إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشهيد مصطفى العذاري، شهادة في زمنين عبير المنظور

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشهيد مصطفى العذاري، شهادة في زمنين عبير المنظور


    شهادة استقتْ معالمها قلبًا وقالبًا من شهادة عظيم منذ زمن بعيد، باستثناء بعض الرتوش البسيطة التي رغم اختلافها اليسير إلا أنها لا تخرجها من تلك الدائرة القدسية في السنخية والهدف.
    كلّ شهيد منهما عمل بتكليفه الشرعي، بما فرضته عليه واجبات التوحيد والنبوة والامامة في نصرة الدين والشهادة في سبيله، ودفع الأرجاس عن التحكم في الأرض والعرض باسم الدين.
    بدأت معالم تلك الشهادة تتوضح في عام (٦٠) للهجرة، حينما كان الشهيد الملهم أول شهداء الطف السابق الى الفتح، قد سافر للجهاد في سبيل الله لوجهة لا يعرفها في رحلة عشق ملكوتية، انتهت بالغدر، والطواف به مأسورا جريحا في أزقة الكوفة، وقتله ورميه من أعلى قصر الامارة، انتهاءً بسحب الجثة في أسواق الكوفة التي توزعت اشلاء ودماء مسلم بن عقيل (عليه السلام) في أرجائها.
    هي الطف وشهداؤها، ألهمت أتباع أهل البيت (عليهم السلام) عبر العصور حماية الأرض والعرض من الأرجاس الظالمين المتمترسين بواجهة دينية وكشف حقيقتهم المخزية وتبرئة الاسلام منهم، وإن كلفهم ذلك حياتهم.
    بعد ألف وأربعمائة عام ونيف، عادت تلك الشهادة جلية الى الأذهان الى شهيدنا المغوار، أبي الضيم كإمامه الحسين وسفيره (عليهما السلام).
    مصطفى العذاري اسم خُطَّ بماء الذهب على جبين الشرف والانسانية والغيرة والمظلومية.
    رحل لمدينة دنستها داعش، وعاثت فيها فسادا، لم يفكر مصطفى للحظة أن تلك المدينة تخالفه في المذهب، أدى ما تفرضه عليه واجباته الدينية والوطنية في الدفاع عن كلّ شبر من ارض الوطن بمختلف دياناتهم ومذاهبهم.
    جُرح في المواجهة العسكرية، واستشهد من معه، وبقي وحيدا جريحا، ولن ينثني، فهو من أرخص دمه لتراب وطنه وتحرير ابنائه من داعش، بقي ثلاثة ايام يصارع الألم والجوع والعطش، مستذكرا عاشوراء ونهجها في مواجهة الظلم والتسلط حتى أُسر من قبل داعش ولفيف من أهل تلك المدينة الذين صفقوا وحيوا الدواعش، وهم يجوبون بمصطفى في شوارع الفلوجة الغادرة، وهم بين فرح وسرور وتحية للأرجاس الدواعش!!
    لا اعلم مدى خيبة ظنّ الشهيد بأهل تلك المدينة، وهو يتساءل في نفسه: أما من رجل حر في هذه المدينة يرفض ما يحدث؟
    هل انقلبت موازينهم يصفقون ويهللون لمن احتلّ ارضهم، ودنّس عرضهم، ويأسرون ويقتلون من تحمّل الغربة والعناء وحمل روحه بين راحتيه ليخلصهم من كابوس داعش الذي جثمَ على صدورهم ليحرر ارضهم من دنسهم؟!
    لم يكد يفيق من صدمته برجال المدينة الراضين بفعل الدواعش حتى اخذ يتطلع ها هنا، وها هناك، لعلّه يرى طوعة في الاثر تشدّ حيازيمه، وهو في طريقه للشهادة، وما من طوعة في فلوجة الذلّ والعار.
    أعدم على جسر السكنية، وبقي معلقا عليه ثلاثة ايام، وساقه الجريحة لا زالت تقطر دما رغم الضماد الذي يلفها.
    شهادة توزعت فيها دمائه في ارجاء الفلوجة؛ لتبقى شاهدة على بطولته وشهادته في سبيل الدفاع عن مقدساته حتى اخر قطرة دم.
    وكأن هاتين الشهادتين سنخ واحد لا يختلفان في الزمكان، مدينة جاحدة وزمان لا يقدّر اهله رجال الله، مما يجعلها شهادة واحدة في زمنين.
    أ
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X