بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على ظالميهم اجمعين
هذا جواب مركز الأبحاث من يحتج برسالة الإمام على الى معاوية
المقطع المشار إليه إنما هو مقطع من كتاب كان قد بعثه الامام أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى معاوية ، والمشار إليه سابقاً، فقد تحدّث فيه الإمام (عليه السلام) وفق قاعدة الإلزام، وهي القاعدة الّتي تستعمل في مقام الاحتجاج على الخصوم وإلزامهم بما ألزموا به أنفسهم من قبل.. وبداية هذا الكتاب قوله (عليه السلام) : (( أما بعد .. فإنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوا عليه , فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد , وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار..))
ومعنى قوله (عليه السلام) : إن كان معاوية يرى صحّة خلافة الّذين سبقوا الإمام (عليه السلام) وأنّ المسلمين قد بايعوهم، فما يكون لمعاوية بعد هذا إلاّ الانصياع للأمر الّذي ألزم به نفسه ويبايع للإمام (عليه السلام) ; لأنّه قد بايع الإمام (عليه السلام) القوم الّذين بايعوا السابقين عليه، وإلاّ فيكون ممّن اتّبع هواه فتردّى، الأمر الّذي أشار إليه الإمام (عليه السلام) في نهاية رسالته إليه: ولعمري يا معاوية! لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ الناس من دم عثمان، ولتعلمنّ أنّي كنت في عزلة عنه إلاّ أن تتجنّى ; فتجـنَّ ما بدا لك!
وكلامه (عليه السلام) هنا إنّما جرى وفق مقتضى الحال، وحسب القواعد البلاغية الّتي تلزم الإتيان للمنكِر بكلّ الوسائل الممكنة للإثبات، وقاعدة الإلزام هنا هي إحدى الوسائل النافعة في المقام، بل وجدنا مَن يذكر هذا الإلزام الّذي أشرنا إليه هنا، بصريح العبارة عنه (عليه السلام)..
قال الخوارزمي الحنفي في كتابه المناقب: ومن كتب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قبل نهضته إلى صِـفّين، إلى معاوية ; لأخذ الحجّة عليه: أمّا بعد.. فإنّه لزمتك بيعتي بالمدينة وأنت بالشام ; لأنّه بايعني القوم الّذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوا عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يردّ... إلى قوله: ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لَتجدني أبرأ قريش من دم عثمان، واعلم إنّك من الطلقاء الّذين لا تحلّ لهم الخلافة.
فقوله (عليه السلام): (( وإنّما الشورى للمهاجرين والأنصار... ))، بمعنى: إن كنت يا معاوية لا ترى الخلافة بالنصّ الإلهي، وإنّها تتمّ عندك بالاختيار واجتماع أهل الحلّ والعقد، فأمرها لا يعدو المهاجرين والأنصار، فهم أهل الشـورى، وها هم قد بايعوني كما بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان من قبل، فما كان لك يا معاوية أن تردّ هذه البيعة أو تحتال عليها بأي حال.
وقوله (عليه السلام): (( فإن اجتمعوا على رجل وسمّوه إماماً، كان ذلك لله رضا... )) يشـتمل على دلالة لطيفة، وهو أقـرب للتعريـض منه بالإقرار ; فمن المعلوم أنّه قد ناهض الخلفاء الثلاثة الّذين سبقوه (عليه السلام) جمع كبير من المهاجرين والأنصار، كما هو الثابت تاريخياً.
ويشير (عليه السلام) إلى أنّه الوحيد الذي اجتمع عليه المهاجرون والأنصار بأغلبية غالبة في المدينة، وقد قال (عليه السلام) يصف هذه الحال في خطبة له: فما راعني إلاّ والناس كعرف الضبع إليَّ ينثالون علَيّ من كلّ جانب حتّى لقد وطئ الحسنان، وشُـقّ عطفاي، مجتمعين حولي كربيضـة الغنم.
ويقول (عليه السلام) في مقام آخر: وبسطتم يدي فكففتها، ومددتموها فقبضـتها، ثمّ تداككتم علَيّ تداك الإبل الهيم على حياضـها يوم ورودها، حتّى انقطعت النعل وسقط الرداء ووطئ الضعيف، وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير، وهدج إليها الكبير، وتحامل نحوها العليل، وحسـرت إليها الكعاب.
قال أبو جعفر الاسكافي المعتزلي ـ المتوفّى سنة 220 هـ ـ: فلمّا قُتل عثمان تداك الناس على عليّ بن أبي طالب بالرغبة والطلب له بعد أن أتوا مسـجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحضـر المهاجرون والأنصار وأجمع رأيهم على عليّ بن أبي طالب بالإجماع منهم أنّه أوْلى بها من غيره، وأنّه لا نظير له في زمانه، فقاموا إليه حتّى استخرجوه من منزله، وقالوا له: أبسط يدك نبايعك. فقبضها ومدّوها، ولمّا رأى تداكهم عليه واجتماعهم، قال: لا أُبايعكم إلاّ في مسـجد النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ظاهراً، فإن كرهني قوم لم أُبايع، فأتى المسـجد وخرج الناس إلى المسـجد، ونادى مناديه.
فيروى عن ابن عبّـاس أنّه قال: إنّي والله لمتخوّف أن يتكلّم بعض السفهاء، أو مَن قتل عليّ أباه أو أخاه في مغازي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فيقول: لا حاجة لنا بعليّ بن أبي طالب، فيمتنع عن البيعة.
قال: فلم يتكلّم أحد إلاّ بالتسليم والرضا.
