ألفاظ قليلة تحتوي إحساسات المخيلة تُصاغ بشكل مؤثر يعبر عن مشهد أو موقف أو لحظة زمنية معتمدة على مبدأ الاقتصاد وعوامل التحول الفكري والفني ومتطلبات الحياة.
ومن كاتباتنا المتميزات في صدى الروضتين ممن يكتبن هذا النط التعبيري الكاتبة إيمان صاحب، فنقرأ لها:
(كل طفل حين يبكي يواسي رضيع الحسين (ع))
تتسم الومضة بالسمات العامة للقصيدة الحديثة فهي تسعى للتفرد وتنال خصوصيتها, وأهم مميزاتها عدم المباشرة وامتلاكها سمات الابداع بالصورة واللغة والفكرة:
(ليس بالقربة بل بأحشائي كان السهم).
هذه الومضات الحسينية معدة لتجسيد حيثيات واقعة الطف المعلومة أحداثها وتفاصيلها لذاكرة المتلقي، فهو يعرف أي قربة نعني وأي سهم .
والمشكلة أن أغلب النقاد يشخصون تأثرها بالأدب الأوربي، بعضهم يرحلها الى (الهايكو) الياباني حتى صار الشاعر يسمي ابداعاته بـ(الهايكو) والانجليز لهم باع طويل في فن القصير, بينما الادب العربي يزخر بالومضة والتوقيعة واللمحة، وقصار الكلمات عند الامام علي وائمة الخير (عليهم السلام) تشهد لهم بمرجعية الومضة:
(كان اذا صلى مولاي الامام زين العابدين (ع)
يتقد على سجادته الخشوع)
بعضهم اعتبرها قصيدة قصيرة جدا من نوع العالية التركيز وكثافة التوتر عصبها المفارقة والايحاء والانزياح والترميز ولها قفلة متقنة تحكمها الوحدة العضوية تشبه ومضة البرق:
(عباءة طفلة بين الخيام كسر لها الرماد خاطرًا وأمان)
وتسمى النثيرة والومضة أي أشار إشارة خفيفة, وفيها شيء من الاشراق والتوهج وخلق الاندهاشية والتشويق والشفافية والغموض الفني والتكثيف.
(البلاغة هي الايجاز)
وخير الكلام ما قلّ ودلّ، ويقال عن الومضة البرقية تنفذ الى الذاكرة مستخلصة من حالة شعورية او معرفية عميقة:
(أرى بعيون الصغار دموع الرضيع عطش)
استطاعت الشاعرة ايمان صاحب ان تستثمر رموز الطف العاشورائي بوعي شعري له القدرة على الاختزال:
(كل صباح تشرق في السماء قبة الحسين (ع))
تجمع اغلب صورها الشعرية بين المعمى الحسي والمعنى الذهني فتشتمل الصور على العمق والسطح المفهوم والادراك.
أسماء كثيرة أطلقوها على قصيدة الومضة مثل: القصيدة المضغوطة، قصيدة الكتلة، والقصيدة المركزة والمكثفة؛ لأنها في غاية الايجاز وقصيدة الدفقة، وهي اقرب الأسماء التي تعبر عن قصائد ايمان صاحب، والدفقة يعني أنها تتدفق من باطن المشاعر الى الورقة:
(حين هوى العباس بلا كفين عانقته السماء)
وسميت الومضة أيضًا قصيدة اللمحة والمفارقة وقصيدة النص الشعري وقصيدة اللافتة التي رُسمت بريشة شاعر والقصيدة اللاقطة؛ لأن الشاعر يلتقطها بين أفكار مختلفة:
(بساق واحدة من ضوء تصل الراية قبة الحسين)
وتسمى قصيدة الصورة فهي من صور الفكر وتصوير ظواهر العالم كما يصفها النقاد، والقصيدة الفكرة؛ لأنها نتيجة فكرة واحدة في ذهن الشاعر وكتابتها موجزة لتلك الفكرة والقصيدة الخاطرة؛ لأنها تخطر ببال الشاعر في لحظة واعية او غير واعية:
(لماذا القماط ابيض؟
ابيضت عيناه على فقد الرضيع يوم الطفوف)
وتسمى الومضة بالقصيدة العنقودية والقصيدة اليومية والشذرات والنصوص الفلاشية والاشراقية الشعرية؛ لأنها كاشفة تسطع وتشرق من ذهن الشاعر:
(على طريق كربلاء، رفرف قلبي راية نصرة تنادي لبيك يا حسين)
قصيدة الومضة محبوبة ومرغوبة ومقربة؛ كونها لا تحمل الحشو والزوائد وانما تذهب لغرض المنشور ومعظم هذه التسميات قدمها الناقد عز الدين المناصرة اشتقها من مفهوم التوقيعات النثرية العباسية، وكل التسميات تليق بما تكتب ايمان، ويبقى الاجمل قصيدة الدفقة .