بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ
إنَّ سيرة ابا بكر العنيفة .. ونفسه النازعة الى العنف والقتل والارهاب .. تجعل امر هجومه على الدار النبوية امراً متوقعاً وعادياً في سيرته
فقد تعامل مع المشاكل الداخلية التي واجهته بالعنف والقتل .. كما فعل في تعامله مع من عارض حكمه باعتباره انقلاباً على الاسلام وعلى النص الالهي في تعيين امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) خليفة للمسلمين بعد رسول الله (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ).
ورغم انه خاض حملة القمع الكبرى تلك تحت شعار محاربة المرتدين .. ولكن هذا غير ثابت على الاطلاق .. وحتى على فرض ثبوته .. فهل التعامل معهم ينبغي ان يتم بهذه الصورة : قتلهم وسبي نسائهم ومصادرة اموالهم والخ .. كما فعل ابو بكر وقواته الغادرة التي ارسلها ؟
وهكذا قام بقتل معارضيه .. كما فعل بسعد بن عبادة الذي تذكر الروايات انه قُتل اثناء خلافة ابا بكر .. وزعموا ان الجن قد قتله ! فيما شوهدت آثار السم على جسمه الذي اخضر بسببه .. اضافة لشواهد اخرى في ذلك .
اذن هو يمارس القتل والقمع ولكن يغطي الامر بغطاءات شرعية : الارتداد .. الجن .. وفي موضوع الزهراء (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) الشورى المزعومة وما تبعها من تحريفات كبرى وبدع عظمى في دين الله .
سياسة ابو بكر الداخلية تؤكد انه اقتحم بيت الزهراء.
في خلال اقل من ثلاث سنوات من حكمه .. شنّ ابوبكر عدة حروب .. وهذا يشير الى ان عقليته عقلية عدوان وان اسلوبه في حل ( مشكلاته ) هي استخدام القوة والارهاب : الحرب على المسلمين المعارضين لحكمه تحت شعار حروب الردة ... قتل سعد بن عبادة زعيم الانصار .. الحرب مع الروم..
البعرة تدل على البعير .. والاثر يدل على المسير ..
وقد رفع ابو بكر سيف الارهاب في وجه اي معارضة ( محتملة ) .. وقبل ان يعارضه اي احد .. وذلك بعد ساعات من انقلابه وتقلده مقاليد حكمه المشؤوم :
فاذا كانت تلك سيرة ابو بكر في التعامل مع معارضيه في اطراف البلاد .. فكيف ستكون معاملته مع معارضيه في عقر داره ... وعلى مقربة من مقر حكمه .. مع بيت علي وفاطمة عليهما السلام ؟ بالتأكيد لن يكون تعامله الا اشد قسوة وعنفاً .. وهذا ما فعله تماماً .. وقد اعلن قبيل هلاكه أسفه على كشف بين الزهراء (عَلَيْهِا السَّلاَمُ)
من الثابت أنّ وضع السلطة القرشيّة كان ضعيفاً في الأسابيع الأولى ، وقد اعترف عمر بأنّ عامّة الأنصار كانوا معارضين لهم ، فقال كما في البخاري ،ج 8 ،ص 26 : ( وإنَّه قدْ كانَ مِن خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أنَّ الأنْصَارَ خَالَفُونَا، واجْتَمَعُوا بأَسْرِهِمْ في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ والزُّبَيْرُ ومَن معهُمَا ) .
وعدَّ المؤرخون عشرات الصحابة من الأنصار والمهاجرين ، أدانوا السقيفة ، أو امتنعوا عن البيعة ، وإنّما كان المعتصمون في بيت علي وفاطمة (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) بعضهم !
وقد هزَّت هذه الخطبة الفاطميّة وضع السلطة القرشيّة الجديدة ، وذكر الرواة أن البكاء عمَّ الناس ذلك اليوم ، وأنّ بعض الأنصار هتفوا باسم علي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) للخلافة فخاف أبو بكر وعمر أن يتحرّك الأنصار لنصرة عترة النبي (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) والإطاحة بهم !.
تُجمِع روايات سنية وشيعية على إثبات أن هناك نفرًا من المسلمين، أيدوا علي بن أبي طالب في موقفه الرافض لنتائج اجتماع السقيفة، وأن مواقف هؤلاء تباينت واختلفت في طبيعتها وشدتها. فمنهم من تعاطف مع علي وإن كان قد بايع أبا بكر، ومنهم من رفض مبايعة الخليفة الأول رفضًا مطلقًا وحمل السلاح في سبيل ذلك، وبعضهم عُرِضَ عليه التأييد والنصرة والعون بالمال والرجال والعتاد
فمن أهم الشخصيات التي تُجمِع المصادر السنية والشيعية على موالاتها لعلي بن أبي طالب في تلك الفترة التاريخية الدقيقة، شخصية الزبير بن العوام، إذ تؤكد المصادر التاريخية أن الزبير انقطع مع علي في بيته رافضًا أن يبايع أبا بكر
بعض الروايات، ومنها ما ورد في «الكامل» لابن الأثير، أكدت أن الزبير شهرَ سيفه وأقسم ألا يُرجعه لغمده حتى يُبايع علي بالخلافة .
