كان لا بد أن أذكركم، ربما تختلط في أذهانكم الأسماء حتى يرد بعضها وكأنها لوثة في دماغ التاريخ، صعب هذا التصور لكن ظهر للظلم عجائب وبدع مبتكرة من الزيف والخداع، انطلت على تواريخ مضت والخشية اليوم أن تنطلي على التواريخ الجديدة، وهي تدّعي التنوير والتثقيف والعلمية والانفتاح.
لقد وضع المكر تاريخًا بديلًا جعلوا من أهل الجبن شجعانا، ومن اهل الباطل حقا، ومن اهل الحق سطوا بتشويه معالم حقهم، لهذا كان لا بد أن أحدثكم، كان لا بد أن أكتب اليكم، وأعرفكم بنفسي.
انا مالك بن نويرة بن جمرة بن شداد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع التميمي اليربوعي شيخ بني يربوع من بني تميم.
أنا صَحَابي، اقولها لتعرفوا انهم يذكرون في التاريخ البديل قداسة الصحابة، وقداسة الصحابة عندهم مجرد اعلان لأغراض منح الميزات، اغلب الذين حاربتهم سلطات العروش الثلاثة هم من الصحابة الاصلاء، عاشرت النبي الأعظم (ص) واحسنت صحبته ولله الحمد، وعدّني تاريخهم من اشراف الجاهلية والاسلام ومن ارداف الملوك.
وبثوا الدعايات التي نشرتها السلطة في قضية مقتلي، هناك عوامل كاملة تختلف عن الردة التي بها يتشدقون حتى شيّدوا ردتهم دينا يتعبدون به، الرواية لا تحتاج الى إعادة، لكن تحتاج الى تأمل، حتى ان زعامات المؤامرة السياسية وعروش الطغاة اختلفوا في قضيتي، فاستعمل النبي (ص) امانتي على صدقات قومي.
وبعد استشهاد رسول الله (ص) انا اعتقد ان هروب الطغاة من مواجهة رحيل رسول الله وتركهم جنازته، لم تكن كما تعلن التواريخ من اجل السقيفة والملك وحده، بل من اجل ان لا يواجهوا حقيقة جريمتهم، فانطلت على العالم قضية السقيفة دون ان ينتبهوا الى الهروب من رؤية المصير الذي خططوا له، فلا تستغربوا ان ارفع لكم اسم النبي مكللا بالشهادةن انا امتنعت عن البيعة؛ لكوني سمعت وصية النبي (ص) يوصي البيعة لعلي بن ابي طالب (عليه السلام) في يوم غدير (خم)، وهو من اكبر الشهود فصاحة، يعني انا لم امتنع عن البيعة لو كانت مثلما أوصى النبي بها، ويعني انهم هم أصحاب الردة، وانا لم امتنع عن دفع الزكاة كما يدعون، انما امتنعت عن تسليم الزكاة لغير وصيّ الرسول، لو كلّفوا امير المؤمنين علي (عليه السلام) ليستلمها مني ما كنت امانع، لكن كيف يفعلون ذلك ويعتبر هذا العمل بتوكيل علي (عليه السلام) لاستلام الزكاة منا هو اقرار بخلافته للنبي، هو توقيع لوصاية امير المؤمنين.
المسلمون الى اليوم يهتفون بالحرية والصوت الحر، انا هذه عقيدتي ارسلوا اليّ خالد بن الوليد، سار نحونا في البطاح ومع صوت الاذان (رمز الإسلام) وضع قومي أسلحتهم وصلى الطرفان، وشهدوا الشهادتين، اين هي الردة؟ اسالكم يا أبناء كل القرون التي ستأتي؟ اين هي الردة؟ ما ان انتهت الصلاة فاذا بجماعة خالد يكتفوننا، وادعوا اننا مرتدون.
قلت لهم: انا على دين الإسلام ما غيرت ولا بدلت، فابحثوا عن أنفسكم ودينكم الجديد، أبو عتادة الانصاري، وعبد الله بن عمر ابن الخليفة الثاني من أرادوا تتويجه بعرش الخلافة من بعد ابيه، ولم يلقِ خالد لهم اذنا صاغية، ولم يقبل بشهادة اكابر قومه، قلت له: ابعثني لأبي بكر فيكون هو الذي يحكم بيننا وانت بعثت اليه من جرمه اكبر، ثم امر ضرار بن الازور ليضرب عنقي، شكوت الى الله امري، قتلني هذا الرجل وذبح الشرف بنزوة الكفر، اين منهم الدين؟ هؤلاء هم اهل الردة، هذا تشويه لسمعة الإسلام هتك حرمات باسم الدين، ومحاربة الردة بالفاحشة والمقت وسوء السبيل.
انا مالك بن نويرة يا أبناء الدين ومذهب الحق مذهب امير المؤمنين وعسى بكم يهتدي الاخرون، قتلني ظلما، قال عمر بن الخطاب للخليفة الأول بصريح العبارة: «عدو الله عدا على امرئ مسلم فقتله، ونزا على امرأته» وهذه الشهادة تستطيعون ان تقرؤوها حتى في تاريخ الطبري الجزء الثاني صفحة (504).
وبعد هذا بكل وقاحة يشيعون اليّ الردة، ولم يقم الخليفة على خالد حكم الله تعالى، وأقره على الخطأ الذي شهد هو به على نفسه، وقال: اتركه سيفا مسلولا على قوم علي، ولم يقل سيف الله المسلول!!
هل تحتاج رسالتي الى توضيح، انا مالك بن نويرة قربان الولاية، ارفع عن طريقكم سلامي الى مولاي امير المؤمنين وعلى الائمة الهداة وعلى كل من سار على الدرب القويم.