مجلة الموعود -الشيخ عمار البغدادي
مقدمة:
لا نبالغ إذا قلنا إنه ما من شيء يثير فضول الإنسان ورغبته كما يثيره ويغريه معرفة ما يخفيه عنه المستقبل ولأجله صار يتوسل بكل الوسائل والسبل للكشف عنه والتعرف عليه، ولو عن طريق الكهانة أو التنجيم لعلمه أن عبور الإدراك والوعي الإنساني إلى ضفة الزمان الأخرى، واستشراف ما يحمله من مفاجئات سوف يوفر ويدرّ عليه الكثير وينبهه إلى ما يخشاه ويحذر منه مما لم يكن في حسبانه وتوقعاته.
ومن هنا تأتي أهمية دراسة فلسفة التاريخ والسنن الاجتماعية الحاكمة في الأُمم أو الحضارات باعتبارها مفردة من مفردات نظام السببية المولدة والمنتجة للحدث في مستقبل حياة الإنسان ومصيره الذي ينتظره.
ولعل إشكالية الإرادة الحرة قد تطفو على السطح بين تلك الأُمنية الكبيرة التي تحاول أن تتجاوز الحجاب الزماني الذي يغلف قادم الأيام وبين المقولة التي تذهب إلى أن القوانين والأقدار قاضية بمضامينها على مجريات الأمور، ومن هنا تنبثق جدلية حتمية التاريخ مع فكرة سلطة الإنسان ومدى تأثيره في مجمل الوقائع والقضايا المستقبلية.
فإن الإنسان إن كان حراً ومطلق السراح في رسم نهايته ومصيره اللامتعين، فما معنى أن نتحدث عما سيجري وما سيقع، وإن كان مقيداً لا حول له ولا قدرة، فما معنى أن نحثه على دراسة تلك النظم وتلك القوانين بعد عجزه عن إمكانية تغيير المواقف والتحولات.
وهذه الجدلية هي إحدى الأسباب التي قسمت المفكرين إلى فريقين وفي اتجاهين مختلفين:
١ - من يعتقد أن أحداث التاريخ ليست سوى سلسلة من المصادفات والاتفاقات الناشئة من فوضى الإنسان والتي لا تعود إلى قواعد كلية.
٢ - من يعتقد أن مسيرة التاريخ والمجتمع عابرة لاستقلالية الفرد وحريته ومحكومة لنظام السنن المقننة سلفاً.
وبين هذه الوجهة وتلك لا يخفى التباين والافتراق الكبير بين هاتين الفكرتين.
بطبيعة الحال ستكون نتيجة تلك الدراسة والمعرفة بحسب النظرية الأولى لا تتجاوز التسلية وتضييع الوقت بعد فقدها لكل عطاء تربوي أو ما يصلح للاستفادة منه في رسم ملامح المستقبل، بينما في مؤدى النظرية الثانية فإن للمجتمع الإنساني كينونة في أجزاء هذا العالم ويعود خاضعاً لقوانينه الكلية وقواعده العامة، وبذلك يصلح لأن يكون موضوعاً للدراسة والبحث وجديراً بأن يُستفاد منه ويُعتبر به.
وحتى لا نطيل في المقدمة أكثر مما نحتاج إليه في التمهيد لموضوع بحثنا الذي يتصل بحتمية اليوم الموعود وما يتحقق فيه من بسط العدل والحق على يد الإمام المنتظر (عجَّل الله فرجه)، يطل علينا القرآن الكريم لإثبات حقيقتين ناصعتين يؤكد في الأولى منهما أن التاريخ والمجتمع الإنساني محكوم بنظام صارم ووفق قانون لا يقبل التغير والاستثناء، وبناء على هذه الرؤية فإن القرآن الكريم يرفض بشدة النظرة العبثية والاعتباطية التي قد يتوهمها البعض في مجاري الأحداث والظواهر التاريخية.
يقول تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً﴾ (فاطر: ٤٣).
وفي ذات هذا السياق الثابت يعود القرآن الكريم ليؤكد الحقيقة الثانية التي تؤشر إلى تأثير الإرادة الإنسانية والسلوك الإنساني في صناعة الحدث ووقوعه، يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الرعد: ١١).
