تويت
معنى المزاح هو الدعاية بمعنى التلطف والاستعطاف دون أذى، وقيلت في ذمّه ومدحه أقوال كثيرة، بعضهم يعدّه بذرة العداوة، وبعضهم الآخر يسمّيه السباب الأصغر، وقال عنه الإمام الهادي (عليه السلام): لا تمازح فيُجترأ عليك، وبعض الحكماء يقول عنه: يذهب ببهاء العز، ولقاح الضغائن، وهناك من يرى عكس هذا الرأي، عنده المزاح كالملح في الطعام.
التقينا منى عبد العباس طالبة علم نفس السنة الرابعة قالت:
هناك لَبْس كبير في فهم معنى المزاح مع الهزل، أي السخرية والاستهزاء، المزاح هو الاستئناس بشخص، لكن المحظور هو أن لا يصل في نهايته الى ما يغضب والمجتمع للأسف يدمج هذه المفاهيم كلّها، ويتعامل بخشونة وخاصة عند الشباب.
رباب خلف الخفاجي:
المزاح هو الرقي في التعامل والتحبّب والتودد الى الناس، وقيل في الموروث الديني أن النبي (ص) كان يمزح مع من معه، وقيل: إن رسول الله (ص)، قال: «إني لأمزح ولا أقول إلا حقًّا»، لعصمته عن الزلل في القول والعمل.
ومن ضمن ما وردنا من الموروث أنه مازح يومًا امرأة عجوز، قال لها: «لا يدخل الجنة عجوز»؛ لأن اللهَ سبحانه تعالى سيجعلهم شبابًا، قيل لحكيم: إن المزاح سُبّة، فأجاب: بل هي سنّة، لكن لمن يحسنه.
كان النبيّ (ص) يمزح مع الناس ليكون قدوة للطافة والابتسامة والابتعاد عن العبوس والقطوب؛ ليصل بها الى المودة بين الناس.
قصي عقيل السلامي:
لقد تفشّت ظاهرة المزاح إعلاميًّا بما يناقض مفهوم المزحة والطرفة البريئة المهذبة، صرنا نرى برامج تبث فيها المزاح الخشن، برامج الكاميرا الخفية التي تعمل لتمازح الناس مهمتها خلق الضحكة البريئة، لكن الذي يجري هو خشونة في المزاح ليصل الى مرحلة التنكيل والاستهزاء به من أجل خلق متعة للتفرج على حساب انسان.
وبعض البرامج زاولت المزاح المرعب في برامج الكاميرا الخفية لترويع الضيف وتخويفه لتظهر ضعفه الانساني، وقد نهى عنها النبي (ص): «لا يحلّ لمسلم أن يروّع مسلمًا».
المزاح ليس معناه الاستهزاء بالإنسان أو ببعض مظاهره.
الشاعر علاء عوينات:
المزاح الوقور لا غبار عليه، وهذا درس مهم من دروس الطف الحسيني المبارك، نجد في سيرة الشهيد حبيب بن مظاهر الأسدي الهيبة والوقار والعبادة والرشاد، فهو من أصحاب الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسن والامام الحسين (عليهما السلام) كان حافظًا للقرآن الكريم، خصّه إمامنا الحجة بالسلام، ومن خواص أمير المؤمنين، ومازح برير بن خضير الهمداني يوم الطف ولحظات المواجهة، قال له سيد القرّاء: يا أخي ليس هذه بساعة ضحك، قال: أي موضع أحقّ من هذا السرور.
نحن اليوم بحاجة الى إشاعة المودة بين أفرادها، وطرد السأم من حياتها، ولا بد من إشاعة روح المودة والسلام.
نذيرة صالح السامرائي/ معلمة جامعية:
دون المزاح قد يصيب النفس بالملل والغم والتعب والسأم، وربما يستولي عليه الإعياء ويتملّكه العبوس، لابد من إراحة والانشراح وانبساط، ومن تلك الأحوال تلك الموصلة الى المزاح، والنبي (ص) يقول: أمرنا بالبشر والتودد والمزاح، إذا كان لترويح القلوب والاستئناس المطلوب، فهذا دليل على طب النفوس.
وقيل إن الإمام عليًّا والزملاء (عليه السلام) قال: «لا بأس بالفكاهة يخرج منها الرجل عن حدّ العبوس»، [كتاب التذكرة الحمدونية].
ولابد للمزاح من أهل مثل الأصدقاء والأقارب والمعارف، فهذا يعمّق المودة ويقرّب النفوس، وأن يكون لهما الزمان والمكان المناسبان، ليس كل وقت يصلح للمزاح.
الخلاصة:
عبر الشباب عن وعي لهذه الظاهرة، وشذّبوها وحددوا أخلاقيات المزاح، وأثبتوا انهم يدركون بأن الإفراط في المزاح يخشن القلب، ويؤدي الى الغفلة، والشباب أدركوا مفهوم المزاح حسب توصيفات وتشخيصات العقل والدين، وليس كل مزاح مقبولًا.