بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
مظلوميّةُ الزّهراءِ ( عليهَا السّلامُ ) بكُلِّ تفاصيلِهَا ثابتةٌ في مصادرِ الفريقينِ وقَد تطرّقنَا لبيانِ ذلكَ بالأدلّةِ الكثيرةِ لأكثرَ مِن مرّةٍ .
وبالنّسبةِ لكسرِ ضِلعِهَا ( عليهَا السّلامُ ) ، فقَد رَوَى الحَموينِيّ الشَّافِعِيُّ بِإِسنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ عَن ابنِ عَبَّاسٍ عَن النَّبِيِّ الأَكرَمِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ، قَالَ: ((... وَأَمَّا ابنَتِي فَاطِمَةُ فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ العَالَمِينَ، مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَهِيَ بَضعَةٌ مِنِّي، وَهِيَ نُورُ عَينِي، وَهِيَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي... وَإِنَّي لَمَّا رَأَيتُهَا ذَكَرتُ مَا يُصنَعُ بِهَا بَعدِي، كَأنِّي بِهَا وَقَد دَخَلَ الذّلُّ بَيتَهَا، وَانتُهِكَتْ حُرمَتُهَا، وَغُصِبَ حَقُّهَا، وَمُنِعَتْ إِرثَهَا، وَكُسِرَ جَنبُهَا، وَأَسقَطَتْ جَنِينَهَا... (الرِّوَايَةُ) (فَرَائِدُ السِّمطَينِ 2: 36) وَرَواهَا أَيضًا بِسَنَدٍ مُعتَبَرٍ عَن ابنِ عَبَّاسٍ الشَّيخُ الصَّدُوقُ فِي أمَاليِّهِ: 99 101.
وهَذِهِ الرِّوَايَةُ التي رَواهَا أَحَدُ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ، تَكفِينَا فِي المَقَامِ فِي إِثبَاتِ وُقُوعِ حَادِثَةِ كَسرِ الضِّلعِ إِذَا ضَمَمنَا إِلَى ذَلِكَ تَوَاتُرَ ذِكرِهَا فِي كُتُبِ الشِّيعَةِ. وَفِي هَذَا المَعنَى يَقُولُ العَلَّامَةُ الشَّيخُ مُحَمَّد حُسَين كَاشِفُ الغِطَاءِ: ((طَفَحَتْ وَاسْتَفَاضَتْ كُتُبُ الشِّيعَةِ مِن صَدرِ الإِسلَامِ وَالقَرنِ الأَوَّلِ، مِثلُ كِتَابِ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ، وَمِن بَعدِهِ إِلَى القَرنِ الحَادِيِ عَشَرَ وَمَا بَعدَهُ، بَل وَإِلَى يَومِنَا هَذَا، كُلُّ كُتُبِ الشِّيعَةِ الَّتِي عُنِيَتْ بِأَحوَالِ الأَئِمَّةِ، وَأَبِيهِم الآيَةِ الكُبرَى، وَأُمِّهِم الصَّدِيقَةِ الزَّهرَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِم أَجمَعِينَ، وَكُلُّ مَن تَرجَمَ لَهُم، وَأَلَّفَ كِتَابًا فِيهِم، وَأَطبَقَتْ كَلِمَتُهُم تَقرِيبًا، أَوْ تَحقِيقًا فِي ذِكرِ مَصَائِبِ تِلكَ البَضعَةِ الطَّاهِرَةِ: أَنَّهَا بَعدَ رِحلَةِ أَبِيهَا المُصطَفَى ضَرَبَ الظَّالِمُونَ وَجهَهَا، وَلَطَمُوا خَدَّهَا، حَتَّى احمَرَّتْ عَينُهَا، وَتَنَاثَرَ قُرطُهَا، وَعُصِرَتْ بِالبَابِ حَتَّى كُسِرَ ضِلعُهَا، وَأَسقَطَت جَنِينَهَا، وَمَاتَتْ عَضُدُهَا، هَذِهِ القَضَايَا والرَّزَايَا وَنَظَّمُوهَا فِي أَشعَارِهِم، ومَرَاثِيهِم، وَأَرسَلُوهَا إِرسَالَ المُسلِمَاتِ مِنَ الكُمَيتِ، وَالسَّيِّدِ الحِمَيرِي، ودِعبِلٍ الخُزَاعِي، والنُّمَيرِي، وَالسَّلَامِي، وَدِيكِ الجِنِّ، وَمَن بَعدهُم، وَمَن قَبلهُم إِلَى هَذَا العَصرِ...)) (انظُر: جَنَّةَ المَأْوَى 78 81).
