(نحن جيل لم نأبه لطرق باب المقدمات بل نمضي الى البدايات بطرق مختصرة )
بهذه المقدمة الواضحة المعالم تدخل الكاتبة رزنة صالح الى كتابها لاجلك انت ، تبرير ذكي يجعلنا نحن أيضا ندخل الى المعالجة الاسلوبية دون مقدمات الكتابة في عوالم التنمية البشرية ومتابعة قضايا المرأة لمزيج من الخيالية التي ترتقي الى عالم الواقع ومن الواقعية التي تشبه الخيال هذا الارتقاء ينفذ باساليب متمكنة للبحث في العمق الدلالي , الابعاد السردية التي تؤسس البناء الفني للكتاب , فيها الكثير من الغواية الاسلوبية الجاذبة بتنويعات مختلفة وجهت خطابها الى المرأة رغم تصريحها بعدم كتابة المقدمة، الا انها قدمت في كتابها بلغة استباقية مشرقة تعتمد على حرف الاستقبال (السين) أي نقل المضارع من الحال الى الزمن الواسع ويطلقون عليه حرف التنفيس ، تقول في مقدمتها (يوما ما ستتحرر اقدامنا من القيود/ ستعود الحياة / سنحيا الربيع / سيموت الوهم )
ومن اجل خلق نداوة سردية اعتمدت على بعض الأساليب المهمة ومنها الشعرية لنقل تجربتها المبدعة، لغة ذات تراكيب شعرية جميلة تبث الحياة في السردية وتمنحها نكهة شعورية مثل بندقية الأيام / بارودة اللوعة / تصفعها الخيبات ، مثل هذه التراكيب كثيرة وتكوّن أفكار متعددة مثل تمزقك الحرقة / ريح الحياة / حيطان بالية ،
المواضيع الإنسانية التي تكافح المظاهر السلبية وتبرز الجوانب الوجدانية للمرأة وتكثف شعوريا من خلال شعرية الجملة باظهار مخزونها الشعوري تمنحها الجمل الشعرية حيازة جمالية يفيض الكثير من التعبير عن المعنى لتحقق عنصر جمالي فهي تقول
(بالرغم من السعة التي تحوطني اختنق
او نقرأ / قد يكون حلمك نجمة والله يريد لك القمر /
وسعت الكاتبة الى توظيف مستويات عديدة لتوظيف البنية الفنية , السرد الوعظي مرتكز خطاب مباشر
(واعلمي بان الله نور على نور / هلمي اليه / ما انطفئ بريق عينيك )
ونقرا أيضا( الحياة تبحث عن ذلك الحيز المختبئ خلف وجنتيك)
وتستحضر في مساعيها الاسلوبية بعض النصوص القرانية كقوة بيانية دلالية موحية (استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر الله )
تشير الى بعض سلبيات الواقع وفعل التغيير من اهم الدوافع التي اغرتنا بالنظر في بنية الخطاب الشعري هي طريقة العمل قصة قد تكون متخيلة لكنها من الواقع ولكل قصة وقفة تعمل على تبسيط لغة القصة لكي تكون مفهومة وبعدها تاتي الوقفة وهي وعظية تعتمد على مرتكزات النهي لا تسأمي / لا تقعي / لا تبتلعك الحسرة
ولام النافية غير عاملة مثل لا اعلم كيف أقوم بمواساتك
الدلالات الفنية والفكرية وهذا التنوع بالاساليب يعكس لدنيا اللغة المسبوكة ،عمل فني قصصي لنقد الواقع وتصوير حالة المرأة فابطال النصوص نساء وبحالات متنوعة منها المراة المطلقة / والمراة المنبوذة / المراة المظلومة / الفقيرة / اليتيمة / المريضة
تمثيل جوهر الواقع ،المطلقة مع المجتمع والمطلقة مع البيت والمطلقة مع النفس ومع الانكسار
والاستفهام ابرز أدوات التخاطب حيث تستحضر الكاتبة الأفكار المتراكمة وتستفز القراءة عن طريق الاستفهام/ لماذا لا تزالين مستيقظة حتى الان؟/
ماذا يحدث لم كل هذا الصراخ ؟
والوصف ...وصف الموقف... وصف الحال (تقول شعوري بالوحدة يمزق خوالجي )
وكتابة الحكمة التي تكشف العلاقات الشخصية والتخاطب مثل (نحن لا ننسى الوجع يا صديقتي نحن فقط نعتاد العيش معه / كلما ارتفع رقم العمر بنا )
وفي سردية (عقارب الساعة ) نقرأ حكمة اجتماعية (مهما كانت اثقال الحياة على كتفي الانثى الا ان كلماتك اللطيفة تنسيها كل الاثقال وهذه السرديات الوعظية والحكمة ترد في الكتاب بعنوان الوقفات اغلب الوقفات نصائح معتمدة على أفعال النهي والامر وبعضها تنهل من القران حكمتها وكثرة استخدام ياءات النداء يا صديقتي / يا جميتلي/ يا ابنتي / يا ريحانتي هذه النداءات تستخدم للانتباه وسبب هذا التكرار يكمن في الغضب / الثورة ،وأدوات فنية في إدارة المعنى مثل المخاطبة ( نتمنى ان تتناولي وجبة من هذه الابجدية حتى لو كان بالصدفة ) وتكثر في عمليات التخاطب مفردة انت / انت من تصنعين قيمتك وليس الملابس الانيقة / وانت اجمل نجمة تضيء على وجه الأرض/ وهذه التنوعات الاسلوبية تدلنا على ان الكاتبة رزنة صالح متمكنة من ادواتها مبارك عليها هذا الجهد المميز.
&&&&