تويت
- صباحُ الخيرِ أبي كيف حالك اليوم؟
- نعم نعم، أنا بخير.
- تسأل عن حسين؟
حسين لا يهدأ، يسأل عنك، ويبكي، وأحياناً يرفض أن يكلّمنا.
هو يعتقد بأنّنا لا ندعه يراك، وأنّنا وإياك متفقون لإبعاده عنك، لقد جنّ هذا الصبي !
ولكنّ الجميع في البيت حاضر لخدمة حسين، لا داعي يا أبي لأن تذكرني في كلّ مرّة بأنّه الأصغر، والمدلل الذي لا يُرفض له طلب، كلنا نعلم ذلك. ولكن تعلّقه بك يكاد يُفقدنا زمام الأمور أحياناً.
يجب أن تجد حلاً مناسباً للموضوع، اليوم جئتك لإخبارك بهذا الأمر فنحن وأمي نكاد نفقد السيطرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
- أنا؟
نعم أنا بخير
اليوم هو يومي الأول في السنة الثانية في الجامعة، لقد ذكروا اسمي مضافاً إلى اسمك مما جعلني أشعر بزهو وفخر.
وكما أخبرتك أمي البارحة عن موضوع مصاريف الجامعة، أبي دع الأمر بيني وبينك، الظروف لا تحتمل مصاريف إضافية، لا داعي لأن أكمل دراستي.
ولكن
نعم سأصمت
أعلم جيداً أنك عملت بكل ما فيك من صبر وجهد وتعب لنكون أفضل الناس، وكم كانت فرحتك لا توصف حين أصبحت طالبة جامعية.
وإنّك هناك لنعيش نحن حياة كريمة.
لكن ابنتك لم تعد صغيرة أنا أدرك جيداً صعوبة الحياة، العبء يزداد يوماً بعد يوم، وأنا أرى أمّي وأشعر بمعاناتها وهي صامتة، وترسم الابتسامة على وجهها.
ماذا قلت؟
وما بالي أنا، هو اتفاق بينكما لست ملزمة أنا بتنفيذه .
لا تغضب أبي أرجوك أنا فقط أمازحك.
سأكمل، سأكمل إن شاء الله .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
هل ستبقى لقاءاتنا هكذا
لم لا تعود إلى دارك شأنك شأن الآخرين؟
متى؟
في كل مرة تغمرني بالوعود
ألا يحق لنا أن نراك؟
ألا تشتاق للعائلة من حولك
كم هو رائع لو أننا كلنا اليوم معاً نقضي يوماً رائعاً بجانبك
أعلم أن الأمر خارج عن يدك.
غداً إن شاء الله
في نفس التوقيت بإذنه تعالى
في أمان الله.
ــــــــــــــــــــــــــ
كيف حالك أبي
جئتك في هذا اليوم لحاجتنا إليك
كما تعلم اليوم حفل زفاف أختي ستغادر إلى بيت زوجها هو شاب مؤمن من الشرفاء المدافعين عن المقدسات
من شباب الحشد، يعرفك، رفيقك في السلاح انتسب معك إلى قوافل العاشقين
يقول: إنكما ولدتما في يوم واحد مع فارق العمر
عندما التقيتما للمرة الأولى هناك في مركز المتطوعين
يوم انطلقت فتوى الدفاع المقدس.
حكى لنا عن بطولاتك التي كنت تخفيها عنا
ولكن أختي عتبها عليك كبير !
أتعلم كم هو ضروري وجودك اليوم بيننا؟
ربما لا أتجاوز تقصيرك أبي في حضور زفافي لو كنت مكانها !
هي؟
صامتة، لم تخبرني شيئاً، لكننا جميعاً رأيناها تنتحب حين عقد قرانها، أنت قاسٍ أبي
كيف لك أن تتركها في يوم كهذا؟
سأعود الآن.
أمي بحاجة إلي، سنكمل تحضيرات الزفاف، سأوصل سلامك إلى أختي
وهي أوصتني أن أقبل يديك وطلبت منك الدعاء بالتوفيق وطلبت رضاك عليها وأن تبارك لها زواجها .
نعم سأخبرها، والآن إلى اللقاء.
ــــــــــــــــــــــــــــ
إنها تمطر.
جئتك لاشتياقي لك.
لا تقلق عليّ لا أشعر بالبرد، دفء قلبك يسري في دمي، لكن أرجوك ضع هذا الشال على كتفيك، سأرميه عليك، البرد قارس، وأنت تدري ماذا يعني برد ديسمبر، إنها أربعينيّة الشّتاء.