وَعَن هَذِهِ الضَّابِطةِ يَقُولُ العَلَّامَةُ المُظَفَّرُ: يَكفِي فِي ثُبُوتِ قِصَّةِ الإِحرَاقِ رِوَايَةُ جُملَةٍ مِنْ عُلمَائِهِم لَهُ، بَل رِوَايَةُ الوَاحِدِ مِنهُم لَهُ، لَا سِيَّمَا مَعَ تَوَاتُرِهِ عِندَ الشِّيعَةِ. (انظُرْ: دَلَائِلَ الصِّدقِ ج3 قسم1).
وأما مَظلُومِيَّتَها بِإِسقَاطِ جَنِينِهَا نَتِيجَةَ الإعتِدَاءِ عَلَى بَيتِهَا فخذْ هذه الرِّوَايَاتِ والأقوالَ الدَّالَّةَ عَلَى إِسقَاطِ الجَنِينِ:
1 - ذَكَرَ الشَّهرِستَانيٌّ فِي (المِلَلِ وَالنِّحَلِ)، والصَّفديُّ فِي (الوَافِي بِالوَفِيَّاتِ) عَنْ أَبِي إِسحَاقَ إِبرَاهِيمَ النّظَّام - وَهُوَ شَيخُ الجَاحِظِ - قَولُهُ: أَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ بَطنَ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) يَومَ البَيعَةِ حَتَّى أَلقَتْ المُحسِنَ مِنْ بَطنِهَا، وَكَانَ يَصِيحُ: أَحرِقُوهَا بِمَنْ فِيهَا، وَمَا كَانَ فِي الدَّارِ غَيرُ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ (انظُرْ: المِلَلَ وَالنِّحَلَ 1: 77، الوَافِي بِالوَفِيَّاتِ 6: 17).
2 - ذَكَرَ ابنُ قُتَيبَةَ فِي كِتَابِهِ (المَعَارِفِ) - عَلَى مَا حَكَى عَنهُ الحَافِظُ السَّرويُّ المَعرُوفُ بِابنِ شَهرِ آشُوب فِي كِتَابِهِ (مَناقِبُ آلِ أَبِي طَالِبٍ 133:3)، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ فِيمَا نَقَلَهُ عَنهُ الحَافِظُ الكَنجيّ الشَّافعِيُّ فِي كِتَابِهِ (كِفَايَةِ الطَّالِبِ 423): ((وَأَولَادُهَا الحَسَنُ وَالحُسَينُ وَالمُحسِنُ سَقَطَ))، وَقَالَ: ((إنَّ مُحسِنًا فَسَدَ مِنْ زَخمِ قُنفُذٍ العَدوَي)).. إِلَّا أَنَّ الطَّبعَةَ المُتَدَاوِلَةَ لِلمَعَارِفِ قَدْ حُذِفَ فِيهَا هَذَا المَقطَعُ، وَيَكفِينَا بِمُرَاجَعَةِ هَذَينِ المَصدَرَينِ الشِّيعِيِّ وَالسُّنِّيّ فِيمَا نَقلَاهُ عَنْ ابنِ قُتَيبَةَ لِنُدرِكَ تَلَاعُبَ الأَيدي فِي كِتَابِ ((المَعَارِفِ)).
