إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحجة الباطنة نهاد الدباغ

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحجة الباطنة نهاد الدباغ



    العقل والدماغ من عجائب خلق الله في الإنسان، فتحفيزه يجلب لنا الخير والصلاح، وتجميده يجلب لنا الشرّ والخذلان.
    والعقل هو مصطلح يستعمل أكثر الأحيان للتعبير ووصف جميع وظائف الدماغ البشري العليا، وخاصة الوظائف التي يكون فيها الإنسان واعيا: كالجدل والتفكير والذكاء والتحليل وجميع الانفعالات العاطفية التي يتعرض لها، والتي تعدّ وفق آراء بعضهم بأنها منسوبة للعقل، فالعقل كلمة معنويه تعني القدرة على التفكير.
    أما الدماغ، فهو مصطلح مادي يتمثل بالمحتوى الموجود داخل الجمجمة، ويشتمل على المخ والمخيخ وجذع الدماغ، حيث يتكون الدماغ من(80) بالمئة من الماء، والباقي منه عبارة عن دهون وزنه يبلغ(1400)غرام، ويشتمل الدماغ على عدد من الخلايا العصبية تتراوح بين مئة ومئة وخمسين مليار خلية عصبية، كل خلية عصبية تحتوي على أكثر من(60)ألفا من التشابكات العصبية حيث أنه بالإمكان ارتباط هذه الخلايا العصبية بأكثر من(100)ألف خلية عصبيه أخرى، وكل خلية عصبية تحتوي على السايتوبلازم والنواة مثل باقي خلايا جسم الإنسان بشكل عام وهي محاطة بغلاف خلوي مع ذلك فهي تختلف عن باقي خلايا جسم الإنسان بشكل جوهري؛ لأن خلايا الدماغ لا تخضع لقوانين الاستهلاك حيث أن كل مستهلك لا بديل له.
    تنتقل السيالة العصبية أو النبض العصبي وهو الرسائل التي تنقلها الأعصاب من أعضاء الحس (أجهزة الاستقبال) إلى الجهاز العصبي المركزي ومن الجهاز المركزي إلى أعضاء الاستجابة.
    وتتم عملية النقل إمّا بواسطة كهربائية أو عن طريق التفاعلات الكيماوية بين الأعصاب، تقدر سرعة السيال العصبي في الأعصاب بـ(120)متراً بالثانية أي ما يعادل(432)كم في الساعة فتنتقل السيال العصبي بين دماغ الإنسان من خلايا خمسين مادة كيمائية وبسرعة تفوق سرعة الضوء.
    فالدماغ البشري لديه القدرة على تخزين أكثر من مليوني معلومة في الثانية وذلك من خلال اللاوعي.
    أما بالنسبة للعقل الواعي، فأنه لا يستطيع التركيز لأكثر من تسع معلومات في المرة الواحدة، وإن لم تُحفظ فإنها تُنسى.
    فسبحان الله خالق هذين المخلوقين العجيبين فينا، ونحن غير مطلعين ولا مكترثين وغير مستوعبين لأعاجيب خلق الله فينا، التي تدلّ على عظمة الخالق سبحانه وتعالى: «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ»[فصلت/53].
    ويعتقد العامة من الناس أنه لا فرق بين العقل والدماغ، وأنهما لا يختلفان، والسبب في ذلك الاعتقاد هو أن الأغلبية منهم لم يتعمّقوا في البحث والمعرفة ليروا إن كان هناك فرق أم لا.
    ومما تقدم يتبين وجود فرق شاسع بينهما، وإن مفهوم كل منهما يختلف عن الآخر اختلافا كليا.
    فمن خلال ما وضحناه في البداية من تعريف كل منهما أصبح لدينا القدرة على معرفة الفرق بينهما، وإنهما يختلفان اختلافا كبيرا، وليس كما اعتقده الكثيرون من عدم الفرق بينهما، ولا وجود اختلاف في كل منهما.
    إذن، فالعقل حسب ما فهمنا وما تعرفنا عليه هو من يتخذ القرار، والمخ الذي هو جزء من الدماغ المنفذ لهذه القرارات، سواء كانت المصيرية أو غير المصيرية.