نستطيع أن نتقبل فكرة نُصرة الزبير لعلي في تلك المرحلة، خصوصًا أن هناك صلة قرابة قوية تجمع بينهما. فالزبير ابن صفية بنت عبد المطلب، عمة علي بن أبي طالب .
هناك عدد من الأقوال المنسوبة إلى علي، ويؤكد فيها أنه كان يرى الزبير فردًا من بني هاشم، وظل على تلك المكانة حتى كبر ابنه عبد الله .
في السياق نفسه، تواترت الأخبار عن أن الهاشميين كلهم ساندوا علي في موقفه تجاه نتائج السقيفة، فكان من أهم رجال بني هاشم الذين أيدوه، العباس بن عبد المطلب وأبناؤه، كما يذكر اليعقوبي في تاريخه .
إن عددًا من الأنصار كانوا يرون أحقية علي في الخلافة. فقد ورد في تاريخ الطبري، من أن بعضهم قال: «لا نبايع إلا علي»، أو «لا نبايع حتى يُبايَع علي».
وفي ما أورده اليعقوبي في تاريخه، أنه في أثناء المجادلات بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة، قال أحد الأنصار، هو المنذر بن أرقم، إن فيهم (يقصد المهاجرين) لرجلًا لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد. يعني علي بن أبي طالب.
ما يعني أن هناك قِطاعًا من الأنصار، ممن لم تغلب عليه النزعة القبلية الأوسية أو الخزرجية، كان علويَّ الهوى، ويفضل أن يصل ابن أبي طالب إلى السلطة.
كان هناك عدد آخر من الصحابة، من أمثال عمار بن ياسر والمقداد بن عمرو وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي والبراء بن عازب وحذيفة بن اليمان وأبيُّ بن كعب وأبو الهيثم بن التيهان وخالد بن سعيد وعبادة بن الصامت وبريدة الأسلمي وأم أيمن، ممن يتشيعون لعلي، ويعتقدون بأحقيته في خلافة الرسول.
ولذلك بادر أبو بكر وخطب فنال من علي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بدون أن يسمّيه ، وهدّد الأنصار بطلقاء قريش المتكاثرين في المدينة ! ولا بدّ أنّهم قاموا بأعمال أخرى حتّى استطاعوا أن يهدئوا الوضع ، ويسكتوا أنصار فاطمة والعترة النبويّة !
قال الجوهري في السقیفة و فدك ، ج1، ص102 : « فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ خُطْبَتَهَا شَقَّ عَلَيْهِ مَقَالَتُهَا فَصَعِدَ اَلْمِنْبَرَ وَ قَالَ: أَيُّهَا اَلنَّاسُ مَا هَذِهِ اَلرِّعَةُ إِلَى كُلِّ قَالَةٍ، أَيْنَ كَانَتْ هَذِهِ اَلْأَمَانِيُّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، أَلاَ مَنْ سَمِعَ فَلْيَقُلْ، وَمَنْ شَهِدَ فَلْيَتَكَلَّمْ، إِنَّمَا هُوَ ثُعَالَةٌ شَهِيدُهُ ذَنَبُهُ، مُرِبٌّ لِكُلِّ فِتْنَةٍ، هُوَ اَلَّذِي يَقُولُ: كَرُّوهَا جَذَعَةً بَعْدَ مَا هَرِمَتْ، يَسْتَعِينُونَ بِالضَّعَفَةِ، وَيَسْتَنْصِرُونَ بِالنِّسَاءِ، كَأُمِّ طِحَالٍ أَحَبُّ أَهْلِهَا إِلَيْهَا اَلْبَغِيُّ؛ أَلاَ إِنِّي لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ، وَلَوْ قُلْتُ لَبُحْتُ، إِنِّي سَاكِتٌ مَا تُرِكْتُ، ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَى اَلْأَنْصَارِ فَقَالَ: قَدْ بَلَغَنِي يَا مَعْشَرَ اَلْأَنْصَارِ مَقَالَةُ سُفَهَائِكُمْ، وَ أَحَقُّ مَنْ لَزِمَ عَهْدَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، أَنْتُمْ، فَقَدْ جَاءَكُمْ فَآوَيْتُمْ وَ نَصَرْتُمْ، أَلاَ إِنِّي لَسْتُ بَاسِطاً يَداً وَ لاَ لِسَاناً عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ ذَلِكَ مِنَّا. ثُمَّ نَزَلَ، فَانْصَرَفَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ إِلَى مَنْزِلِهَا! ».
