إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مَسألَةُ فَدَك مَاذا تَعني لِفَاطِمَةَ الزَّهراءِ(عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) :-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مَسألَةُ فَدَك مَاذا تَعني لِفَاطِمَةَ الزَّهراءِ(عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) :-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ




    كانت هذه المرأة العظيمة والمضحّية زوجةً لائقةً لرجلٍ مجاهدٍ وجنديّ وقائد دائمٍ في ميدان الحرب.
    فحياة فاطمة الزّهراء
    (عَلَيْهِا السَّلاَمُ)، وإن كانت قصيرة ولم تبلغ أكثر من عشرين سنة، لكنّها من جهة الجهاد والنّضال والسّعي والصّبر الثوريَّين، والدّرس والتّعليم والتعلّم والخطابة، والدّفاع عن النبوّة والإمامة والنّظام الإسلاميّ، كانت بحرًا مترامياً من السّعي والجهاد والعمل، وفي النّهاية الشهادة .
    إنّ جهاد تلك المكرَّمة في الميادين المختلفة هو جهاد نموذجيّ في الدفاع عن الإسلام، وفي الدّفاع عن الإمامة والولاية، وفي الدّفاع عن النبيّ
    (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) ، وفي حفظ أكبر القادة الإسلاميّين، وهو أمير المؤمنين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) زوجها .
    لما توفي رسول الله
    (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) واستولى أبو بكر على منصة الحكم ومضت عشرة أيام. واستقام له الأمر بعث إلى فدك مَن أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) .
    ما سرِّ هذا الإصرار من قبلِ سيدة النساء على مسألة فدك؟والجواب: من ثلاثة وجوه:
    الوجه الأول: أنها كانت ذات اليد،كانت فدك للسيدة فاطمة الزهراء
    (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) أي كانت متصرفة في فدك، فلا يجوز انتزاع فدك من يدها إلا بالدليل والبيّنة. كما قال رسول الله (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) (البيّنة على المدعي، واليمين على من أنكر) وما كان على السيدة فاطمة أن تقيم البيّنة لأنها ذات اليد .
    الوجه الثاني: أنها كانت تملك فدك بالنحلة والعطيّة والهبة من أبيها رسول الله
    (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ).
    الوجه الثالث: أنها كانت تستحق فدك بالإرث من أبيها الرسول
    (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)ولكن القوم خالفوا هذه الوجوه الثلاثة، فقد طالبوها بالبينة، وطالبوها بالشهود على النحلة، وأنكروا وراثة الأنبياء .
    وبإمكان السيدة فاطمة أن تطالب بحقها بكل وجه من هذه الوجوه .
    وَ رَوَى اَلْعَلاَّمَةُ فِي كَشْكُولِهِ - اَلْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ - عَنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ مَوْلاَيَ جَعْفَرٌ اَلصَّادِقُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : ( لَمَّا وُلِّيَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ قَالَ لَهُ عُمَرُ : إِنَّ اَلنَّاسَ عَبِيدُ هَذِهِ اَلدُّنْيَا لاَ يُرِيدُونَ غَيْرَهَا، فَامْنَعْ عَنْ عَلِيٍّ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ اَلْخُمُسَ، وَ اَلْفَيْءَ، وَ فَدَكاً ، فَإِنَّ شِيعَتَهُ إِذَا عَلِمُوا ذَلِكَ تَرَكُوا عَلِيّاً وَ أَقْبَلُوا إِلَيْكَ رَغْبَةً فِي اَلدُّنْيَا وَ إِيثَاراً وَ مُحَابَاةً عَلَيْهَا، فَفَعَلَ أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ وَ صَرَفَ عَنْهُمْ جَمِيعَ ذَلِكَ. فَلَمَّا قَامَ - أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ - أَمَرَ مُنَادِيَهُ : مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي حَتَّى أَقْضِيَهُ، وَ أَنْجَزَ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ وَ لِجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْبَجَلِيِّ ،
