بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
بإعتبار أن تغير الطباع في الآخرين من الأمور الصعبة، فلا بد للإنسان الذي يتعامل مع شخصيات حادة أو متوترة أو منطوية أو عنيدة سواء كانت زوجاً أو مديراً أو شريكاً أو صديقاً أن يراعي هذه الأمور- بعد عدم قدرته على تغييرهم:
التكيف معهم وعدم الإصطدام بهم:
.. إنك لا تستطيع أن تنتفع من جهودهم وخدماتهم إلى الحد الأقصى عن طريق القهر والتسخير والتعالي والإرغام، وإنما بفهم نفسياتهم ورغباتهم، ثم بالعمل على مسايرتهم، سل نفسك دائماً: "ماذا يريد الناس، وما هي ميولهم، وما هي رغباتهم، وفيم يفكرون." ثم تمشي مع هذه الميول والرغبات والأفكار."
المداراة:
فعن رسول الله (ص): "أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض."
عن الإمام علي (ع): "من الناس من ينقصك إذا زدته، ويهون عليك إذا خاصصته، ليس لرضاه موقع تعرفه، ولا لسخطه مكان تحذره، فإذا لقيت أولئك فابذل لهم موضع المودة العامة وأحرمهم موضع الخاصة، ليكون ما بذلت لهم من ذلك حائلاً دون شرّهم."
تقبل أحوالهم كما هم لا كما نريد نحن:
فكما أننا قد لا نستطيع أن نغيّر طباعنا فإن الآخرين كذلك.
ولعل أول خطوة في فن التعامل مع الآخرين هي الإيمان بقبول الآخرين على ما هم عليه من صفات وخصوصيات، وتلقين النفس بهذا المبدأ، وبمعنى آخر الإدمان على حالة التعايش مع الآخرين والتكيّف مع أوضاعهم، لا شك أنَّ الأفضل من هذا هو السعي لتغيير الآخرين ومعالجة أمراضهم إلى جانب السعي المتواصل لمعالجة أمراضنا الخاصة أيضاً للقضاء على النواقص وتبديل السلبيات إلى إيجابيات؛ لأنه مقتضى الأمر بالمعروف وتنبيه الغافل وإرشاد الجاهل ونحو ذلك من الملاكات، وهو أيضاً طموح كل فرد مؤمن ومسؤول في المجتمع، بل ومسؤولية الجميع حتى نحصل على مجتمع رشيد وأمة واعية، خصوصاً الأُمم الصغيرة كالمؤسسات والدوائر، إلاّ أن هذا ليس دائماً بالمقدور كما قال سبحانه: (لَّستَ عَلَيهِم بِمُصَيطِرٍ) [الغاشية: 22] كما هو ليس بالأمر السهل دائماً؛ لذا يبقى أمامنا حلاّن آخران:
أحدهما: الإصطدام بهم والدخول معهم في حروب ونزاعات داخلية تحرق الأخضر واليابس، وتنزل بالجميع إلى أسفل المستويات الفكرية والروحية والعملية.
وثانيهما: القبول بالآخرين والسعي للتعايش معهم، وهذا في منطق الحكمة والإدارة أسلوب حكيم يضمن للجميع الإيجابيات وإستثمارها في سبيل التقدم، وفي نفس الوقت يحيّد الخصومات، وينزل بالعدائية والعراكات إلى أقل مستوياتها بما يضمن للجميع مستويات عالية من الصحة وإستقرار البال وهدوء الأعصاب فضلاً عن المحبة والتعاطف والتنسيق.
التحلّي بالصفات الأخلاقية: من الصبر والحلم والتغافل فإن وجود هذه الصفات فينا تساعدنا على قبول الآخرين.
نحن لا نمتلك القدرات الخارقة على معالجة الناس أو تغييرهم بالمعاجز والكرامات، فلم يبق أمامنا إلا أن نعمل على تهذيب أنفسنا أولاً؛ لأننا أيضاً منهم، ونتصف بصفاتهم ونمتلك مزاياهم، ثم نعمل على توجيههم وإرشادهم إلى الأفضل مهما أمكن، وهذا يتطلب منا المزيد من المرونة وسعة الصدر وطول النفس والمتابعات المستمرة وتوفير الأجواء الإيجابية حتى نهيء أجواء التغيير الصالحة، ومع ذلك يبقى قرار التغيير والتغيّر الأخير بأيديهم.
فإنْ لم نتوفق في ذلك سريعاً بنحو كلي أو جزئي فلم يبق أمامنا إلا العمل على مبدأ قبولهم والتعايش معهم، ولا أظن أن أحداً منّا يلتفت إلى هذه المعادلة الواقعية في الطبع البشري وتبقى أعصابه شديدة التوتر، أو يئن من وطأة النزاعات مع الآخرين
تعليق