وقال في شرح النهج ،ج 16 ،ص 214، بعد نقل كلام أبي بكر هذا برواية الجوهري
« قلت : قرأت هذا الكلام على النقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصري وقلت له : بمن يعرِّض ؟ فقال : بل يصرح. قلت : لو صرح لم أسألك ! فضحك وقال : بعلي بن أبي طالب. قلت : هذا الكلام كلّه لعلي يقوله ! قال : نعم ، إنّه الملك يا بنيَّ ، قلت : فما مقالة الأنصار ؟ قال : هتفوا بذكر عليٍّ فخاف من اضطراب الأمر عليهم ، فنهاهم.
فسألته عن غريبه ، فقال : أما الرِّعة بالتخفيف ، أيّ الإستماع والإصغاء ، والقالة : القول ، وثعالة : اسم الثعلب علم غير مصروف ، ومثل ذؤاله للذئب ، وشهيده ذنبه أيّ لا شاهد له على ما يدّعى إلّا بعضه وجزء منه ، وأصله مثلٌ ، قالوا : إنّ الثعلب أراد أن يغري الأسد بالذئب ، فقال : إنّه قد أكل الشاة التي كنت قد أعددتها لنفسك وكنتُ حاضراً ، قال : فمن يشهد لك بذلك ؟ فرفع ذنبه وعليه دم ، وكان الأسد قد افتقد الشاة. فقبل شهادته وقتل الذئب. ومُرب : ملازم ، أربَّ بالمكان.
وكرُّوها جذعة : أعيدوها إلى الحال الأولى ، يعني الفتنة والهرج. وأم طحال: امرأة بغيٌّ في الجاهليّة ويضرب بها المثل فيقال : أزنى من أمّ طحال .
وفي ظل هذه المعارضة التي إستشعرها أبو بكر ومن ورائه عمر بن الخطاب شعور قتل الولد( أي الخلافة) في مهده مباشرة بعد ولادته فبحثوا عن مؤيدين أشداء يدافعون عن خلافته المزعومة فوجدوها في قبيلة أسلم :
قبيلة أسلم قبيلة من قبائل الأعراب التي تسكن البادية حوله المدينة، روى الشيخ المفيد في كتابه (الجمل) عن زايدة بن قدامة: ( قال: كان جماعة من الأعراب قد دخلوا المدينة ليتماروا منها - أي: لتأخذ الطعام من المدينة إلى محلّ سكناها - فشغل الناس عنهم بموت رسول الله(صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فشهدوا البيعة وحضروا الأمر، فأنفذ إليهم عمر واستدعاهم، وقال لهم: خذوا بالحظ من المعونة على بيعة خليفة رسول الله واخرجوا إلى الناس واحشروهم ليبايعوا، فمن امتنع فاضربوا رأسه وجبينه .
قال: والله لقد رأيت الأعراب تحزّموا، واتّشحوا بالأُزر الصنعانية، وأخذوا بأيديهم الخشب وخرجوا حتّى خبطوا الناس خبطاً، وجاءوا بهم مكرهين إلى البيعة )،كتاب الجمل، ص 59، دعوى الإجبار في البيعة .
وهناك من يقول: كان هناك اتّفاقاً بين أبي بكر وعمر وأنصارهما وبين هذه القبيلة لتوقيت الدخول في هذا الوقت، باعتبار أنّ عمر أيقن بالنصر، كما قال عند رؤيته لهذه القبيلة، فقد روى الطبري عن هشام: ( قال أبو مخنف: فحدّثني أبو بكر بن محمّد الخزاعي: أنّ أسلم أقبلت بجماعتها حتّى تضايق بهم السكك، فبايعوا أبا بكر، فكان عمر يقول: ما هو إلاّ أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر )، تاريخ الطبري ،ج2،ص 458.
وبالتالي فهذا القائل يرجّح أنّ هناك اتّفاقاً بين الطرفين، فكأنّ عمر كان يتوقّع حضورهم، فإنّ الذي فعلته القبيلة عند حضورها، هو المبايعة لأبي بكر؛ ففي (الكامل في التاريخ) لابن الأثير: ( وجاءت أسلم فبايعت فقوي أبو بكر بهم وبايع الناس بعد )،الكامل في التاريخ ،ج 2،ص 331 ، حديث سقيفة .
ولا يظهر من الروايات أنّه حصل سفك للدماء بمعونة مباشرة من هذه القبيلة .
نعم، إنّ أبا بكر قويّ جانبه بهذه الجماعات، وبذلك استطاع تهديد بني هاشم وغيرهم من الرافضين لبيعته .
تعليق