3 - جَاءَ فِي كِتَابِ (فَرَائِدِ السِّمطَينِ) للحموِينيِّ الشَّافِعِيّ - وَالَّذِي يَصِفُهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي المُعجَمِ المُختَصِّ بِالمُحَدِّثِينَ، تَحتَ رَقمِ 73، بِالإِمَامِ الكَبِيرِ المُحَدَّثِ شَيخِ المَشَايِخِ - بِإِسنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ الأَكرَمِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ، قَالَ: ((... وَأَمَّا ابنَتِي فَاطِمَةُ فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ العَالَمِينَ مِنَ الأَوَّلَينِ وَالآخِرِينَ، وَهِيَ بَضعَةٌ مِنِّي، وَهِيَ نُورُ عَينِي، وَهِيَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي... وَإِنَّي لَمَّا رَأَيتُهَا ذَكَرتُ مَا يُصنَعُ بِهَا بَعدِي، كَأنِّي بِهَا وَقَد دَخَلَ الذّلُّ بَيتَهَا، وَانتُهِكَتْ حُرمَتُهَا، وَغُصِبَ حَقُّهَا، وَمُنِعَتْ إِرثَهَا، وَكُسِرَ جَنبُهَا، وَأَسقَطَتْ جَنِينَهَا... (الرِّوَايَةُ) (فَرَائِدُ السِّمطَينِ 2: 36) وَرَواهَا أَيضًا بِسَنَدٍ مُعتَبَرٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ الشَّيخُ الصَّدُوقُ فِي أمَاليِّهِ: 99 101).
4 - وَمِنْ عُلَمَاءِ أَهلِ السُّنَّةِ مَنْ ذَكَرَ أنَّ للزَّهرَاءِ (عَلَيهَا السَّلَامُ) وَلَدًا اسمُهُ (مُحسِنٌ) وَقَدْ أُسقِطَ. نَذكُرُ:
الحَافِظُ جَمَالُ الدِّينِ المزي (نَ 742 هُ) قَالَ فِي كِتَابِهِ (تَهذِيب الكَمَالِ 20: 472)، قَالَ: ((كَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ الوَلَدِ الذُّكُورِ وَالَّذِينَ لَمْ يَعقّبُوا مُحسِنَ دَرَجٍ سَقَطًا)).
الصَّلَاحُ الصَّفديُّ (ت 764 هُ) قَالَ فِي (الوَافِي بِالوَفِيَّاتِ 21: 281)) وَالمُحسِنُ طرح)) حَكَى ذَلِكَ عَنْ شَيخِهِ الذَّهَبِيِّ فِي كِتَابِهِ (فَتحُ المُطَالِبِ فِي فَضلِ عَلِيِّ ابنِ أَبِي طَالِبٍ).
الصَّفورِيُّ الشَّافِعِيُّ (ت 894 هُ) قَالَ فِي (نُزهَةِ المَجَالِسِ2: 229): ((وَكَانَ الحَسَنُ أَوَّلَ أَولَادِ فَاطِمَةَ الخَمسَةِ: الحَسَن، وَالحُسَيْن، وَالمُحسِن كَانَ سِقْطًا، وَزَينَبَ الكُبرَى، وَزَينَبَ الصُّغرَى)). وَقَالَ فِي كِتَابِهِ الآخَرِ: (المَحَاسِنُ المُجتَمِعَةُ فِي الخُلَفَاءِ الأَربَعَةِ ص164): ((مِنْ كِتَابِ الإستِيعَابِ لِابنِ عَبدِ البَرِّ قَالَ: وَأَسقَطَتْ فَاطِمَةُ سِقطًا سَمَّاهُ عَلِيٌّ مُحسِنًا)).
نَقُولُ: وَهَذَا لَيسَ فِي الإستِيعَابِ المَطبُوعِ، فَلَاحِظِ التَّحرِيفَ فِي هَذِهِ القَضِيَّةِ لِتَعرِفَ شِدَّةَ انحِسَارِهَا فِي كُتُبِ القَومِ اليَومَ.
