يعد الإعلام السلطة الرابعة؛ لما يمتلكه من قدرة في إدارة الرأي العام وفق توجهات القائمين عليه،
وقد أطلق على عصرنا بعصر الإعلام
ولسان الحال أصدق من لسان المقال؛
بما شهدناه من كيفية التلاعب بالواقع تحت تأثير الإعلام الممنهج، ومع غياب الإعلام الهادف تتسع الفوهة، ويدوم الصراع، وتحت مصطلح حرية التعبير، والذي يعد امر مستحسن؛ لكن كل شيءً له حد،
وفي ظل مجتمعات يستغيث فيها البقاء، وينعدم فيها تقبل الآخر ما هو إلا دلالة لانعدام السلامة المجتمعية، صحة المجتمعات وأعلالها يقاس بمدى تقبلها للآخر، وما دواعي عدم التقبل الا بسبب الاختلاف في التوجهات، أو اختلاف عقائدي، ثم ينمو ليتحول الاختلاف إلى اختلاف مناطقي على مستوى المناطق، اي نحن نعيش في بيئة ولادة للتقاتل بسبب الاختلاف الذي يعززه الجهل، ويديمه تجار الحروب، ودعاة السلام، ولأن الأفكار هي مقدمة الافعال؛ سياسة إدارة الإعلام الممنهج من أجل الخراب والدمار المجتمعي ليست أمر سهل،
النفوذ إلى مجتمع معين والتأثير عليه يتطلب دراية بما يعانيه؛ اي جعل الإعلام أداة ناطقة بإسم الشعوب، ناقمة من القيل والقال، تبتغي تصحيح المسار، بعدها تطرح الرؤى معبرة عن الحال، مؤثرة بمن يمتلك القرار
ومن هذا المنطلق يعد برنامج الاتجاه المعاكس من أكثر البرامج شعبية منذ أكثر من عشرين عاما لا ينازعه زمان، والسبب يعود لأنه يقتص وقائع الحال ويشتكي الحال بالحال ويشعل فتيل النار،
وذلك لما تحمله تلك العكسيه المطوية في عنوانه القائمة على أن التقاء الطرفان محال مطلقا وانهما في صراع دائم من بداية البرنامج حتى النهاية، يشعل الرأي العام ويشغله بسلبيات الطرف الآخر،
بتناوله لأمور مجتمعية حساسة، تمثل طرفي التركيبة المجتمعية لكل من يمثل بلده اي قطبي الصراع من أجل الصراع،
والرابح فيه من أجاد الانتقاص من زميله المحاور، ولو على حساب الواقع، وذلك يعد بحد ذاته أمر مستقبح، اي ان المحل محل تشهير وليس محل استحكام للغة الواقع ودراسة الوقائع، وما يفعله المقدم من إعادة صياغة كلام الطرفين وتوجيه للآخر ما هو إلا قتل متعمد لأسلوب التقارب،سواء على مستوى الأشخاص أو على مستوى مجتمعي وذلك بطرحه للقضايا بطريقة المناورات الحربية وبما يفعل أو يساهم في خلق الموانع في طريق الوصول للحلول
وبما اننا نعيش ضمن بيئة يقودها الإعلام ويجالس أرضها الصراع فإي أحقية بعد لمن يفتعل المشاكل ليشاكل تحت مصطلح حرية التعبير، تقاد الجماهير، ويزداد النفير بين طرفي الصراع وتدوم العزلة ويموت الالتقاء فلا حل يعالج ما استشكل به الطرفان وكان سبب بافتراق
وعليه تتحقق قابلية الاستعمار كما عدها مالك بن نبي وكما قال :أن مناورات الاستعمار للانتقاص من أفكارنا؛ أعني افتقادها فعاليتها في البناء الاجتماعي هي الأكثر خداعا، وعلينا أن نعترف في الوقت نفسه بأنه لا يوجد في بلادنا آية رقابة من هذه المناورات
وتعقيبا لما ذكره بن نبي، اي ان جعل الإعلام أداة لتذكية الصراع، ووسيلة لأدامة الاختلاف بما يساهم في خلق تصور لدى المتلقي بإحقية ما اختلف عليه وايهاما له ببطلان الطرف الآخر وبالتالي قتل اي وسيلة للتقارب المجتمعي، والنتيجه فقدان السلم الأهلي والسلم المجتمعي.، اي سلب إلايجابية من أفكارنا
والقول بتناولنا لبرنامج الاتجاه المعاكس ،السلبيه التي تكمن فيه انه يختص بطرحه نقائض القضايا المجتمعية التي هي من مسببات الاختلاف، واختياره لنوعية الأشخاص الذين يجيدون لغة استلهاب الجماهير، وليس المحل فيه محل اجتماع لخلق قرار؛ بل الهدف هو الكشف عن الخلاف بين الطرفين وترسيخه في ذهنية المتلقي ، اي مواجهة الخصوم لأدامة الصراع حتى ولو على حساب العرف الصحفي، فينعكس الأمر على المتلقي ويحسب أن الحضور هم حقا يمثلون طرفي الصراع وعامة الناس، الحق يكون مااحقه الإعلام والسيد من تحكم بالاهل والدار.....