في عتمة الأسر كل شيء قابل للموت ، والحياة ابعد ما تكون عن تفكير الأسير ، وهذا هو الخطأ الذي لا يطاق ، لحظات الموت عند الإنسان عزيزة كونه يصبح في لحظتها هو الأقرب الى الله ، طلبت منهم أن يربطوا جسدي الى نخلة بدل هذه الشجرة الأم، لكني اقتنعت بالفكرة ولا فرق بين النخل والشجر مادام القاتل هو القاتل والسبيل نفسه ، يضحكون على أنفسهم حيث يعدون الاستجواب الأبكم محكمة شرعية تحكم باسم الدين ، والذي يزيدني استغرابا ان أبن سعد هو في كل التواريخ مصدر رعب وفتك ، المربوط جسه على شجرة يبكي :ـ المصلوب على نخلة لم يكن أسير حرب ،وأنا لااتوقع سوى القتل ـ، في الليل استجوبني حارس داعشي يريد على ما يبدو ان يتسلى بي ، :ـ هل تعرف أنت في أي مكان ؟
:ـ لا ليس المهم المكان الذي سأقتل فيه ،المهم أن أعرف موقعي من الحق ، هل أنا على بينة من أمر ديني ، يبدو أنه ارتعب حقا وشعرت أنه ممكن أن ينقلب على ذاته
:ـ ما أسمك ؟
:ـ سوار عبد المنعم من كربلاء
أبتسم وقدم نفسه :ـ انا سعد حارث ،رأيتك تبكي فحزنت
:ـ كنت أحلم بالشهادة ، لهذا استهضمت الأسر كثيرا ، وأجده لايليق بي كمقاتل لولا اصابة ساقي لما استطاعوا اسري ، وهذا الدم الذي ينزف وينزف دون أن يرق له قلب انسان ، كنت أضحك في سري لأني أكتشفت أن ليس في معسركم انسان بمعنى الأنسانية ، الانسان الحقيقي هو من يحمل الله ضميرا ، وأما لهجة التكبير حالها حال أي شعار سياسي ،
:ـ ما رأيك لو أطلق سراحك الآن ؟
:ـ ما فائدة ان تطلق سراحي وقدمي تنزف ولا استطيع ان اقف عليها
:ـ انا سأضمدها لك
:ـ وما الحسنة التي ترجوها مني ؟ اجابني
:ـ هل تعرف مصدر الشجاعة التي فيكم ؟ سببها الوحيد أنكم على حق ، انت يا سوار تعتبر الأسر مذلة وخذلان وقد أديت واجبك ونزفت قدمك واسروك بعد ان انتهى العتاد خانتك المؤونة ، ماذا اقول أنا عن خنوعي للباطل وانتمائي اليه وقد سببت لكم الأذى وكثرت عليكم السواد . ، وزخم الرصاص ، انا سأعالج لك ساقك النازفة ،واحملك على ظهري الى ساحة ميدان أخرى نقاتل الباطل سوية ، ونكون من دعائم النصرة ، ساقولها واعاهد الله اني لن أتخلى عن نصرة مولاي الحسين عليه السلام ومن يخذل الوطن أكيد هو يخذل سيد الشهداء الحسين ،
•
( التفاتة اولى )
تركت القلم جانبا ، وسألت نفسي حينها لماذا يتشابه الظلم في جميع الأزمنة ، وما الذي نريده نحن الكتاب حين نستحضر مثل هذه الشخصيات والمواقف ؟
( التفاتة ثانية )
يقول سعد الحارث :ـ قد يخدع الإنسان لكن بإمكان التجارب ان تغنيه ،
***
( التفاتة ثالثة )
ائتلاف سعد والأسير سوار ربما كان من قبيل الصدفة ، لكن نصرة سعد كانت مدروسة ومعدة بقناعة ،سوار الذي وصل الموت ولم يقنط من رحمة الله ، وسعد الذي انغمس في الباطل وعايش الجور والظلم وأنتمى الى الدواعش دون أن يفقد الهداية بالله ،
****
( التفاتة الرابعة )
يقول اسوار
:ـ كنت أثناء التعذيب اشعر بنوع من اللذة ، لذة التحدي لذة ان هؤلاء القوم عجزوا عن إقناع أنفسهم بالحق ، اصبحوا طغاة ، كان يعجبهم ان يرووا الاسير يتوسل بهم يطلب الرحمة ،أني امثل هوية أهل البيت عليهم السلام ، تلك اشياء قد لاتؤثر في المتلقي ذلك التأثير الذي تعيشه وأنت على محك الموت ، تشعر بقيمة الأنتماء
***
( التفاتة خامسة )
كلما كان سوار يذكر أسم الحسين عليه السلام ، كان يقل منسوب الدناءة عندي فاراه في وأشعر بالالم الذي يعانيه
**
( الالتفاتة السادسة )
حين قرأ سعد الحارث القصة قال
:ـ لذة الهداية الشعور بسعادة لاتخمد ولا تهمد ، هالة نور يوقدها الله في كل روح ويمنحها لكل واحد منا القصة جميلة لكن لابد ان تكون الخاتمة عبارة عن صورة لنا ونحن نزور