حيدر؟
هو بخير، منذ أن بدأ يعمل كمعلم في المدرسة الابتدائية وهو يشعر بأن الوضع أصبح أفضل من قبل، أمي تفكر جدّياً بأن تبحث له عن زوجة.
أعرف انّ الأمر يفرحك، ولكن أنا طلبت منها الانتظار ريثما تعود أنت، هكذا أفضل، نعم هي رغبتي، لا عليك سنتدبر الأمور .
ـــــــــــــــــــــــــــ
سألقي عليك التحية وأقبّل يديك فقط فأنا على عجالة من أمري.
اليوم بدأت امتحاناتي في الجامعة، تأخرت أبي إلى اللقاء، أسألك الدعاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صباح الخير أيها الجدّ الرائع
سأقول لك "جدو "
أختي ولدت منذ قليل
لا تقلق هما بخير
وماذا تتوقع؟
لقد أسمته عليّا، الطفل حمل اسمك
أرجوك لا تبكِ، لا أحتمل أن أرى دموعك، نعم هو
جميل جداً، سأحضر لك صورته غداً
ــــــــــــــــــــــــــــ
أمي اليوم في المشفى، أنا خائفة عليها، هي الآن في غرفة العمليات، لا تقلق .
سأخبرك بمجرد خروجها بالسلامة، الطبيب قال: إن الأمر عادي فهي تجهد نفسها أكثر من اللازم، لابد وأن تخضع لفترة من الراحة .
إلى اللقاء
ــــــــــــــــــــــــــــ
لِمَ هذه النّظرة؟
لا تستغرب
هذه ملابس التخرج
رفضت أن يراني بها أحد قبلك
بارك لي، ابنتك اليوم تخرجت من الجامعة
نعم الجميع سيرافقني إلى الحفل
أنا اليوم أحتاجك بشدة، الجميع يقفون مع بناتهم اليوم على منصة التكريم، أنا سأقف لوحدي.
نعم أبكي !
أبكي وبحرقة، لا تحاول إسكاتي
ثلاث سنوات مضت على ابتعادك عنا
ألم يتفطر قلبك علينا
حسين أصبح في السابعة،
رأوه عندك البارحة، كان يضمّك إلى صدره
لقد أبكى الجميع
ــــــــــــــــــــــــــ
اليوم تختلط دموعنا مع الزغاريد
الفرح والحزن معاً
مرحباً بعودتك
الدار جاهزة لاستقبالك فقد طال الغياب
دارك رائعة أبي أراها روضة من الجنة
علي حسين الخباز, [٠٢/٠٣/٢٠٢٢ ٠٩:١٠ ص]
الزهور في كل مكان، لقد جهزناها نحن وأمي وزرعناها بمختلف أنواع الزهور
باقات الورد.. الهتافات
الجميع بانتظارك
حتى "علي" حفيدك يذكر اسمك ويتلعثم
إنّه موكب مهيب
أرجوك فقط عندما تمرّ من هنا ألقِ علينا نظرة
نظرة واحدة ستكفينا، أعدك
نعم هي جاهزة
كتبنا عليها اسمك بحروف مزخرفة مسبقاً بكلمة
الملبّي للنداء"
وحفرنا عليها تاريخ ولادتك يوم غادرتنا، وتاريخ عودتك.
هنيئاً لك هذه الدار قرب ضريح السيدة زينب (عليها السلام)
كما كانت وصيتك لنا وكما كنت تتمنى
الجميع واقفون على الطريق، وقد هيأوا موكباً مهيباً لاستقبالك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الآن ..
يسجى جثمانك الطاهر على أرض الحرم لتقام الصلاة على روحك الطّاهرة، لكنّا نراك تطوف حول الضريح ونحن نطوف معك..
حسين أحضر لك ورداً أحمراً
وضع بطاقة عليه كتب عليها "أحياء عند ربّهم "
لم تعد مفقود الأثر
اليوم عدت لنا ..
عاد جثمانك
لن نكلّم صورك على الطرقات بعد اليوم
ولن نزورك في الساحات العامة؛ لنحكي لك عن أحوالنا بغيابك..
سنزورك هنا عند أعتاب مولاتي زينب (عليها السلام) في قصرك المنيف ..
حسين لن يستعين بالأبطال المقاتلين ليحملوه لكي يصل الى صورتك ويقبّلها ليبكي ويبكيهم
أما حيدر فقد آن له أن يتزوّج ..
لقد عُزف لحن الشهيد
سلّم لنا على مولانا سيّد الشّهداء
وأخبرنا كيف كان اللقاء
بأمان الله ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
منهم من عاد
ومنهم من ينتظر ..
أحداث القصة: مستوحاة من قصة واقعية