فعلًا أنا محتاجة لمساحة فاعلة متفاعلة مع قضايا الالتزام، ولابد أن أكون متابعة لموازنة أي ميلان إعلامي يصبّ لصالح نشر الفساد، فقد انتشر بشكل كبير، وفي أغلب المواقع والمنتديات الثقافية، سؤال اجتماعي خطير:ـ هل حبّ البنت من وراء أهلها يعدّ جناية؟
وأنا اعتبر السؤال بحدّ ذاته جناية، وإلا ماذا يعني مثل هذا السؤال؟ ما هو الهدف المقصود من عرضه في المواقع بهذا الالحاح؟ هل هي عملية تطبيع لخلق قناعات واهمة عند بناتنا بأنّ هذا جزء من حقها؟ واستدراجهن الى مناقشات أغلبها مُختَلَقة، وبأسماء وهمية تروّج لقبول مشاعر المراهقين على انها من روابط التقديس، وتلبس هذه اللقاءات غير الناضجة بعض التبريرات، كثقافة الانفتاح ومعادات النظرة الرجعية، واشتغالات كثيرة، وكان التجاوز على حرمة الأهل هي ثقافة الجيل الجديد.
ماذا لو صغنا السؤال بطريقة أخرى: هل تقبل الفتاة على نفسها حين تكون وصمة عيب على أهل بيتها؟ هل تقبل أن تخفض رأسهم بالحضيض من أجل تيه غير مأمون؟ والحجة خلق فرصة للتعرف على طباع الخاتل خلف نوافذ الغفلة! أي بمعنى أن الانزلاق وارد إثر الميانة، وما الفائدة من اكتشاف عدم جدية الشريك العاطفي، بعدما أثقلت التجربة نزهات ونزوات -والعياذ بالله- وماذا تأمل الفتاة من فتى يضع القرط في أذنيه، ويلبس ملابس بركب ممزقة، ويأخذ مصروفه من أمّه أن يبني لها بيتًا وينشئ لها أسرة؟
المرأة تفكر بالزواج، وهذا أمر طبيعي، لكن القضية قضية الرجل، هل هو فعلًا يعمل لهذه الغاية؟ قرأت لأحدى الكاتبات، وأنا متأكدة بأنها اسم وهمي دون أن تراعي مخاطر الخروج والخلوة: هل هناك فتاة تعتقد أن ما تفعله دون علم أهلها هو أمر مقبول اجتماعيًّا وأسريًّا؟
وإذا كانت المقبولية موجودة، لماذا لا تخبر أهلها؟ هل تخاف؟ يعني أن العمل الذي تقوم به غير مشروع! على الفتاة أن لا تفعل ما يمكن أن تندم عليه، وهذا يعزز الموقف عند أهل الصدق لاختيارها كزوجة لابنهم.
أجد معظم كاتبات الزور يبدأن جملهن بـ(ماذا لو)، و(إذا كان) ومثل هذه الجمل الرخوة باعتبارها تجربة إذا فشلت لا خسارة فيها! لماذا لا نحصن بناتنا عبر المواقع بالعفة، ونذكّرهن بالله وبالدين والثقافة التربية والوعي ورفعة رأس الأهل؟
الى متى نترك البنات اسيرات الاعلام السلبي والثقافة الواهية؟ رأيت العجب من بعض المواقع، فهي ترشد الفتيات بخلق الحلّ القسري الذي يضع الأهل أمام الأمر الواقع، أي الهروب، هذا انحطاط علني ساهمت الأفلام في مثل هذا الفساد، ودمّروا لنا عقول الشباب، ومن عاشت التجربة أكيد اصطدمت بواقع الحياة.
أغلب مشاكل الطلاق اليوم؛ بسبب الفارق بين الحلم والحقيقة، ويعني أن تجربة الألفة قبل الزواج ليست مقياسًا للنجاح، نحن بحاجة الى بث برامج توعية مؤثرة تسلط الضوء على حرمة البيت والأهل، والى تعرية وسائل الخيبة من التأثير بعقول بناتنا. لابد أن نعرّفهن بأن الاعجاب والاختيار السليم هو احترام.
لقد عمل الاعلام الفضائي عبر المسلسلات التركية الى خلق خلخلة تربوية تمهّد لترويج الحب دون علم الأهل للمرتبطات شرعًا، وهذه جديدة على المجتمع وشاذة ولا تقبل تبريرًا، ما أريد أن أقولها في المساحة المسموحة لي أن الاعلام الملتزم عليه أن لا يُبعد نفسه عن مثل هذه المحاورات؛ سعيًا لخلق التأثير السليم الراشد، وهذه مهمة الاعلام الملتزم الانساني الديني، والله الموفق.
تعليق