نقيضان لا يجتمعان في الأصل، إلا أنهما قد اجتمعا في واقعنا لظروف شتى، قد تكون غامضة.
كثير منا يعيش مع نفسه سياسة الكاريزما المغشوشة، أو القناع المزيف، سياسة الوزن بميزانين، والكيل بمكيالين، نتعامل بوجهين مختلفين.
نجامل على حساب الحق، نخفي شيئًا، ونعلن آخر.
أقوالنا مخالفة لأفعالنا وفطرتنا، نعامل الناس بطريقة لا نحب أن يعاملونا بها. نفقد الشفافية والصراحة مع أنفسنا والآخرين. نعشق المجاملة والكتمان والتخبط والتفريط، ونبتعد عن منهج التطبيق لأسباب شتى، قد تكون حياءً وخجلًا من الواقع الذي نعيشه، أو حفاظًا على الوجاهة الاجتماعية بين الناس أو رضاهم.
وقد تكون رياءً أو تفاخرًا وتباهيًا، وهذا الشيء قد أصبح جزءًا من سلوكنا اليومي، نقوم به دون تأنيب ضمير، أو شعور بذنب.
مثل ذلك الرجل الذي يعامل ابنه غير معاملة ابنته، يعطيه حجمًا وقيمة أكبر؛ كونه هو الأولى السائد في مجتمعنا.
أو تلك المرأة التي تعامل ابنتها غير معاملة زوجة ابنها، وتفضلها عليها.
أو ذلك الرجل الذي يريد شراء قماش، فيكيله بشكل منحنٍ، أما اذا باعه فهو يشده حتى يتمزق.
وكثيرة هي الأمثلة الذميمة المتناقضة التي من اتصف بها غوى وهوى، وفقد قيمته ومصداقيته، ولم يبقَ إلا الشيطان يتلقفه، وسقط من عين الله، ولئن سقط من السماء الى الأرض أهون من أن يسقط من عين الله.
فالله تعالى برمجنا على كمال أمرنا به، أمرنا أن نكون صادقين، وأن نضعه تعالى نصب أعيننا، نرعى العهد الذي أمرنا به؛ لكي نصلح أنفسنا.
فإن تصالحنا مع أنفسنا، وفعلنا الكمال، لوجدنا أنفسنا قد استراحت راحة نفسية لو وزعت على بلاد لاكتفت بها، ولتحاشينا السقوط من عينه تعالى: «... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ». [سورة التوبة، آية: 119].