وقد يبدو على ضوء هذين الثابتين أن مآلات الأحداث ونهاياتها لا تتجاوز القرار الإنساني فيما يريد أو ما لا يريد، وهو الأمر الذي يأباه القرآن الكريم حينما يؤكد في عدة آيات قرآنية أن وقائع المستقبل ليست على نمط واحد أو حقيقة واحدة، فمنها ما يعود محضاً للإرادة الإلهية ومشيئته الحاسمة لا يشترك معها أحد في صياغتها وتكوينها، ومنها ما يعود إلى الإنسان وإرادته ليصبح الأمر بعد ذلك أشبه بالفكرة التي تنتهي إلى كون الإنسان مجبوراً في جهة ومفوضاً إليه في جهة أخرى، وهو الشرح الذي قد يعتمده البعض في فهم ما ورد عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) في قولهم: «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين»(١).
وهو ما نرفضه ونعجز عن اقتناصه ورصده من الحديث السابق والذي ظاهره النفي للجبر والتفويض على كلا المستويين لا أنه يؤكد على إثباتهما وإرسائهما سوية وإنما الذي نفهمه من الحديث أنه بصدد الرفض لكلا الفكرتين لما يترتب على كل منهما محذور عقائدي لا ينسجم مع العقيدة الإسلامية وعمقها المعرفي.
فإن عنوان التفويض إن كان يتعارض مع حاكميته تعالى وسلطنته على خلقه فإن الجبر هو الآخر يتنافى مع عدله ورحمته تعالى، ولذا نجد أنفسنا غير منسجمين مع الفهم السابق الذي يستهدف الإثبات لهذين العنوانين جميعاً ولو بشكل جزئي ليمزج بينهما خلطة وتوليفة تحفظ شيئاً من السلطة الإلهية هنا، وشيئاً من الحرية الإنسانية هناك.
ولذلك نقدم رؤية مغايرة لما تقدم من خلال المقاربة التي نميل إليها في بيان معنى الحديث تقوم على أساس إثبات الإرادة الإنسانية وحريتها فيما قررته المشيئة الإلهية وإرادته لها، ولكن لا على نحو التفويض وإطلاق السراح بل في ضمن الأقدار والسنن التي انبثقت عن أسماء الله تعالى وصفاته الحسنى، فالإنسان على كل حال يبقى حراً بقرار إلهي لا بقرار منه، وحركته التاريخية لا تخرج أيضاً عن هذا المعنى لأنه محكوم في مسارات واتجاهات رسمتها السماء سلفاً لا يستطيع دفعها وتغييرها، يقول تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ﴾ (الانشقاق: ٦)، ويقول تعالى: ﴿وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ المُنْتَهى﴾ (النجم: ٤٢).
ومن ضمن تلك المسارات والنهايات هو ما أكدته عدة من الآيات القرآنية الكريمة التي نصَّت على أن نهاية التاريخ سوف تتوقف عند المصير المحتوم بانتصار الحق ودحض الباطل إلى غير رجعة لتستند تلك الحقيقة المستقبلية على محض الإرادة الإلهية في اتخاذ ذلك القرار وذلك الثابت.
يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: ٣٣؛ الصف: ٩).
ويقول عز من قائل: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (الأنبياء: ١٠٥).
وهو ذات المعنى الذي أكدته روايات أهل البيت (عليهم السلام) وما استفاضت به أحاديثهم الشريفة، فقد ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «والذي بعثني بالحق نبيا لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنوره ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب»(٢).
وكذلك ما رواه النعماني في غيبته عن داود بن أبي القاسم، قال: كنا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليهما السلام) فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): هل يبدو لله في المحتوم؟ قال: «نعم»، قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم، قال: «القائم من الميعاد»(٣).
ولا أوضح من حتمية هذا اليوم بعد توصيفه من قبل الإمام الباقر (عليه السلام) بكونه من الميعاد الذي لا يعرضه البداء ضرورة ﴿إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ المِيعادَ﴾ (آل عمران: ٩؛ الرعد: ٣١)، ليدلل بعد ذلك على أن القرار في ذلك يعود حصراً للإرادة الإلهية فيما شاءته وحكمت به.
وأمّا العلة في ذلك والسبب فيه، فله بحث آخر لعلنا نتطرق إليه في دراسة قادمة إذا وفقنا الله تعالى لذلك.
