشاعة والرأي المنقول بسذاجة الرأي، لا يحتاج الى اذن بقدر ما يحتاج الى وجدان يتفاعل مع الوجود، قل أو لا تقل، واترك قالوا ويقولون.