الشَّيخُ مُحَمَّد الصَّبَّانُ الشَّافِعِيُّ (ت 1206 هُ) قَالَ فِي كِتَابِهِ (إِسعَافِ الرَّاغِبِينَ / بِهَامِشِ مَشَارِقِ الأَنوَارِ للحَمزَاوِي ص81): ((فَأمَّا مُحسِنٌ فَأُدرجَ سِقطًا)).
وَيُمكِنُ مُتَابَعَةُ بَقِيَّةِ عُلَمَاءِ أَهلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ ذَكَرُوا أَنَّ للزَّهرَاءِ (عَلَيهَا السَّلَامُ) وَلَدًا اسمُهُ (المُحسِنُ (وَقَد مَاتَ سِقطًا فِي كِتَابِ (المُحْسِنِ السِّبْطِ مَوْلُودٌ أَمْ سَقَطَ) لِلسَّيِّدِ مَهْدِي الخِرسَان... وَبِضَمِّ هَذِهِ الأَقوَالِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ يَظهَرُ الصُّبحُ لذِي عَينَين.
وإن شئتِ خُذي هذا السّندَ الصّحيحَ مِن مصادرِنَا، فقَد جاءَ في كتابِ (دلائلُ الإمامةِ ص 135) الذي رواهُ العلّامةُ مُحمّدٌ بنُ جريرٍ الطّبريّ الثّقةُ (رجالُ النّجاشيّ ص 376) عَن أبي الحُسينِ محمّدٍ بنِ هارونَ بنِ موسى التّلعكبري الثّقةِ (لأنّهُ مِن مشائخِ النّجاشيّ، ومشائخُ النّجاشيّ كلّهُم ثقاتٌ في تحقيقٍ معروفٍ عندَ مُحقّقي الإماميّةِ) عَن أبي عليٍّ مُحمّدٍ بنِ همامَ بنِ سُهيلٍ الثّقةِ (رجالُ النّجاشيّ ص 295) عَن أحمدَ بنِ مُحمّدٍ الأشعريّ الثّقةِ (رجالُ النّجاشيّ ص 216) عَن عبدِ الرّحمنِ بنِ نجرانَ الثّقةِ (رجالُ النّجاشيّ ص 235) عَن عبدِ اللهِ بنِ سنانٍ الثّقةِ ( رجالُ النّجاشيّ ص 214) عَن ابنِ مسكانَ الثّقةِ (رجالُ النّجاشيّ ص 214) عَن أبي بصيرٍ الثّقةِ (رجالُ النّجاشيّ ص 411) عنِ الإمامِ الصّادقِ (عليهِ السّلامُ) قالَ:
قُبضَتْ فاطمةُ (عليهَا السّلامُ) في جمادى الآخرةِ يومَ الثّلاثاءِ لثلاثٍ خلونَ منهُ سنةَ إحدى عشرَ مِنَ الهجرةِ، وكانَ سببُ وفاتِهَا أنَّ قُنفُذاً مولى عُمرَ لكزهَا بنعلِ السّيفِ بأمرهِ، فأسقطَتْ مُحسِناً، ومرضَتْ مِن ذلكَ مرضاً شديداً، ولَم تدَع أحداً مِمَّنْ آذاها يدخلُ عليهَا. وكانَ الرّجلانِ مِن أصحابِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ) سألا أميرَ المُؤمنينَ أن يشفعَ لهُمَا إليهَا، فسألَهَا أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السّلامُ) فأجابَتْ، فلمَّا دخلا عليهَا قالا لهَا: كيفَ أنتِ يا بنتَ رسولِ اللهِ؟ قالَت: بخيرٍ بحمدِ اللهِ. ثُمَّ قالَت لهُمَا: ما سمِعتُمَا النّبيَّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ) يقولُ: فاطمةُ بضعةٌ منّي، فمَنْ آذاهَا فقَد آذانِي، ومَن آذانِي فقَد آذى اللهَ؟
قالا: بلى.
قالَت: فو اللهِ، لقَد آذيتُمانِي.