    قَالَ: عَلِيٌّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) : صِيرِي إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَ ذَكِّرِيهِ فَدَكاً ، فَصَارَتْ فَاطِمَةُ إِلَيْهِ وَ ذَكَرَتْ لَهُ فَدَكاً مَعَ اَلْخُمُسِ وَ اَلْفَيْءِ، فَقَالَ : هَاتِي بَيِّنَةً يَا بِنْتَ رَسُولِ اَللَّهِ . فَقَالَتْ: أَمَّا فَدَكُ ، فَإِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ قُرْآناً يَأْمُرُ فِيهِ بِأَنْ يُؤْتِيَنِي وَ وُلْدِي حَقِّي ، قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: فَآتِ ذَا اَلْقُرْبىٰ حَقَّهُ فَكُنْتُ أَنَا وَ وُلْدِي أَقْرَبَ اَلْخَلاَئِقِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَنَحَلَنِي وَ وُلْدِي فَدَكاً ، فَلَمَّا تَلاَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: وَ اَلْمِسْكِينَ وَ اِبْنَ اَلسَّبِيلِ ، قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَا حَقُّ اَلْمِسْكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ؟ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ ، فَقَسَمَ اَلْخُمُسَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ، فَقَالَ: مٰا أَفٰاءَ اَللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ اَلْقُرىٰ فَلِلّٰهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ كَيْ لاٰ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ اَلْأَغْنِيٰاءِ فَمَا لِلَّهِ فَهُوَ لِرَسُولِهِ ، وَ مَا لِرَسُولِ اَللَّهِ فَهُوَ لِذِي اَلْقُرْبَى، وَ نَحْنُ ذُو اَلْقُرْبَى. قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ . فَنَظَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ إِلَى عُمَرَ بْنِ اَلْخَطَّابِ وَ قَالَ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ عُمَرُ : وَ مَنِ اَلْيَتَامَى وَ اَلْمَسَاكِينُ وَ أَبْنَاءُ اَلسَّبِيلِ؟ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) : اَلْيَتَامَى اَلَّذِينَ يَأْتَمُّونَ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِذِي اَلْقُرْبَى، وَ اَلْمَسَاكِينُ اَلَّذِينَ أَسْكَنُوا مَعَهُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ، وَ اِبْنُ اَلسَّبِيلِ اَلَّذِي يَسْلُكُ مَسْلَكَهُمْ. قَالَ عُمَرُ : فَإِذًا اَلْخُمُسُ وَ اَلْفَيْءُ كُلُّهُ لَكُمْ وَ لِمَوَالِيكُمْ وَ أَشْيَاعِكُمْ؟! فَقَالَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) : أَمَّا فَدَكُ فَأَوْجَبَهَا اَللَّهُ لِي وَ لِوُلْدِي دُونَ مَوَالِينَا وَ شِيعَتِنَا، وَ أَمَّا اَلْخُمُسُ فَقَسَمَهُ اَللَّهُ لَنَا وَ لِمَوَالِينَا وَ أَشْيَاعِنَا كَمَا يُقْرَأُ فِي كِتَابِ اَللَّهِ . قَالَ عُمَرُ : فَمَا لِسَائِرِ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ وَ اَلتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ ؟ قَالَتْ فَاطِمَةُ : إِنْ كَانُوا مَوَالِيَنَا وَ مِنْ أَشْيَاعِنَا فَلَهُمُ اَلصَّدَقَاتُ اَلَّتِي قَسَمَهَا اَللَّهُ وَ أَوْجَبَهَا فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اَلْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقٰابِ إِلَى آخِرِ اَلْقِصَّةِ، قَالَ عُمَرُ : فَدَكُ لَكِ خَاصَّةً وَ اَلْفَيْءُ لَكُمْ وَ لِأَوْلِيَائِكُمْ؟ مَا أَحْسَبُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ يَرْضَوْنَ بِهَذَا!! قَالَتْ فَاطِمَةُ : فَإِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ رَضِيَ بِذَلِكِ، وَ رَسُولُهُ رَضِيَ بِهِ ، وَ قَسَمَ عَلَى اَلْمُوَالاَةِ وَ اَلْمُتَابَعَةِ لاَ عَلَى اَلْمُعَادَاةِ وَ اَلْمُخَالَفَةِ، وَ مَنْ عَادَانَا فَقَدْ عَادَى اَللَّهَ، وَ مَنْ خَالَفَنَا فَقَدْ خَالَفَ اَللَّهَ، وَ مَنْ خَالَفَ اَللَّهَ فَقَدِ اِسْتَوْجَبَ مِنَ اَللَّهِ اَلْعَذَابَ اَلْأَلِيمَ وَ اَلْعِقَابَ اَلشَّدِيدَ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ. فَقَالَ عُمَرُ : هَاتِي بَيِّنَةً يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ عَلَى مَا تَدَّعِينَ؟! فَقَالَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) : قَدْ صَدَّقْتُمْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اَللَّهِ وَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اَللَّهِ وَ لَمْ تَسْأَلُوهُمَا اَلْبَيِّنَةَ! وَ بَيِّنَتِي فِي كِتَابِ اَللَّهِ ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّ جَابِراً وَ جَرِيراً ذَكَرَا أَمْراً هَيِّناً، وَ أَنْتَ تَدَّعِينَ أَمْراً عَظِيماً يَقَعُ بِهِ اَلرِّدَّةُ مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ !. فَقَالَتْ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ): إِنَّ اَلْمُهَاجِرِينَ بِرَسُولِ اَللَّهِ وَ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اَللَّهِ هَاجَرُوا إِلَى دِينِهِ، وَ اَلْأَنْصَارُ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ بِذِي اَلْقُرْبَى أَحْسَنُوا، فَلاَ هِجْرَةَ إِلاَّ إِلَيْنَا، وَ لاَ نُصْرَةَ إِلاَّ لَنَا، وَ لاَ اِتِّبَاعَ بِإِحْسَانٍ إِلاَّ بِنَا، وَ مَنِ اِرْتَدَّ عَنَّا فَإِلَى اَلْجَاهِلِيَّةِ . فَقَالَ لَهَا عُمَرُ : دَعِينَا مِنْ أَبَاطِيلِكِ، وَ أَحْضِرِينَا مَنْ يَشْهَدُ لَكِ بِمَا تَقُولِينَ!!. فَبَعَثَتْ إِلَى عَلِيٍّ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَ أُمِّ أَيْمَنَ وَ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ - وَ كَانَتْ تَحْتَ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ - فَأَقْبَلُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَ شَهِدُوا لَهَا بِجَمِيعِ مَا قَالَتْ وَ اِدَّعَتْهُ. فَقَالَ : أَمَّا عَلِيٌّ فَزَوْجُهَا، وَ أَمَّا اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ اِبْنَاهَا ، وَ أَمَّا أُمُّ أَيْمَنَ فَمَوْلاَتُهَا، وَ أَمَّا أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَقَدْ كَانَتْ تَحْتَ جَعْفَرِ اِبْنِ أَبِي طَالِبٍ فَهِيَ تَشْهَدُ لِبَنِي هَاشِمٍ ، وَ قَدْ كَانَتْ تَخْدُمُ فَاطِمَةَ ، وَ كُلُّ هَؤُلاَءِ يَجُرُّونَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ!. فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) : أَمَّا فَاطِمَةُ فَبَضْعَةٌ مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) ، وَ مَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَى رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ مَنْ كَذَّبَهَا فَقَدْ كَذَّبَ رَسُولَ اَللَّهِ ، وَ أَمَّا اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ فَابْنَا رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ ، مَنْ كَذَّبَهُمَا فَقَدْ كَذَّبَ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) إِذْ كَانَ أَهْلُ اَلْجَنَّةِ صَادِقِينَ، وَ أَمَّا أَنَا فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ مِنِّي وَ أَنَا مِنْكَ ، وَ أَنْتَ أَخِي فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ ، وَ اَلرَّادُّ عَلَيْكَ هُوَ اَلرَّادُّ عَلَيَّ، وَ مَنْ أَطَاعَكَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَ مَنْ عَصَاكَ فَقَدْ عَصَانِي ، وَ أَمَّا أُمُّ أَيْمَنَ فَقَدْ شَهِدَ لَهَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْجَنَّةِ ، وَ دَعَا لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَ ذُرِّيَّتِهَا. قَالَ عُمَرُ : أَنْتُمْ كَمَا وَصَفْتُمْ أَنْفُسَكُمْ، وَ لَكِنْ شَهَادَةُ اَلْجَارِّ إِلَى نَفْسِهِ لاَ تُقْبَلُ. فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : إِذَا كُنَّا كَمَا نَحْنُ كَمَا تَعْرِفُونَ وَ لاَ تُنْكِرُونَ ، وَ شَهَادَتُنَا لِأَنْفُسِنَا لاَ تُقْبَلُ، وَ شَهَادَةُ رَسُولِ اَللَّهِ لاَ تُقْبَلُ، فَ‍ إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ ، إِذَا اِدَّعَيْنَا لِأَنْفُسِنَا تَسْأَلُنَا اَلْبَيِّنَةَ؟! فَمَا مِنْ مُعِينٍ يُعِينُ، وَ قَدْ وَثَبْتُمْ عَلَى سُلْطَانِ اَللَّهِ وَ سُلْطَانِ رَسُولِهِ ، فَأَخْرَجْتُمُوهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى بَيْتِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَ لاَ حُجَّةٍ: وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ . ثُمَّ قَالَ لِفَاطِمَةَ : اِنْصَرِفِي حَتّٰى يَحْكُمَ اَللّٰهُ بَيْنَنٰا وَ هُوَ خَيْرُ اَلْحٰاكِمِينَ قَالَ اَلْمُفَضَّلُ : قَالَ مَوْلاَيَ جَعْفَرٌ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : كُلُّ ظُلاَمَةٍ حَدَثَتْ فِي اَلْإِسْلاَمِ أَوْ تَحْدُثُ، وَ كُلُّ دَمٍ مَسْفُوكٍ حَرَامٍ، وَ مُنْكَرٍ مَشْهُورٍ ، وَ أَمْرٍ غَيْرِ مَحْمُودٍ، فَوِزْرُهُ فِي أَعْنَاقِهِمَا وَ أَعْنَاقِ مَنْ شَايَعَهُمَا أَوْ تَابَعَهُمَا وَ رَضِيَ بِوِلاَيَتِهِمَا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ ..)، بحار الأنوار ، ج29 ،ص194.
