تويت
رنّ هاتفي المحمول، وإذ يأتي صوت صديقتي دكتورة مريم:
عزيزتي دكتورة ابتسام، هل بالإمكان أن تنتظري في صالة الضيوف، لحين الانتهاء من عملية الولادة، فهي حالة طارئة.
أغلقت الهاتف، وجلست انتظر أن تنهي عملها، فهي طبيبة نسائية وتوليد.
مرت دقائق، وإذا بي أسمع الصراخ يتعالى ويتعالى من صالة الولادة عند تطليقها العنان عبر ترددات الاثير، وفجأة تغير صوت الصراخ لأسمع صراخ الجنين الذي شقّ رحم أمه؛ ليخرج الى هذه الحياة معلنا ميلادا جديدا لوجوده.
جاءتني صديقتي الطبيبة، ووجهها يشعّ فرحا بنجاح عملية الولادة الطبيعية وسلامة الأم وطفلها. غادرنا المكان الى حيث تركن سيارتي، وأنا أرى تجمعا من الصراخ والعويل والبكاء والنحيب يرتفع.
التفتّ الى الجهة المقابلة لتقع عيني على لافتة مكتوب عليها (مكان الثلاجات لحفظ الجثث).
تحيّرت، وانا اغادر المكان، فصادف في طريقي طفل يصرخ بعد ان سقط على الارض وهو يركل بقدمه كرة القدم الممزقة، وجهت سؤالي الى صديقتي الدكتورة مريم لمعرفة: لماذا نصرخ؟ وهل الحلّ في الصراخ؟ وهل له فوائد عندما تطلق تلك الصرخات؟.
تصيب الانسان الضغوط النفسية من خلال تراكم الطاقة السلبية التي لابد من طرحها حتى يمكننا الاستمرار في هذه الحياة.
فالصراخ هو من الأفعال المتفق عليها جميعا، وأن الانسان السوي الطبيعي يطلقها عندما يحتاج ذلك.
الصراخ يساعد على تخفيف التوتر والاجهاد والتخلص من الطاقة السلبية وانعاش الدماغ وتحسين المزاج .
الصراخ ليس حلا للمشاكل والهموم التي تواجهنا، ولكن يساهم في تجديد الخلايا الدماغية، ودفع الاوكسجين إليه.
العلماء والباحثون قسموا الصراخ الى :الصراخ القهري، ويسمى (الكلازومانيا) باللغة الانكليزية الذي يفرضه موقف ما، الطفل حديث الولادة يستخدمه للحاجة الى الغذاء أو النوم أو المرض؛ كونه وسيلة سهلة وسريعة للفهم والادراك عند الانسان.
أما الصراخ اللارادي الذي غالبا ما نعيشه في داخلنا مثل: المصاحب مع الحلم أو الكابوس أو الخوف أو الهلع والرعب، فنطلق الصراخ اللارادي.
في بعض الاحيان نطلق العنان للصراخ عند الفرح والبهجة والنصر والفوز وغيرها، فهو يضيف بهجة الى حالة التعبير مع الضحكات والتبسم.
إنّ الرؤية النفسية للصراخ تحسب حسب المواقف وقابلية الانسان، فعند الغضب اذا كتم الانسان داخل جسمه يتحول الى حالة مرضية كنوبة قلبية أو جلطة دماغية أو ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع في داء السكري.
أما عند الصراخ يصبح الامر تخفيفا وتقليلا من الضغط الذي تعرض اليه.
اذن، لنطلق بين الحين والآخر صرخات تبعث فينا روح الإنعاش، وتحسين المزاج، وطرد الطاقة السلبية وتراكمها .