بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ
كان برنامج الصدّيقة الزهراء (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) بعد وفاة أبيها خاصّاً ، أبرز ما فيه التوديع والتأكيد ! توديعها لعليٍّ والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وأبرار الأمّة ، وتأكيدها قولاً وعملاً على ثوابت الإسلام أن تُغيَّر وتُبَدَّل ! خاصّة الترتيب الربّاني لنظام الحكم الذي نقضته قريش ، وإجراءاتهم التحريفيّة حول قبر النبي (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) !
لقد أصرت على مجالسها في النوح والندب على أبيها (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) ، في مسجده عند قبره ، وفي بيتها ، وفي والبقيع ، وفي أحُد ! فآتت المجالس ثمارها .
وكانت تزور قبر أبيها الحبيب (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) باستمرار وتبكي عنده ، ثمّ تقيم مجلس عزائه وندبه في البقيع ، وتزور عمّها حمزة رحمه الله والشهداء في أحُد كلّ اثنين وخميس ، فهذان اليومان عزيزان عليها ، كان يصومهما أبوها (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وتصومهما معه ، وفيهما تُعرض الأعمال على رسول الله (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وفيهما تفتح أبواب الجنّة. منتهى المطلب للعلّامة الحلّي ،ج 6 ،ص 614 .
عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ( عَاشَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) بَعْدَ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) خَمْسَةً وَ سَبْعِينَ يَوْماً لَمْ تُرَ كَاشِرَةً وَ لاَ ضَاحِكَةً تَأْتِي قُبُورَ اَلشُّهَدَاءِ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ مَرَّتَيْنِ اَلْإِثْنَيْنَ وَ اَلْخَمِيسَ ، فَتَقُولُ هَاهُنَا كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) ، وَ هَاهُنَا كَانَ اَلْمُشْرِكُونَ )، وسائل الشیعة ، ج14، ص356.
وَقَالَ اَلْكُلَيْنِيُّ وَ فِي رِوَايَةِ أَبَانٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : ( أَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي هُنَاكَ وَ تَدْعُو حَتَّى مَاتَتْ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ )،الكافي ،ج 3 ،ص228.
تقول بذلك صلوات الله عليها : من هاهنا وبهذه الدماء الطاهرة ، وأغلاها دماء بني هاشم ، وبهذه الجهود المتواصلة وأغلاها جهود بني هاشم ، جاء هذا الفتح ، وبُنِيَ هذا المجد ، الذي صادرته قريش ، واستحلّت حرق بيوتنا علينا ، طمعاً فيه !
فهذا هو أبي رسول الله (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) المؤسّس لهذه الأمّة ، والشاهد على أعمالها .
وهذا هو حمزة عمّي رحمه الله ، وزير النبي وناصره ، يثوي هنا شاهداً .
وذاك هو عليٌّ زوجي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وزير النبي ووصيّه ، الذي قام الإسلام على أكتافه ، يتجرّع الغصص من قريش إلى اليوم ، يقولون له بايع وإلّا قتلناك !
وذاك أخوه ابن عمّي جعفر رحمه الله يثوي شهيداً وشاهداً في مؤتة ، على مشارف القدس ، داخل مملكة الروم ! فأين كانت قريش وطلقاؤها ؟ !
أرادت فاطمة (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) أن تُفهم الأمّة أنّ ارتباطها برسول الله وعترته (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) ، والعيش في أجوائهم ، ضرورة لإيمانها ، وإلّا انحرفت بعيداً !
وأن حقّهم عليها أمواتاً كحقّهم أحياء ، وأن الإنتقاص من حقّهم والمنع من زيارة قبورهم للرجال والنساء ، بداية طريق قرشيّة ، لإبعاد الأمّة عنهم !
في كشف الإرتياب للسيّد الأمين ص 339 : « كانت تزور قبر عمّها حمزة في كلّ جمعة فتصلّي وتبكي عنده ... وابن تيميّة يقول لم يذكر أحد من أئمّة السلف أنّ الصلاة عند القبور وفي مشاهدها مستحبّة »!!
وفي كشف الإرتياب ص 379 : « ويظهر أنّ الوهابيّة بعدما أباحوا للنساء زيارة القبور في العام الماضي منعوهنّ منها في هذا العام ! فقد أخبرنا الحجّاج أنّ النساء منعت من الدخول إلى البقيع في هذا العام بدون استثناء ، وكأنّهم بنوا على هذا الإحتمال الضعيف الذي ذكره السندي وقال به صاحب المهذب والبيان من بقائهن تحت النهي ، فظهرت لهم صحّته هذا العام بعدما خفيت عنهم في العام الأول « يمحو الوهابيّة ما يشاؤن ويثبتون وعندهم أمّ الكتاب ».
لسنا نعارضهم في اجتهادهم أخطأوا فيه أم أصابوا ، ولكنّنا نسألهم ما الذي سوغ لهم حمل المسلمين على اتباع اجتهادهم المحتمل الخطأ والصواب ، بل هو إلى الخطأ أقرب لمخالفته لما قطع به الجمهور ولم يقل به إلّا الشاذّ كما سمعت ! والأمور الإجتهاديّة لا يجوز المعارضة فيها كما بيناه في المقدّمات !
وما بالهم يسلبون المسلمين حريّة مذاهبهم في الأمور الإجتهاديّة ، ويحملونهم على اتباع معتقداتهم فيها بالسوط والسيف .
ابتكرت الزهراء المهديّة من ربّها ، المعصومة بلطفه (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) ، عملاً بسيطاً ، لكنّه بليغ لربط الأمّة بالنبي وآله (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) ، فاتّخذت من تربة قبر حمزة سبحة من أربع وثلاثين حبّة ، لكي تَعُدَّ بها تسبيحها لربّها بعد كلّ صلاة !
تقول بذلك للأمّة لقد علمكم رسول الله (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) كيف تذكرون الله تعالى ذكراً كثيراً بعد صلواتكم ، فتكبروا الله أربعاً وثلاثين مرّة ، وتحمدوه ثلاثاً وثلاثين ، ويسبحوه ثلاثاً وثلاثين ، وسمّى هذا التسبيح باسمي تسبيح فاطمة ، لكي تذكروني ولا تنسوني ، كما سمّى صلاة جعفر باسمه لكي تذكروه ولا تنسوه ، وها أنا أتّخذ سبحة من تربة قبر عمّي حمزة رحمه الله ، لكي تذكروه فلا تنسوه ، حتّى يستشهد ولدي الحسين ، فتتّخذوا سبحة من تربته ولا تنسوه !
فعَنْ الإمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ: ( مَنْ سَبَّحَ بِسُبْحَةٍ مِنْ طِينِ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) تَسْبِيحَةً كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ أَرْبَعَمِائَةِ حَسَنَةٍ وَ مَحَا عَنْهُ أَرْبَعَمِائَةِ سَيِّئَةٍ وَ قُضِيَتْ لَهُ أَرْبَعُمِائَةِ حَاجَةٍ وَ رُفِعَ لَهُ أَرْبَعُمِائَةِ دَرَجَةٍ ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ تَكُونُ اَلسُّبْحَةُ بِخُيُوطٍ زُرْقٍ أَرْبَعاً وَ ثَلاَثِينَ خَرَزَةً وَ هِيَ سُبْحَةُ مَوْلاَتِنَا فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ عَمِلَتْ مِنْ طِينِ قَبْرِهِ سُبْحَةً تُسَبِّحُ بِهَا بَعْدَ كُلِّ صَلاَةٍ )، مستدرك الوسائل ،ج 5، ص 56.
تعليق