بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج/ 46).
إنّ الله سبحانه يحثّ الإنسان أن يسير في الأرض ليرى الآثار المعطّلة والقصور المشيّدة التي هلك سكّانها وأُبيد أهلها، فيتفكّروا في عوامل انحطاطهم وأسباب انكسارهم، فيعتبروا بآثارهم، ويكون لهم عقول يتدبّرون بها ما حلّ بهم، وآذان يسمعون بها أخبارهم، فإنّ ذلك ممّا يجذب الإنسان إلى الإيمان بالله ويمنعه عن الشرك والكفر والكفران، فيسمعون نصائح الناصحين ووعظ الواعظين، وأكثر الناصحين شفقةً ووعظاً وإرشاداً هو القرآن الكريم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتّقين، وإنّه يهدي للتي هي أقوم، يهدي إلى صراطٍ مستقيم، والرسول الأكرم وعترته الأطهار.
وإنّما يذكر البصر في هذه الآية الشريفة لأنّها تقسّم الناس إلى قسمين: فمنهم من يشخّص بنفسه الخير من الشرّ، والصالح من الطالح، والجيِّد من الرديء، والغثّ من السمين، والحسن من السيِّئ، والحقّ من الباطل ومنه من يتبع الآخرين ويستمع لهم، فالذي يتعقّل الأمور ويدركها له قلب عاقل يهدي الناس إلى الخيرات والإحسان، وعلى الناس أن يستمعوا له، ويطيعوه ليهتدوا ويسعدوا في الدارين.
فالناس في الحقيقة بين الاستقلال في التعقّل وتمييز الخير من الشرّ، وبين الاتّباع لمن يجوز اتّباعه، وهذا شأن القلب والأُذن.
ومن لم يستمع ولم يطع فإنّ قلبه أعمى عن رؤية لحقّ ومشاهدة جماله، فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، وهذه مبالغة في تصوير العمى، فمن لم يتعقّل ولم يسمع الحقّ فهو أعمى القلب، فإنّ من عُمي بصره ربما يتدارك ما فاته من نعم البصر بالعصا وبهداية الآخرين، ولكن الذي عمى قلبه، فإنّه لا ينفعه النصح والنذر ومعونة الهادين ومواعظهم.
ونسبة العقل للقلب تجوّزاً، كمجازية القلب إلى الصدر. فمن يسير في الأرض ويرى العواقب فإنّه يتفكّر ويتعقّل الأمور كما يستمع لنصيحة الناصحين، فيتّقي الله ويعظم شعائره، ويقيم حدوده وأحكامه، ويخاف يوم المعاد فيطهّر قلبه من الأرجاس والأوساخ والصفات الذميمة، ويخلو قلبه من الهوى ويتوكّل على الله:
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ) (ق/ 37).
عن الإمام الكاظم (ع): المراد من القلب في هذه الآية الشريفة هو العقل[1].
وقال (ع) لهشام: يا هشام، من أراد الغنى بلا مال، وراحة القلب من الحسد، والسلامة في الدين، فليتضرّع الله في مسألته بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، ومن قنع بما يكفيه استغنى، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبداً.
وللعقل والعاقل علامات وخصائص جاء معظمها في الروايات الشريفة عن الرسول الأكرم وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) جمعتها من كتاب بحار الأنوار[2] ووضعتها في هذا الشكل المدوّر.
الهامش:
--------------------------------------------------------------------------------
[1]- أصول الكافي 1/16، باب العقل والجهل.
[2]- بحار الأنوار 1: 306-361.
المصدر: كتاب حقيقة القلوب في القرآن
تعليق