قالَ: فخرجَا مِن عندِهاَ وهيَ ساخطةٌ عليهِمَا.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
مظلوميّةُ الزّهراءِ ( عليهَا السّلامُ ) بكُلِّ تفاصيلِهَا ثابتةٌ في مصادرِ الفريقينِ وقَد تطرّقنَا لبيانِ ذلكَ بالأدلّةِ الكثيرةِ لأكثرَ مِن مرّةٍ .
وبالنّسبةِ لكسرِ ضِلعِهَا ( عليهَا السّلامُ ) ، فقَد رَوَى الحَموينِيّ الشَّافِعِيُّ بِإِسنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ عَن ابنِ عَبَّاسٍ عَن النَّبِيِّ الأَكرَمِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ، قَالَ: ((... وَأَمَّا ابنَتِي فَاطِمَةُ فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ العَالَمِينَ، مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَهِيَ بَضعَةٌ مِنِّي، وَهِيَ نُورُ عَينِي، وَهِيَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي... وَإِنَّي لَمَّا رَأَيتُهَا ذَكَرتُ مَا يُصنَعُ بِهَا بَعدِي، كَأنِّي بِهَا وَقَد دَخَلَ الذّلُّ بَيتَهَا، وَانتُهِكَتْ حُرمَتُهَا، وَغُصِبَ حَقُّهَا، وَمُنِعَتْ إِرثَهَا، وَكُسِرَ جَنبُهَا، وَأَسقَطَتْ جَنِينَهَا... (الرِّوَايَةُ) (فَرَائِدُ السِّمطَينِ 2: 36) وَرَواهَا أَيضًا بِسَنَدٍ مُعتَبَرٍ عَن ابنِ عَبَّاسٍ الشَّيخُ الصَّدُوقُ فِي أمَاليِّهِ: 99 101.
وهَذِهِ الرِّوَايَةُ التي رَواهَا أَحَدُ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ، تَكفِينَا فِي المَقَامِ فِي إِثبَاتِ وُقُوعِ حَادِثَةِ كَسرِ الضِّلعِ إِذَا ضَمَمنَا إِلَى ذَلِكَ تَوَاتُرَ ذِكرِهَا فِي كُتُبِ الشِّيعَةِ. وَفِي هَذَا المَعنَى يَقُولُ العَلَّامَةُ الشَّيخُ مُحَمَّد حُسَين كَاشِفُ الغِطَاءِ: ((طَفَحَتْ وَاسْتَفَاضَتْ كُتُبُ الشِّيعَةِ مِن صَدرِ الإِسلَامِ وَالقَرنِ الأَوَّلِ، مِثلُ كِتَابِ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ، وَمِن بَعدِهِ إِلَى القَرنِ الحَادِيِ عَشَرَ وَمَا بَعدَهُ، بَل وَإِلَى يَومِنَا هَذَا، كُلُّ كُتُبِ الشِّيعَةِ الَّتِي عُنِيَتْ بِأَحوَالِ الأَئِمَّةِ، وَأَبِيهِم الآيَةِ الكُبرَى، وَأُمِّهِم الصَّدِيقَةِ الزَّهرَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِم أَجمَعِينَ، وَكُلُّ مَن تَرجَمَ لَهُم، وَأَلَّفَ كِتَابًا فِيهِم، وَأَطبَقَتْ كَلِمَتُهُم تَقرِيبًا، أَوْ تَحقِيقًا فِي ذِكرِ مَصَائِبِ تِلكَ البَضعَةِ الطَّاهِرَةِ: أَنَّهَا بَعدَ رِحلَةِ أَبِيهَا المُصطَفَى ضَرَبَ الظَّالِمُونَ وَجهَهَا، وَلَطَمُوا خَدَّهَا، حَتَّى احمَرَّتْ عَينُهَا، وَتَنَاثَرَ قُرطُهَا، وَعُصِرَتْ بِالبَابِ حَتَّى كُسِرَ ضِلعُهَا، وَأَسقَطَت جَنِينَهَا، وَمَاتَتْ عَضُدُهَا، هَذِهِ القَضَايَا والرَّزَايَا وَنَظَّمُوهَا فِي أَشعَارِهِم، ومَرَاثِيهِم، وَأَرسَلُوهَا إِرسَالَ المُسلِمَاتِ مِنَ الكُمَيتِ، وَالسَّيِّدِ الحِمَيرِي، ودِعبِلٍ الخُزَاعِي، والنُّمَيرِي، وَالسَّلَامِي، وَدِيكِ الجِنِّ، وَمَن بَعدهُم، وَمَن قَبلهُم إِلَى هَذَا العَصرِ...)) (انظُر: جَنَّةَ المَأْوَى 78 81).