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على ظالميهم اجمعين
هذا جواب مركز الأبحاث من يحتج برسالة الإمام على الى معاوية
المقطع المشار إليه إنما هو مقطع من كتاب كان قد بعثه الامام أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى معاوية ، والمشار إليه سابقاً، فقد تحدّث فيه الإمام (عليه السلام) وفق قاعدة الإلزام، وهي القاعدة الّتي تستعمل في مقام الاحتجاج على الخصوم وإلزامهم بما ألزموا به أنفسهم من قبل.. وبداية هذا الكتاب قوله (عليه السلام) : (( أما بعد .. فإنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوا عليه , فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد , وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار..))
ومعنى قوله (عليه السلام) : إن كان معاوية يرى صحّة خلافة الّذين سبقوا الإمام (عليه السلام) وأنّ المسلمين قد بايعوهم، فما يكون لمعاوية بعد هذا إلاّ الانصياع للأمر الّذي ألزم به نفسه ويبايع للإمام (عليه السلام) ; لأنّه قد بايع الإمام (عليه السلام) القوم الّذين بايعوا السابقين عليه، وإلاّ فيكون ممّن اتّبع هواه فتردّى، الأمر الّذي أشار إليه الإمام (عليه السلام) في نهاية رسالته إليه: ولعمري يا معاوية! لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ الناس من دم عثمان، ولتعلمنّ أنّي كنت في عزلة عنه إلاّ أن تتجنّى ; فتجـنَّ ما بدا لك!
وكلامه (عليه السلام) هنا إنّما جرى وفق مقتضى الحال، وحسب القواعد البلاغية الّتي تلزم الإتيان للمنكِر بكلّ الوسائل الممكنة للإثبات، وقاعدة الإلزام هنا هي إحدى الوسائل النافعة في المقام، بل وجدنا مَن يذكر هذا الإلزام الّذي أشرنا إليه هنا، بصريح العبارة عنه (عليه السلام)..
قال الخوارزمي الحنفي في كتابه المناقب: ومن كتب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قبل نهضته إلى صِـفّين، إلى معاوية ; لأخذ الحجّة عليه: أمّا بعد.. فإنّه لزمتك بيعتي بالمدينة وأنت بالشام ; لأنّه بايعني القوم الّذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوا عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يردّ... إلى قوله: ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لَتجدني أبرأ قريش من دم عثمان، واعلم إنّك من الطلقاء الّذين لا تحلّ لهم الخلافة.
فقوله (عليه السلام): (( وإنّما الشورى للمهاجرين والأنصار... ))، بمعنى: إن كنت يا معاوية لا ترى الخلافة بالنصّ الإلهي، وإنّها تتمّ عندك بالاختيار واجتماع أهل الحلّ والعقد، فأمرها لا يعدو المهاجرين والأنصار، فهم أهل الشـورى، وها هم قد بايعوني كما بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان من قبل، فما كان لك يا معاوية أن تردّ هذه البيعة أو تحتال عليها بأي حال.
وقوله (عليه السلام): (( فإن اجتمعوا على رجل وسمّوه إماماً، كان ذلك لله رضا... )) يشـتمل على دلالة لطيفة، وهو أقـرب للتعريـض منه بالإقرار ; فمن المعلوم أنّه قد ناهض الخلفاء الثلاثة الّذين سبقوه (عليه السلام) جمع كبير من المهاجرين والأنصار، كما هو الثابت تاريخياً.
ويشير (عليه السلام) إلى أنّه الوحيد الذي اجتمع عليه المهاجرون والأنصار بأغلبية غالبة في المدينة، وقد قال (عليه السلام) يصف هذه الحال في خطبة له: فما راعني إلاّ والناس كعرف الضبع إليَّ ينثالون علَيّ من كلّ جانب حتّى لقد وطئ الحسنان، وشُـقّ عطفاي، مجتمعين حولي كربيضـة الغنم.
ويقول (عليه السلام) في مقام آخر: وبسطتم يدي فكففتها، ومددتموها فقبضـتها، ثمّ تداككتم علَيّ تداك الإبل الهيم على حياضـها يوم ورودها، حتّى انقطعت النعل وسقط الرداء ووطئ الضعيف، وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير، وهدج إليها الكبير، وتحامل نحوها العليل، وحسـرت إليها الكعاب.
قال أبو جعفر الاسكافي المعتزلي ـ المتوفّى سنة 220 هـ ـ: فلمّا قُتل عثمان تداك الناس على عليّ بن أبي طالب بالرغبة والطلب له بعد أن أتوا مسـجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحضـر المهاجرون والأنصار وأجمع رأيهم على عليّ بن أبي طالب بالإجماع منهم أنّه أوْلى بها من غيره، وأنّه لا نظير له في زمانه، فقاموا إليه حتّى استخرجوه من منزله، وقالوا له: أبسط يدك نبايعك. فقبضها ومدّوها، ولمّا رأى تداكهم عليه واجتماعهم، قال: لا أُبايعكم إلاّ في مسـجد النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ظاهراً، فإن كرهني قوم لم أُبايع، فأتى المسـجد وخرج الناس إلى المسـجد، ونادى مناديه.
فيروى عن ابن عبّـاس أنّه قال: إنّي والله لمتخوّف أن يتكلّم بعض السفهاء، أو مَن قتل عليّ أباه أو أخاه في مغازي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فيقول: لا حاجة لنا بعليّ بن أبي طالب، فيمتنع عن البيعة.
قال: فلم يتكلّم أحد إلاّ بالتسليم والرضا.
تعليق