شهد اليوم الثالث من شهر صفر سنة (57) للهجرة في المدينة المنورة، ولادة آية من آيات الله تعالى التي خلقها ليشير بها الى شمس الحق الساطعة، ولِيُعْلي بها كلمته كلمة التوحيد، ويثبت دعائم شريعته الحقّة.
فقد ولدت السيدة فاطمة بنت الإمام الحسن وزوجة الإمام السجاد وليدها المبارك أبا جعفر محمد الباقر (عليهم السلام)، خامس أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، وقد جعله الربّ كآبائه الطاهرين جامعاً لكلّ الفضائل، عالماً عاملاً ورعاً تقياً .
وكان يُلَقّبْ بعدّةِ ألقاب منها: الشاكر، الأمين، الهادي، الشبيه (لشبهه الكبير برسول الله (ص)). أما أكثر ألقابه شيوعاً هو الباقر، وسبب تسميته بهذا الاسم هو أنه يبقر علم الدين بقراً (كما جاء عن رسول الله (ص)).
عاش الامام الباقر (57) عاما، وكانت مدة إمامته (19 سنة و10 أشهر و12 يوماً). عانى الإمام الباقر من جبابرة عصره ما عانى، فقد ولِدَ في مرحلة صعبة شهدتْ صراعاً على الخلافة بين الأمويين والعباسيين.
ورغم التضييق عليه وإيذائه إلا أنه كان مقارعاً للظلم مواجهاً له، كزهرة النرجس التي تنبت بين الثلوج متحديةً البرد وقسوة الظروف لِتُزهِرَ بِشَكْلها الجّذابْ وعَبيرها الأخّاذ، فقد استغلّ الإمام هذا الصراع بين الأمويين والعباسيين وانشغالهم عنه فترة من الزمن؛ من أجل النهوض بالأمة وترسيخ قواعد التشيع فيها.
ونَشَرَ عِلمه حتى أثرى الساحة الاسلامية بمختلف العلوم كعلوم القرآن والحديث والسنة والفقه والعقيدة وغيرها، فكانتْ حُقبَة إمامَته حُقبة مميزة في تاريخ الإسلام .
استشهد يوم الاثنين في (7 ذي الحجة سنة 114 للهجرة) في المدينة مسموماً بأمر من هشام بن عبد الملك، تاركاً خلفه من العلوم والسيرة العطرة ما ينتفع به العالم أجمع، فسلامٌ عليه يوم وُلِدَ ويومَ استشهدَ ويومَ يُبعثُ حيّاً.