وَعَن هَذِهِ الضَّابِطةِ يَقُولُ العَلَّامَةُ المُظَفَّرُ: يَكفِي فِي ثُبُوتِ قِصَّةِ الإِحرَاقِ رِوَايَةُ جُملَةٍ مِنْ عُلمَائِهِم لَهُ، بَل رِوَايَةُ الوَاحِدِ مِنهُم لَهُ، لَا سِيَّمَا مَعَ تَوَاتُرِهِ عِندَ الشِّيعَةِ. (انظُرْ: دَلَائِلَ الصِّدقِ ج3 قسم1).
وأما مَظلُومِيَّتَها بِإِسقَاطِ جَنِينِهَا نَتِيجَةَ الإعتِدَاءِ عَلَى بَيتِهَا فخذْ هذه الرِّوَايَاتِ والأقوالَ الدَّالَّةَ عَلَى إِسقَاطِ الجَنِينِ:
1 - ذَكَرَ الشَّهرِستَانيٌّ فِي (المِلَلِ وَالنِّحَلِ)، والصَّفديُّ فِي (الوَافِي بِالوَفِيَّاتِ) عَنْ أَبِي إِسحَاقَ إِبرَاهِيمَ النّظَّام - وَهُوَ شَيخُ الجَاحِظِ - قَولُهُ: أَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ بَطنَ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) يَومَ البَيعَةِ حَتَّى أَلقَتْ المُحسِنَ مِنْ بَطنِهَا، وَكَانَ يَصِيحُ: أَحرِقُوهَا بِمَنْ فِيهَا، وَمَا كَانَ فِي الدَّارِ غَيرُ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ (انظُرْ: المِلَلَ وَالنِّحَلَ 1: 77، الوَافِي بِالوَفِيَّاتِ 6: 17).
2 - ذَكَرَ ابنُ قُتَيبَةَ فِي كِتَابِهِ (المَعَارِفِ) - عَلَى مَا حَكَى عَنهُ الحَافِظُ السَّرويُّ المَعرُوفُ بِابنِ شَهرِ آشُوب فِي كِتَابِهِ (مَناقِبُ آلِ أَبِي طَالِبٍ 133:3)، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ فِيمَا نَقَلَهُ عَنهُ الحَافِظُ الكَنجيّ الشَّافعِيُّ فِي كِتَابِهِ (كِفَايَةِ الطَّالِبِ 423): ((وَأَولَادُهَا الحَسَنُ وَالحُسَينُ وَالمُحسِنُ سَقَطَ))، وَقَالَ: ((إنَّ مُحسِنًا فَسَدَ مِنْ زَخمِ قُنفُذٍ العَدوَي)).. إِلَّا أَنَّ الطَّبعَةَ المُتَدَاوِلَةَ لِلمَعَارِفِ قَدْ حُذِفَ فِيهَا هَذَا المَقطَعُ، وَيَكفِينَا بِمُرَاجَعَةِ هَذَينِ المَصدَرَينِ الشِّيعِيِّ وَالسُّنِّيّ فِيمَا نَقلَاهُ عَنْ ابنِ قُتَيبَةَ لِنُدرِكَ تَلَاعُبَ الأَيدي فِي كِتَابِ ((المَعَارِفِ)).
