إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ثنائية الفن والالتزام في منهج الأدب الإسلامي القسم الثاني هاشم الصفار

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ثنائية الفن والالتزام في منهج الأدب الإسلامي القسم الثاني هاشم الصفار



    هل للأدب الإسلامي عصر محدد؟
    إنّ تقسيمات العصور الأدبية ما هي إلا أطر تعليمية؛ لتسهيل الأمر على الباحثين والدارسين، بالرغم من اعتماد هذا التقسيم على الأفق السياسي الحاكم لكل عصر، لذا قد يُفهم من قراءة بعضهم أن الأدب الإسلامي، ما هو إلا ذلك الأدب المنحصر بالفترة من ظهور الإسلام وحتى قيام الدولة الأموية، وهذا المفهوم لا ينسجم مع رؤية الدين الإسلامي وعالميته ومدياته الفكرية والفلسفية والأدبية الممتدة عبر الآفاق، وعلى مدى العصور، ولا يتوقف عند عصر معين.
    إنّ القيم الإسلامية الكبرى تفرض سلطانها على كل العصور، تستوي في ذلك عصور الازدهار والتسامي، وعصور التخلف والتدهور؛ لأن هذه القيم مرتبطة أوثق الارتباط بالعقيدة الإسلامية وبمنهجها، والعجيب أيضاً أنها تبسط هيمنتها على كل الذين يعيشون على أرض الإسلام، سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين؛ لأنها في حقيقة الأمر قيم حضارية عامة، تتغلغل في النظر إلى الأشياء، وفي الفكر والسلوك، وفي العلوم الدنيوية والدينية، وفي التشريع والسياسة والحرب والسلم والاقتصاد، وفي الهدف والوسيلة، وفي آداب الكلمة أيضاً، (...) هذه القيم تظلّ واضحة بارزة مهما ظلّ بعض فعلها معطلا، فهي باقية ما بقيت السماء والأرض، صامدة صمود القرآن العظيم، تشعّ بأنوارها الباهرة عبر العصور المتلاحقة؛ لأنها نابعة أولاً وأخيراً من الرسالة الخاتمة، ومن الكلمة الأخيرة التي نزلت من السماء إلى الأرض(1).
    نشأة مصطلح الأدب الإسلامي:
    ظهر مصطلح (الأدب الإسلامي) في سياق الدعوة إلى الالتزام بالإسلام، وأسلمة جميع مناحي حياة المسلم الثقافية والفكرية والعلمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. وقد استعمل للدلالة على الأدب الذي ينطلق من نظرة الإسلام أو من التصور الإسلامي ليعبر عن آلام المسلمين -بصفة خاصة- وآمالهم، والإنسان -بصفة عامة- وليصوغ تجربة الأديب المسلم الإبداعية صياغة لغوية فنية بديعة آسرة، تحمل المضامين الفكرية والوجدانية المقبولة إسلاميًّا على تعددها وثرائها في أشكال مستحسنة فنيًّا على تنوعها وغناها»(2).
    وقد تصدّر دعوة إقامة أدب إسلامي أبو الحسن الندوي (1914م-2001م)، وقد أشار عبد الرحمن رأفت الباشا إلى ذلك حين قال: وقد كان أول من كتب في الموضوع ونبّه إليه فضيلة العالم العامل الشيخ (أبي الحسن الندوي)؛ وذلك حين اختير عضوا في المجمع العلمي العربي في (دمشق)، حيث قدّم بحثا دعا فيه إلى إقامة أدب إسلامي، والعناية به، فكان أول الداعين إلى ذلك وطليعة المنبهين إليه(3).
    وقد حمل ذلك البحث عنوان (نظرة جديدة إلى التراث الأدبي العربي)، وقد اكتملت أبرز ملامح صورة البحث في كتابه (نظرات في الأدب) الذي تولت رابطة الأدب الإسلامي العالمية إصداره(4).
    ثم تبعه سيد قطب في مقال له، نشر بعد ذلك في كتابه (في التاريخ فكرة ومنهاج)، وفي كتابه (النقد الأدبي أصوله ومناهجه) حيث ورد فيه حديث عن منهج الأدب الإسلامي(5).
    وقد كانت دعوتهما بمثابة اللبنات الأولى في صرح هذا الأدب، وسار على دربهما محمد قطب، حيث توسع في الفكرة وبسطها في كتابه (منهج الفن الإسلامي)(6).
    وقد عدّ هذا الكتاب فاتحة الحديث في (الأدب الإسلامي) بوصفه جزءا لا يتجزأ من الفن الإسلامي، كما ناقشها في أكثر من موضع في كتاباته المتنوعة والمتعددة.
    وواصل المسيرة -على هدي تعاليم الأساتذة الرواد- كل من نجيب الكيلاني بكتابه (الإسلامية والمذاهب الأدبية) وعماد الدين خليل بكتابه (النقد الإسلامي المعاصر)(7).
    فكان هؤلاء الرواد منطلق الدعوة، ثم انضمّ إلى هذا الركب الطيب غيرهما ممن وعى القضية، وتحمس للفكرة، وشعر بشرف المهمة، ونبل الرسالة، وضرورة القيام بالواجب.
    إنّ تلك المحاولات ما هي إلا تجسيد مشروع للقلق من غياب الهوية الإسلامية من نتاجاتنا الإسلامية، ومن بلبلة بوصلتنا وهويتنا؛ جراء فوضى الانقياد والتبعثر لكل ما هو طارئ ومستورد من خارج أطر منظومتنا الفكرية والثقافية العربية والإسلامية.
    وقد وطدت الطريق محاولات أنور الجندي الصادقة في تخليص الأدب العربي من كل الشوائب الغربية الدخيلة عليه، وفي تحريره من قبضة المناهج الوافدة التي سلطت عليه، وقد عبر عن خطأ التجربة ومرارته وعدم سلامة المنهج وضرورة إصلاح الوضع والعودة إلى جادة الطريق بقوله: «ولقد كان من الضروري بعد أن مرّ الآن أكثر من خمسين عاما على تطبيق هذه المناهج، أن تُناقش وتدرس في ضوء الإسلام نفسه منشئ الفكر الإسلامي كله، وصانع الأدب العربي الإسلامي الذي بدأ منطلقًا من القرآن الكريم كما بدأت علوم اللغة والبلاغة والنحو وغيرها»(.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) ينظر: د. نجيب الكيلاني، مدخل الى الادب الاسلامي، ص37-48.
    (2) الأدب الإسلامي قراءة في المصطلح والمفهوم، د. رابح بن خوية.
    (3) ينظر: عبد الرحمن رأفت الباشا: نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، ص: 112.
    (4) أبو الحسن علي الحسني الندوي: نظرات في الأدب.
    (5) ينظر: سيد قطب: النقد الأدبي أصوله ومناهجه، دار الشروق، ص: 114.
    (6) ينظر: محمد قطب: منهج الفن الإسلامي، ص6.
    (7) ينظر: عبد الرحمن رأفت الباشا: نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، ص113.
    ( ينظر: أنور الجندي: خصائص الأدب العربي في مواجهة نظريات النقد الأدبي الحديث، ص9.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X