تعكس البحوث قيمة الرأي العلمي لقضية من قضايا الأمة، وفق منطق أكاديمي قادر على استيعاب الموضوع، وعرضه ضمن القيم الانسانية، وفي مؤتمر فتوى الدفاع الكفائي في العتبة العباسية المقدسة، قدّم الباحث حسين جويد الكندي البحث المعنوي (ما قبل مقررات مؤتمر لوزان) عام (1912م) وفتوى الجهاد في النجف الاشرف، ومحور القضية الفتاوى الدينية للسيد اليزدي (قدس سره)، والسيد السيستاني (دام ظله الوارف)، وقدرة هذه الفتاوى على تعزيز القدرات العسكرية والتعبوية والمقاومة الجماهيرية، والنتيجة هي محصلة لمعطيات المرجعية الدينية والعراق له غنى واسع في قضية المعطى المرجعي لوجود النجف الاشرف عبر تاريخين متباعدين؛ لكن تحت راية موحدة الفتوى الأولى التي ولدت على إثر تقاسم دول الاستكبار العالمي الأراضي العربية والاسلامية، والاستعدادات الايطالية لاحتلال ليبيا على أعتاب الحرب العالمية، وهذا المؤتمر سُمّي بمؤتمر (لوزان 1912م)، فصدرت الفتوى من علماء الشيعة، الفقيه السيد محمد اليزدي.
ومضات تضيف الى البحث جمالية عبر الرؤية الشاملة في معطيات الفكر الاسمى يتحدى وهو ينظر أولًا- الى أن العقائد والتقاليد الشيعية أغنت الثقافة الاسلامية، ثانيا- شخّص البحث مسألة مهمة وقضية كبيرة وهي استقلالية المؤسسة الدينية الشيعية عن السلطات الحاكمة، والتشخيص الثالث وهو من الومضات المهمة في البحث ونحن نعدها هوية البحث وثقافته، وهو يشخّص لنا دور المدن الشيعية التي أصبحت مراكز قيادية دينية ثقافية أساسية للشيعة.
وبعض التشخيصات المهمة التي ميزت الفكر الشيعي مثل تشخيص دور المرجعية العليا ودور المرجع الاعلى، هذه التشخيصات عنونت لنا الاتجاه (الفكري - السياسي) حين كانت النجف.
تطرق البحث في قضيتين متقابلتين مهمتين: الأولى في جدل بين الاخباريين والأصوليين وبفعل هذا الجدل ظهرت مؤثرات المركز الثقافي الإسلامي، تصدى العلماء للثقافة والنظريات المادية والغربية بالدراسة والنقد وعشرات الكتب والمنحى التضاد.
وضّح البحث مفهوم الحركة الاستعمارية، وبيّن انها ليست حركة سياسية عسكرية، بل هي حركة ثقافية فكرية، علماء الاسلام كانوا في صراعهم مع الغرب متفوقين عليه نفسيا؛ كونهم يمتلكون الطرح البديل للحضارة الغربية، بينما المثقفون من الفكر الغربي لم يكن لديهم الطرح البديل؛ كونهم أرضعوا من ثديّ الغرب.
النصّ البحثي ركّز على ما أنتجه من وجود مجابهة فكرية مع الغرب؛ كونه تيارا مضادا استهدف حماية الأمة من الأخطار الفكرية، نبع من أعماق الأمة، لم يتأثر بمستورد أجنبي، ولا لوثته سياسة خارجية، الجامعات الدينية قادرة على أن تشكل في ظروف التحولات الفكرية والسياسية العامة منهجا مهمّا لمعالجة القضايا المعاصرة المستجدة، التشخيص الأجمل أن هذه الجامعات أبرزت قادة دينيين سياسيين يشكلون ظاهرة تاريخية.
ودقق البحث عند العديد من المواقف المهمة في حياة المرجعية مثل: فتوى الجهاد ضد الاستعمار الاوربي الى خارج نطاق المذهب العقائدي والفقهي، وشخّص البحث معنى شمول أبناء الامة لأسباب شخصها البحث:
أولًا- تطور الوعي السياسي عند مجتهدي الفقهاء الشيعة ومقاومة المحتل الاجنبي ركنا أساسيّا من أركان الاسلام، مما وسع القدرة على الحركة في اطار المرجعية الشرعية، وتعزيز الرؤية السياسية في النظر الى تحديات الواقع في(1917م) تأييد روحي ومادي للمجتمع العربي، ومبادئ تهدف الى الاستقلال العربي العام.
ثانيا- تطور الوعي السياسي والثقافي العام، وفتاوى الفقهاء ودورها في تحريك الواقع الاسلامي.
ثالثا- رفض سياسات الاستعباد الاداري والتسويات الاستعمارية.
ومن التشخيصات المهمة في البحث:
أولًا- لم تكن قوى علماء الشيعة لسواد عيون الدولة العثمانية، وانما كان لمحاربة الغزاة، والامام اليزدي دعم عشائر العراق في الفرات الاوسط ضد الحكم التركي.
والتشخيص الثاني قضية نجاح المرجعية المباركة في التعبئة الشعبية العامة، وهذا ما حدث في فتوى السيد السيستاني لمواجهة داعش والانتصار على قوى الظلام.