3 - جَاءَ فِي كِتَابِ (فَرَائِدِ السِّمطَينِ) للحموِينيِّ الشَّافِعِيّ - وَالَّذِي يَصِفُهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي المُعجَمِ المُختَصِّ بِالمُحَدِّثِينَ، تَحتَ رَقمِ 73، بِالإِمَامِ الكَبِيرِ المُحَدَّثِ شَيخِ المَشَايِخِ - بِإِسنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ الأَكرَمِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ، قَالَ: ((... وَأَمَّا ابنَتِي فَاطِمَةُ فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ العَالَمِينَ مِنَ الأَوَّلَينِ وَالآخِرِينَ، وَهِيَ بَضعَةٌ مِنِّي، وَهِيَ نُورُ عَينِي، وَهِيَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي... وَإِنَّي لَمَّا رَأَيتُهَا ذَكَرتُ مَا يُصنَعُ بِهَا بَعدِي، كَأنِّي بِهَا وَقَد دَخَلَ الذّلُّ بَيتَهَا، وَانتُهِكَتْ حُرمَتُهَا، وَغُصِبَ حَقُّهَا، وَمُنِعَتْ إِرثَهَا، وَكُسِرَ جَنبُهَا، وَأَسقَطَتْ جَنِينَهَا... (الرِّوَايَةُ) (فَرَائِدُ السِّمطَينِ 2: 36) وَرَواهَا أَيضًا بِسَنَدٍ مُعتَبَرٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ الشَّيخُ الصَّدُوقُ فِي أمَاليِّهِ: 99 101).
4 - وَمِنْ عُلَمَاءِ أَهلِ السُّنَّةِ مَنْ ذَكَرَ أنَّ للزَّهرَاءِ (عَلَيهَا السَّلَامُ) وَلَدًا اسمُهُ (مُحسِنٌ) وَقَدْ أُسقِطَ. نَذكُرُ:
الحَافِظُ جَمَالُ الدِّينِ المزي (نَ 742 هُ) قَالَ فِي كِتَابِهِ (تَهذِيب الكَمَالِ 20: 472)، قَالَ: ((كَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ الوَلَدِ الذُّكُورِ وَالَّذِينَ لَمْ يَعقّبُوا مُحسِنَ دَرَجٍ سَقَطًا)).
الصَّلَاحُ الصَّفديُّ (ت 764 هُ) قَالَ فِي (الوَافِي بِالوَفِيَّاتِ 21: 281)) وَالمُحسِنُ طرح)) حَكَى ذَلِكَ عَنْ شَيخِهِ الذَّهَبِيِّ فِي كِتَابِهِ (فَتحُ المُطَالِبِ فِي فَضلِ عَلِيِّ ابنِ أَبِي طَالِبٍ).
الصَّفورِيُّ الشَّافِعِيُّ (ت 894 هُ) قَالَ فِي (نُزهَةِ المَجَالِسِ2: 229): ((وَكَانَ الحَسَنُ أَوَّلَ أَولَادِ فَاطِمَةَ الخَمسَةِ: الحَسَن، وَالحُسَيْن، وَالمُحسِن كَانَ سِقْطًا، وَزَينَبَ الكُبرَى، وَزَينَبَ الصُّغرَى)). وَقَالَ فِي كِتَابِهِ الآخَرِ: (المَحَاسِنُ المُجتَمِعَةُ فِي الخُلَفَاءِ الأَربَعَةِ ص164): ((مِنْ كِتَابِ الإستِيعَابِ لِابنِ عَبدِ البَرِّ قَالَ: وَأَسقَطَتْ فَاطِمَةُ سِقطًا سَمَّاهُ عَلِيٌّ مُحسِنًا)).
نَقُولُ: وَهَذَا لَيسَ فِي الإستِيعَابِ المَطبُوعِ، فَلَاحِظِ التَّحرِيفَ فِي هَذِهِ القَضِيَّةِ لِتَعرِفَ شِدَّةَ انحِسَارِهَا فِي كُتُبِ القَومِ اليَومَ.