    ولأن العقل هو من يقرر وله القدر على التركيز، سنسلط الضوء عليه أكثر، فالعقل خلق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى، أوجده في رأس هذا الكائن الحي (الإنسان) الذي جعله الله سبحانه خليفة على الأرض؛ ليتفكر ويعي بخلقه كيف خلق من طين لازب (التراب المخلوط بالماء)، وفي السماء كيف رُفعت بلا عمد، والأرض كيف سُطحت، وليفهم أنه لم يُخلق عبثا، وإنه مأمور بإطاعة أوامر الخالق(جلّ وعلا)، وعليه السمع والطاعة دون تمرد وعصيان له سبحانه وتعالى، فلم يجعل الله له عقلا حتى يعيش في هذه الحياة الدنيا عبثا، وإنما خلقه وكرمه ومنحه هذا المخلوق العظيم(العقل) بقدراته دون سائر الكائنات؛ ليتدبر ويفكر به ويعقل ويسير بمرضاة الله(جلّ وعلا) لا أن يشلّ حركته ويجمّده بكل تفاصيله ويتركه للشيطان يعبث به ويحرفه عن طريق الحق والصراط المستقيم الذي أراده الله منه.
    فبالعقل يستطيع الإنسان عمل المعجزات، فيستطيع عمل من المستحيل لا مستحيل، ومن اللاشيء أشياء مهمة ومفيدة له وللمجتمع.
    فالخالق (جلّ وعلا) عندما منحه العقل وميزه به عن سائر مخلوقاته أراد منه استعماله الاستعمال الصحيح والأمثل بتحفيزه على التفكر والتدبّر في خلقه وأمور أخرى تخصّ حياته.
    فقد روي عن الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام) أنه قال لهشام: «ياهشام، إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجه باطنة، أما الظاهرة فالرسل والأنبياء، وأما الباطنة فالعقول».(الشيخ الكليني: 1/6).
    فنعمة العقل هي من أعظم النعم التي أنعمها الله(عز وجل) على الإنسان؛ لما تميزه عن سائر المخلوقات، وروي عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) أنه قال: «لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل»(نهج البلاغة: 478).
    وقد مدح الله(عز وجل) أصحاب العقول في كتابه الكريم في مواضع عديدة حيث بشرهم بمصيرهم الطيب حيث قال: «فَبَشِّرْ عِبادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبابِ»[الزمر/18].
    وأولو الألباب كما هو معروف هم أصحاب العقول. أي أن أصحاب العقول الذين استطاعوا توظيف عقولهم لمصلحتهم ومصلحة مجتمعهم وفائدتهم بالدنيا والآخرة حيث استمعوا لأوامره وأطاعوها وانتهوا لنواهيه وتركوها وكانت النتيجة رضي الله عنهم وبشرهم بالجنة خالدين فيها ابدا.
    وعلى نقيض ذلك، فقد ذمّ الله (جلّ وعلا) الذين لا يتفكرون ولا يعقلون ولا يحركون عقولهم تاركيها مستنقعًا للشيطان يسرح فيها ويمرح كيفما شاء بقوله تعالى: «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ»[الأنفال/22].
    مع أن الله سبحانه وتعالى منحهم العقل ليفكروا ويعقلوا ويتوكلوا عليه، ولكنهم جمدوا عقولهم فسقطوا بين أحضان الشيطان، فأصبحوا كالأنعام بل هم أظلّ.
    ذات يوم قدم للمدينة رجل نصراني من أهل نجران وكان فيه بيان وله وقار، فقيل: يارسول الله، ما أعقل هذا النصراني؟!
    فزجر رسول الله(ص) القائل وقال: «مه، إن العاقل من وحّد الله (عزّ وجل)، وعمل بطاعته، أي بعقله بتوحيد الله وطاعته، وليس بما يرتديه».[تحف العقول/26].
    وفي النهاية، لنعطي لأنفسنا الحرية في اتخاذ القرارات المصيرية دون تدخل من أحد، وأن نعطي لعقولنا مساحة من التفكر والتمعن لاختيار القرار الصحيح، فعقولنا هي من ستحدد لنا مسارنا ان كنا على الطريق المستقيم أم لا.
    وأن لا نجمد هذا العقل الذي منحه الله لنا، ونسير في هذه الحياة الدنيا كالبهائم مع هذا وذاك دون تحكيم العقل ومشاورته في اختيار الأشخاص المقربين، فإن رأى العقل أن ذلك الشخص غير صالح وتمّ تمييزه من خلال أعماله المتناقضة وغير المرضيه للعقل نتركه وإن كنا أحببناه أو تعاطفنا معه، فأعماله السيئة تحتم علينا تركه، فملازمته خسارة لنا في الدنيا والآخرة.
    فكل إنسان إعماله الصالحة أو السيئة هي من تدلّ عليه وتجعله محبوبا او مكروها بين الناس، وتجعلنا نختار بالعقل السوي الشخص الصالح والمتزن دون شك.
    أعجبني
    تعليق
    مشاركة​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X