مقدمة:
لا نبالغ إذا قلنا إنه ما من شيء يثير فضول الإنسان ورغبته كما يثيره ويغريه معرفة ما يخفيه عنه المستقبل ولأجله صار يتوسل بكل الوسائل والسبل للكشف عنه والتعرف عليه، ولو عن طريق الكهانة أو التنجيم لعلمه أن عبور الإدراك والوعي الإنساني إلى ضفة الزمان الأخرى، واستشراف ما يحمله من مفاجئات سوف يوفر ويدرّ عليه الكثير وينبهه إلى ما يخشاه ويحذر منه مما لم يكن في حسبانه وتوقعاته.
ومن هنا تأتي أهمية دراسة فلسفة التاريخ والسنن الاجتماعية الحاكمة في الأُمم أو الحضارات باعتبارها مفردة من مفردات نظام السببية المولدة والمنتجة للحدث في مستقبل حياة الإنسان ومصيره الذي ينتظره.
ولعل إشكالية الإرادة الحرة قد تطفو على السطح بين تلك الأُمنية الكبيرة التي تحاول أن تتجاوز الحجاب الزماني الذي يغلف قادم الأيام وبين المقولة التي تذهب إلى أن القوانين والأقدار قاضية بمضامينها على مجريات الأمور، ومن هنا تنبثق جدلية حتمية التاريخ مع فكرة سلطة الإنسان ومدى تأثيره في مجمل الوقائع والقضايا المستقبلية.
فإن الإنسان إن كان حراً ومطلق السراح في رسم نهايته ومصيره اللامتعين، فما معنى أن نتحدث عما سيجري وما سيقع، وإن كان مقيداً لا حول له ولا قدرة، فما معنى أن نحثه على دراسة تلك النظم وتلك القوانين بعد عجزه عن إمكانية تغيير المواقف والتحولات.
وهذه الجدلية هي إحدى الأسباب التي قسمت المفكرين إلى فريقين وفي اتجاهين مختلفين:
١ - من يعتقد أن أحداث التاريخ ليست سوى سلسلة من المصادفات والاتفاقات الناشئة من فوضى الإنسان والتي لا تعود إلى قواعد كلية.
٢ - من يعتقد أن مسيرة التاريخ والمجتمع عابرة لاستقلالية الفرد وحريته ومحكومة لنظام السنن المقننة سلفاً.
وبين هذه الوجهة وتلك لا يخفى التباين والافتراق الكبير بين هاتين الفكرتين.
بطبيعة الحال ستكون نتيجة تلك الدراسة والمعرفة بحسب النظرية الأولى لا تتجاوز التسلية وتضييع الوقت بعد فقدها لكل عطاء تربوي أو ما يصلح للاستفادة منه في رسم ملامح المستقبل، بينما في مؤدى النظرية الثانية فإن للمجتمع الإنساني كينونة في أجزاء هذا العالم ويعود خاضعاً لقوانينه الكلية وقواعده العامة، وبذلك يصلح لأن يكون موضوعاً للدراسة والبحث وجديراً بأن يُستفاد منه ويُعتبر به.
وحتى لا نطيل في المقدمة أكثر مما نحتاج إليه في التمهيد لموضوع بحثنا الذي يتصل بحتمية اليوم الموعود وما يتحقق فيه من بسط العدل والحق على يد الإمام المنتظر (عجَّل الله فرجه)، يطل علينا القرآن الكريم لإثبات حقيقتين ناصعتين يؤكد في الأولى منهما أن التاريخ والمجتمع الإنساني محكوم بنظام صارم ووفق قانون لا يقبل التغير والاستثناء، وبناء على هذه الرؤية فإن القرآن الكريم يرفض بشدة النظرة العبثية والاعتباطية التي قد يتوهمها البعض في مجاري الأحداث والظواهر التاريخية.
يقول تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً﴾ (فاطر: ٤٣).
وفي ذات هذا السياق الثابت يعود القرآن الكريم ليؤكد الحقيقة الثانية التي تؤشر إلى تأثير الإرادة الإنسانية والسلوك الإنساني في صناعة الحدث ووقوعه، يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الرعد: ١١).