الشَّيخُ مُحَمَّد الصَّبَّانُ الشَّافِعِيُّ (ت 1206 هُ) قَالَ فِي كِتَابِهِ (إِسعَافِ الرَّاغِبِينَ / بِهَامِشِ مَشَارِقِ الأَنوَارِ للحَمزَاوِي ص81): ((فَأمَّا مُحسِنٌ فَأُدرجَ سِقطًا)).
وَيُمكِنُ مُتَابَعَةُ بَقِيَّةِ عُلَمَاءِ أَهلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ ذَكَرُوا أَنَّ للزَّهرَاءِ (عَلَيهَا السَّلَامُ) وَلَدًا اسمُهُ (المُحسِنُ (وَقَد مَاتَ سِقطًا فِي كِتَابِ (المُحْسِنِ السِّبْطِ مَوْلُودٌ أَمْ سَقَطَ) لِلسَّيِّدِ مَهْدِي الخِرسَان... وَبِضَمِّ هَذِهِ الأَقوَالِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ يَظهَرُ الصُّبحُ لذِي عَينَين.
وإن شئتِ خُذي هذا السّندَ الصّحيحَ مِن مصادرِنَا، فقَد جاءَ في كتابِ (دلائلُ الإمامةِ ص 135) الذي رواهُ العلّامةُ مُحمّدٌ بنُ جريرٍ الطّبريّ الثّقةُ (رجالُ النّجاشيّ ص 376) عَن أبي الحُسينِ محمّدٍ بنِ هارونَ بنِ موسى التّلعكبري الثّقةِ (لأنّهُ مِن مشائخِ النّجاشيّ، ومشائخُ النّجاشيّ كلّهُم ثقاتٌ في تحقيقٍ معروفٍ عندَ مُحقّقي الإماميّةِ) عَن أبي عليٍّ مُحمّدٍ بنِ همامَ بنِ سُهيلٍ الثّقةِ (رجالُ النّجاشيّ ص 295) عَن أحمدَ بنِ مُحمّدٍ الأشعريّ الثّقةِ (رجالُ النّجاشيّ ص 216) عَن عبدِ الرّحمنِ بنِ نجرانَ الثّقةِ (رجالُ النّجاشيّ ص 235) عَن عبدِ اللهِ بنِ سنانٍ الثّقةِ ( رجالُ النّجاشيّ ص 214) عَن ابنِ مسكانَ الثّقةِ (رجالُ النّجاشيّ ص 214) عَن أبي بصيرٍ الثّقةِ (رجالُ النّجاشيّ ص 411) عنِ الإمامِ الصّادقِ (عليهِ السّلامُ) قالَ:
قُبضَتْ فاطمةُ (عليهَا السّلامُ) في جمادى الآخرةِ يومَ الثّلاثاءِ لثلاثٍ خلونَ منهُ سنةَ إحدى عشرَ مِنَ الهجرةِ، وكانَ سببُ وفاتِهَا أنَّ قُنفُذاً مولى عُمرَ لكزهَا بنعلِ السّيفِ بأمرهِ، فأسقطَتْ مُحسِناً، ومرضَتْ مِن ذلكَ مرضاً شديداً، ولَم تدَع أحداً مِمَّنْ آذاها يدخلُ عليهَا. وكانَ الرّجلانِ مِن أصحابِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ) سألا أميرَ المُؤمنينَ أن يشفعَ لهُمَا إليهَا، فسألَهَا أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السّلامُ) فأجابَتْ، فلمَّا دخلا عليهَا قالا لهَا: كيفَ أنتِ يا بنتَ رسولِ اللهِ؟ قالَت: بخيرٍ بحمدِ اللهِ. ثُمَّ قالَت لهُمَا: ما سمِعتُمَا النّبيَّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ) يقولُ: فاطمةُ بضعةٌ منّي، فمَنْ آذاهَا فقَد آذانِي، ومَن آذانِي فقَد آذى اللهَ؟
قالا: بلى.
قالَت: فو اللهِ، لقَد آذيتُمانِي.
قالَ: فخرجَا مِن عندِهاَ وهيَ ساخطةٌ عليهِمَا.
تعليق