إذا أردنا أن نستنبط روح النص وجماليته لا بد أن نلج عمق اغوار نص الكاتبة ضحى علي، النص له مقدمة: (نهرواني مملوك لامرأة أسدية/ سما واقام على اسم الله ومات على اسمه تجلى ).
وكأننا ندخل القراءة الأولى هي قراءة الملخص الحياتي وبعدها تعمل على التأمل في قراءات النص المفتوح والدلالات التي صاغت الحدث الجمالي سرد حكاية مجاهد بلغة الادب لتحريك المساعي العاطفية والنفسية أي ان النص مؤسس لربط المساحة الفكرية باللغة التعبيرية, وكشف منابع تكوين الشخصية، الحكاية مروية ومعروفة ومعرفة لكن خصوصية الكتابة ومحمولاتها الفكرية صاغت القص بتأثيث جديد بظواهر اسلوبية لافتة للانتباه، قسمت النص الى قراءات وكل قراءة لها بنيتها الدلالية بعد القراءة الأولى ملخص الحكاية نقف عند القراءة الثانية منهل العتق يسلط الضوء على نقطة حساسة في الحكاية التاريخية بإيجاز شديد:
(تملكه دليل السماوات/ عتقه فقربه/ يا ميثم انت منه بمنزلة شمعون من عيسى)
تكشف الكاتبة عن تمكن، فهي التي تروي الحكاية بضمير الغائب, تأخذ القراءة الثانية مفهوم الوعي الذي تجلى في بناء شخصية قدمت لهذا الثراء مقدمات لتهيئة الجو النفسي (المستودع للأسرار رجل فذ) لتعكس بمفهوم استباقي قضية الوعي في مشهد غدير خم (وجه نظرة الى ثلة بخبخوا وسيغدرون) وأضافت بسردها الرأي فهي ترى ان الغدير لم يكن بداية عهد جديد بل كان منطلقًا للثورة.
في القراءة الثالثة كانت النبوءة نبوءة مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) دلالة على مأساوية استنباطية لحدث باعتبارها نبوءة امام معصوم ثم تعمق الحالة الشعورية في رصد بنية هذه النبوءة:
(كيف انت يا ميثم اذا دعاك بنو امية للبراءة مني؟) نتأمل في استمرارية الاستباقية ودلالاتها وسعة التأثير الوجداني (أنا لا أبرأ منك)
:ــ (ستُقتل وتصلب على جذع هذه النخلة يا ميثم، ولن تموت حتى يقطع لسانك)، التحول نحو المصير بإصرار المجاهدة, يشيع أجواء شعورية.
وفي القراءة الرابعة (الإصرار) استعمال الأفعال المضارعة التي هي امتداد لأواصر النبوءة: تشبث جذعها/ يحمل لها غذاءها/ والله لأصلب. ولتترك المشهد إلا ونستلهم الفعل الدلالي من عملية التواصل الاستباقي مع الموت، عندما تسمو الغاية ويعلو به لهدف) هذا حال والحال الثانية (لا وطن له سوى السماء).
وفي القراءة الخامسة قدمت ضحى علي ورقة المفاهيم نبوءة أخرى بقتل الحسين واتخاذ أعداء الله بذلك اليوم يوم بركة سيزعمون انه اليوم الذي تاب فيه على آدم.
هذه الورقة تفتح امامنا قضايا عدة: الأولى نبوءة ميثم التمار ومفهومه الاستباقي احد مكونات استباقيات الامام المعصوم فهو خريج مدرسته وما نراه اليوم عند العرب في تونس، والجزائر، والمغرب، ومصر وبعض الدول الأخرى يحتفلون بعيد عاشوراء.
والقضية الثانية: إن مقتل ميثم التمار قريب زمانيا من واقعة الطف يعدها بعض المؤرخين بسبعة وثلاثين يوما ولهذا هو التقى المختار الثقفي في السجن وهذا يدل على القضية الثالثة التصفية الجسدية لأهل الولاء الحسيني، فقد تمت تصفية الرموز المهمة كمرتكز لاستقبال النهضة قتل واجهاض الاستجابة الجماهيرية.
وفي القراءة السادسة كانت قراءة الحكمة فهي كتبت (تربية المرء لروحه خير من تربية الجسد) وكتبت (كم من ذي معدن نفيس لم ينق فلم تظهر أنفاسه، وكم من ذي معدن خبيث لم تنفعه تربية جسده فظهر للناس نتونته).
وفي القراءة السابعة ينابيع الحضور نبوءة ميثم التمار (يا غلام بني ثقيف انك تفلت فتخرج ثائرًا بدم الحسين (عليه السلام) فتقتل هذا الجبار).
وفي القراءة الثامنة قراءة القتل الميثمي المبارك:
: ــ علي علمنا ان نوقد نار الثورة
:ــ انصروا الحسين ولا تخذلوه فهو سيقتل في العاشر من محرم
الشهداء يتجددون الشهداء قادمون
للكاتبة المبدعة ضحى علي:
انت كاتبة راقية بمستوى نتأمله بغد الابداع.