وقد يبدو على ضوء هذين الثابتين أن مآلات الأحداث ونهاياتها لا تتجاوز القرار الإنساني فيما يريد أو ما لا يريد، وهو الأمر الذي يأباه القرآن الكريم حينما يؤكد في عدة آيات قرآنية أن وقائع المستقبل ليست على نمط واحد أو حقيقة واحدة، فمنها ما يعود محضاً للإرادة الإلهية ومشيئته الحاسمة لا يشترك معها أحد في صياغتها وتكوينها، ومنها ما يعود إلى الإنسان وإرادته ليصبح الأمر بعد ذلك أشبه بالفكرة التي تنتهي إلى كون الإنسان مجبوراً في جهة ومفوضاً إليه في جهة أخرى، وهو الشرح الذي قد يعتمده البعض في فهم ما ورد عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) في قولهم: «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين»(١).
وهو ما نرفضه ونعجز عن اقتناصه ورصده من الحديث السابق والذي ظاهره النفي للجبر والتفويض على كلا المستويين لا أنه يؤكد على إثباتهما وإرسائهما سوية وإنما الذي نفهمه من الحديث أنه بصدد الرفض لكلا الفكرتين لما يترتب على كل منهما محذور عقائدي لا ينسجم مع العقيدة الإسلامية وعمقها المعرفي.
فإن عنوان التفويض إن كان يتعارض مع حاكميته تعالى وسلطنته على خلقه فإن الجبر هو الآخر يتنافى مع عدله ورحمته تعالى، ولذا نجد أنفسنا غير منسجمين مع الفهم السابق الذي يستهدف الإثبات لهذين العنوانين جميعاً ولو بشكل جزئي ليمزج بينهما خلطة وتوليفة تحفظ شيئاً من السلطة الإلهية هنا، وشيئاً من الحرية الإنسانية هناك.
ولذلك نقدم رؤية مغايرة لما تقدم من خلال المقاربة التي نميل إليها في بيان معنى الحديث تقوم على أساس إثبات الإرادة الإنسانية وحريتها فيما قررته المشيئة الإلهية وإرادته لها، ولكن لا على نحو التفويض وإطلاق السراح بل في ضمن الأقدار والسنن التي انبثقت عن أسماء الله تعالى وصفاته الحسنى، فالإنسان على كل حال يبقى حراً بقرار إلهي لا بقرار منه، وحركته التاريخية لا تخرج أيضاً عن هذا المعنى لأنه محكوم في مسارات واتجاهات رسمتها السماء سلفاً لا يستطيع دفعها وتغييرها، يقول تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ﴾ (الانشقاق: ٦)، ويقول تعالى: ﴿وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ المُنْتَهى﴾ (النجم: ٤٢).
ومن ضمن تلك المسارات والنهايات هو ما أكدته عدة من الآيات القرآنية الكريمة التي نصَّت على أن نهاية التاريخ سوف تتوقف عند المصير المحتوم بانتصار الحق ودحض الباطل إلى غير رجعة لتستند تلك الحقيقة المستقبلية على محض الإرادة الإلهية في اتخاذ ذلك القرار وذلك الثابت.
يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: ٣٣؛ الصف: ٩).
ويقول عز من قائل: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (الأنبياء: ١٠٥).
وهو ذات المعنى الذي أكدته روايات أهل البيت (عليهم السلام) وما استفاضت به أحاديثهم الشريفة، فقد ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «والذي بعثني بالحق نبيا لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنوره ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب»(٢).
وكذلك ما رواه النعماني في غيبته عن داود بن أبي القاسم، قال: كنا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليهما السلام) فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): هل يبدو لله في المحتوم؟ قال: «نعم»، قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم، قال: «القائم من الميعاد»(٣).
ولا أوضح من حتمية هذا اليوم بعد توصيفه من قبل الإمام الباقر (عليه السلام) بكونه من الميعاد الذي لا يعرضه البداء ضرورة ﴿إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ المِيعادَ﴾ (آل عمران: ٩؛ الرعد: ٣١)، ليدلل بعد ذلك على أن القرار في ذلك يعود حصراً للإرادة الإلهية فيما شاءته وحكمت به.
وأمّا العلة في ذلك والسبب فيه، فله بحث آخر لعلنا نتطرق إليه في دراسة قادمة إذا وفقنا الله تعالى لذلك.
تعليق