    ولهذا طالبت بفدك عن طريق النحلة أوّلاً، ثم طالبت بها عن طريق الإرث ثانياً
    كما صرّح بذلك الحلبي في سيرته ،ج 3 ،ص39، قال: إن فاطمة أتت أبا بكى بعد وفاة رسول الله (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وقالت
    : ( إن فدك نحلة أبي، أعطانيها حال حياته ). وأنكر عليها أبو بكر وقال: أُريد بذلك شهوداً فشهد لها علي، فطلب شاهداً آخر فشهدت لها أُم أيمن فقال لها: أبِرَجُلٍ وامرأة تستحقينها؟؟
    وذكر العلامة البحراني : عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: ( لَمَّا بُويِعَ لِأَبِي بَكْرٍ ، وَ اِسْتَقَامَ لَهُ اَلْأَمْرُ عَلَى جَمِيعِ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ ، بَعَثَ إِلَى فَدَكَ ، فَأَخْرَجَ وَكِيلَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) مِنْهَا، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ ، مَنَعْتَنِي مِيرَاثِي مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ) ، وَ أَخْرَجْتَ وَكِيلِي مِنْ فَدَكَ وَ قَدْ جَعَلَهَا لِي رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) بِأَمْرِ اَللَّهِ؟! فَقَالَ لَهَا: هَاتِي عَلَى ذَلِكَ شُهُوداً. فَجَاءَتْ بِأُمِّ أَيْمَنَ ، فَقَالَتْ: لاَ أَشْهَدُ حَتَّى أَحْتَجَّ - يَا أَبَا بَكْرٍ - عَلَيْكَ بِمَا قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) ، فَقَالَتْ: أَنْشُدُكَ اَللَّهَ - يَا أَبَا بَكْرٍ - أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) قَالَ: إِنَّ أُمَّ أَيْمَنَ اِمْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَتْ: فَأَشْهَدُ أَنَّ اَللَّهَ أَوْحَى إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) : فَآتِ ذَا اَلْقُرْبىٰ حَقَّهُ فَجَعَلَ فَدَكاً لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) بِأَمْرِ اَللَّهِ. وَ جَاءَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَشَهِدَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَكَتَبَ لَهَا كِتَاباً بِرَدِّ فَدَكَ، وَ دَفَعَهُ إِلَيْهَا، فَدَخَلَ عُمَرُ ، فَقَالَ: مَا هَذَا اَلْكِتَابُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّ فَاطِمَةَ اِدَّعَتْ فِي فَدَكٍ ، وَ شَهِدَتْ لَهَا أُمُّ أَيْمَنَ وَ عَلِيٌّ ، فَكَتَبْتُ لَهَا بِفَدَكَ . فَأَخَذَ عُمَرُ اَلْكِتَابَ مِنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) فَمَزَّقَهُ، وَ قَالَ: هَذَا فَيْءُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَ قَالَ: أَوْسُ بْنُ اَلْحَدَثَانِ ، وَ عَائِشَةُ ، وَ حَفْصَةُ يَشْهَدُونَ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: إِنَّا مَعَاشِرَ اَلْأَنْبِيَاءِ لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ، وَ إِنَّ عَلِيّاً زَوْجُهَا يَجُرُّ إِلَى نَفْسِهِ، وَ أُمُّ أَيْمَنَ فَهِيَ اِمْرَأَةٌ صَالِحَةٌ، لَوْ كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا لَنَظَرْنَا فِيهِ. فَخَرَجَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) مِنْ عِنْدِهِمَا بَاكِيَةً حَزِينَةً )، تفسیر البرهان ، ج ص346.
