إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هؤىء بماتي /احتضار ماقبل الولادة الإعلامية إسراء مصطفى كوسه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هؤىء بماتي /احتضار ماقبل الولادة الإعلامية إسراء مصطفى كوسه

    احتضار ماقبل الولادة
    الإعلامية إسراء مصطفى كوسه
    أوقف سيارته عند منعطف الطريق وترجل قاصداً الجمع الغفير في الجهة المقابلة ، حيث تقام الشعائر العاشورائية ، ازدحام لايوصف مسيرات ومواكب ، خدام يقفون على جانبي الطريق يقدمون الماء والطعام للمارة ، اعداد هائلة تتجه نحو المجالس العاشورائية ، الجميع متشح بالسواد ، والأطفال يحملون الشموع ، أذهله المشهد ! بل أقرح جفنيه ، لم يتمالك نفسه ودمعه من عظمة مارأى ، إلى أن توجه إلى الحسينية المقابلة فقد اتخذ قراراً بحضور مجلس عزاء وهو الذي لايعلم ماذا يقال فيه .
    أحمد شاب في الثلاثين من عمره قضى سني حياته في بلد اوروبي مسقط راس والدته ، والده عربي الأصل شيعي المذهب ، توفي حين كان احمد في العاشرة من عمره ، نشأ وترعرع في احضان اوروبا إلى ان توفيت والدته .. وبالصدفة عثر على وصية أبيه التي لم يطلعه عليها احد ،وكان والده قد اوصى بضرورة سفر ابنه إلى بلده الأم والتعرف على العائلة عن قرب ، وكانت زيارته الأولى .
    توجه إلى الحسينية حيث يقام المجلس ، اتخذ مكاناً قصيّاً جلس على الأرض كما كل الحضور ، كل ماكان يشغله ويثير استغرابه من يكون صاحب هذه المناسبة العظيمة ؟!،ولمن تقام كل تلك التحضيرات ، من هو ؟!وماهذا الإخلاص بعد كل ذاك الزمن والعقود ، الأمر الذي من المفترض ان يدعوه إلى الاستخفاف بالآخرين حسب طبيعة تفكيره إلا انه لم يستطع ان يستجيب إلى ذاك المعتقَد بل شعر أن عليه أن يحافظ على اتزانه وهدوءه احتراماً للحزن الذي يلف المدينة بأسرها ، بل شعر بأنه يتعاطف مع قضية حزنهم.
    بدأ المجلس ، لقد كان كل اهتمامه ان يراقب كل شيء كل التفاصيل والجزئيات ، ثمة شعور يخالجه لايدري له تفسيرا، للحظة اكتشف كم وعمق الحزن الذي يكتسي الوجوه ويتجسد بالزي الموحد فالتفت إلى ملابسه شعر بالخجل أمام هذا الجمع الذي كساه الحزن والسواد الكثير من السكينة والخشوع على الرغم من تعالي صوت البكاء .
    الأفكار تدور في رأسه والمجلس يزداد شوقاً وعشقاً وحزناً ، مايدعو قلبه لأن يرتعش لم يدرِ ماسر ذاك الشعور ، ولحظة بعد لحظة بدأ يشعر بأن هنالك عوالم أخرى غير تلك التي عاشها ، مختلفة تماماً ، لقد أغرق نفسه بالماديات حتى نسي روحه وقد آن لتلك الروح أن تنتفض كما يفعل الطير المذبوح ، لقدبكى الحسين عليه السلام نعم بكاه بكل جوارحه ، بكاه بما فيه من حسين داخل قلبه وروحه وفطرته ودمه قبل أن يتعرف إليه ، لم يعي شيئاً إلا انه كان يردد حسين ياقسيم العقل والجنون ، يانور عيني كيف قتلوك ؟ كان هذا اليوم يوماً استثنائياً في تاريخ حياته ، فبعده لم يعد كما كان بل كتبت له ولادة جديدة .. غادر المجلس وكل مافيه من شعور بالكبر والعلو والغرور بل كل شعور بوجوده قد انهار بعد أن علم حقيقة وجوده ، انهار تحت تراب أقدام سيده ، ركب سيارته واجهش بالبكاء لم يعد إلى مكان إقامته بل كان يتنقل من مكان إلى آخر شريداً مردداً "فأينما تولوا فثم نحر الحسين " ع تصاغر كل شيء في عينيه ، لتبقى حقيقة واحدة وعقيدة ولدت معه لكن لم يشعر بها حتى آن ، وجذوة آن لها ان تستعر لتحرق وجوده بكل مافيه وتطهره ليتلقى ذاك الحب الذي لم يعرفه من قبل.
    دأب على التعرف على سيده ومولاه وعلى حضور المجالس وإقامة الشعائر لأيام ..
    العاشر من محرم أحمد يتشح بالسواد يقف على خدمة الموالين يوزع الطعام و الماء للعاشقين منادياً اقبلوا على حب الحسين .. قرر أن ينذر نفسه لخدمة سيده ، أوروبا لم تعد تعنيه لقد وجد نفسه وأفناها في حب سيده فكتب حيّاً عند ربه بعد أن أرهق نفسه في متاهات الحياة ..
    في العام الذي تلاه كان خادماً في حسينيته التي افتتحها وجهزها لتليق بزوار سيده ، عزاءٌ يتلى آناء الليل واطراف النهار .
    وهكذا طويت صفحة من صفحات التيه ، لتفتح اخرى في سجل الخلود ليصبح من احباب الحسين ع الذابين عنه المدافعين عن مدرسته وقضيته ، وانتصر فيه الخير بفضل دم الولاية الذي كان يسري في عروقه .
    الإعلامية إسراء مصطفى كوسه
    سوريا دمشق​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X