    لماذا هذا الإصرار من الزهراء والإمام عليٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) بمطالبتهما بأموال بني النظير وفدك وسهم خيبر ، وبإرث فاطمة الزهراء(عَلَيْهِا السَّلاَمُ) من أبيها ، وغير ذلك ؟
    فهذا الإصرار على تحدِّي السلطة في إجراءاتها الظالمة ، ومغاضبة الزهراء
    (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) للغاصبين حتى توفِّيَت ، حيثُ أوصَتْ أنْ تُدفن ليلاً ، كل ذلك يجعلنا نتساءل عن السرِّ الكامن وراء تلك المطالبة ، وذلك الإصرار
    ولعلنا نستطيع أن نستلْهِمَ من ذلك دروساً وعبراً للحياة ، منها :
    1- إنَّ انتصار الحق و تأكيده ، ورفض الباطل وإدانته ، مِن المُثُل الإسلامية العُليا ، التي سَعَى النبي
    (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) والأئمة الأطهار (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) إلى تثبيتها في المجتمع الإسلامي ، والتأكيد عليها في مختلف ظروف الحياة الإسلامية.
    فكانت هذه المطالبة شُعلة وَهَّاجَة ، تُنير الدرب أمام المظلومين المغصوب حقَّهم ، وتحرق بوهجها وشَرَرِها الحُكَّام الظالمين على مَرِّ الأيام والدهور
    2- إن موقف فاطمة الزهراء
    (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) في هذا الظرف الحَرِج ، واحتجاجاتها بالدستور الإسلامي القرآن الكريم ، واستشهادها بالصحابة ، يبيِّن مَدَى الانحراف الخطير الذي حدث بمسيرة الإسلام والمسلمين بعد وفاة الرسول الأكرم (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) .
    فحاولت الزهراء وعلي
    (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) تحييد هذا الانحراف وتعديله منذ لحظاته الأولى،وكان هذا واجبهما أمام الله والمجتمع ،سواء أعادَ الحقُّ إلى أصحابه أو لم يعد .
    3- إن فاطمة الزهراء
    (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) أعطَتْ درساً لكُلِّ المسلمين من وجوب قول الحق ، والوقوف بوجه الحاكم الغاصب والظالم ، وأنَّه ليس بمنأىً عن الحساب والعتاب والعقاب ، وليس فوق القانون شيء .
    وأنَّ الحاكم موجود لِحِماية القانون ، والالتزام بما يفرضه الشرع عليه من التزامات في نِطاق موقفه ومنصبه هذا .
    4- إن الاعتراض والمطالبة بالحق والعدالة ليسَتْ من اختِصاص الرجال ، بل من اختصاص كُلِّ شرائح المجتمع ، بما فيه النساء ، لأنَّهُنَّ عنصر من عناصره .
    5- إن المطالبة بالحق ، والانتصار لله تعالى ليس مشروط بإمكانية الحصول على الهدف ، وإنما هو تسجيل موقف عقائدي مرتبط بالتصدِّي للانحراف ، ومطالِبٌ بتصحيح الأخطاء ، ومُنبِّه لِمَن غفل أو تغافل عن هذا الانحراف .
    وكذلك هو إظهار مواقف كلا الطرفين ، من الظالم والمظلوم ، وصاحب الحق ومغتصبِه ، والحاكم والرعيَّة ، فإظهار مواقف الطرفين على حقيقتها أمام المجتمع تؤدِّي إلى تثبيت أُسُس الحقِّ والعدالة ، وتنوُّر فِكر الرعيَّة ، حتى لو كان الظالم شاهراً سيفَه ، أو مفرِّقاً أمواله لشراء العقول ، فإن العقل سيحكمُ ولو بداخل نفسه وتحت أستار ستائره ، بالحق والعدل .
    6- إن فاطمة الزهراء
    (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) معصومة بِنَصِّ القرآن الكريم ، بالآية الشريفة التي نقَلَها الفريقان : ﴿
    إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ،سُورَةُ الأحزابِ ،الآية 33.
    ومن غير المُمكن أن تطالِب الزهراء بِحقٍّ ليس لها ، لأنَّ ذلك ينافي العصمة ، وغيرها غير معصوم ، وهذا يعني أن كلامها
    (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) حُجَّة ، يجب الالتزام به ، وكلام غيرها ادِّعاءً وليس بِحُجَّة .
    وأنَّ غضبَها وسخطَها غضبُ وسخطُ لله تعالى ، ولا يُخفَى أنها (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) ماتت وهي واجدة وغاضبة على أولئك الذين أخذوا حقَّها ، واستأثروا به دونها .
    التعديل الأخير تم بواسطة الاشتر; الساعة 13-12-2022, 04:06 PM.

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    ​​​
    مأجورين ​​

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X