الأطفال والأسلحة:
شهدت عسكرة الأطفال ظاهرة غريبة، وهي حمل صغار السنّ للأسلحة في المرحلة الابتدائية، معارك ومشاجرات تصل حدّ القتل بالأسلحة الجارحة وأبناء المتوسطة تكبر معهم رغبة حيازة السلاح الناري، وخاصة أبناء الطيف العشائري، تلك كارثة لو أهملت تؤثر على سلوكيات الفتيان والشباب.
والمعروف أن مرحلة المراهقة مرحلة انفعالية تثيرها الكثير من الانفعالات التي تعرض حياة أكثر من شخص لشجار بسيط، الجهات الأمنية عاجزة عن متابعة هذه الحالات؛ كونها لا تكتشف إلا بعد الجريمة، ويعني أن الدور الحقيقي للمتابعة يقع على عاتق، بعض العوائل تفتخر بصغارها حين يشتركون بالرمي بالمناسبات: كالوفيات والأفراح وفوز فريق المحلة وأيام الأعياد وعند تنظيف السلاح وإدامته، وحدثت الكثير من حالات القتل المتعمد وغير المتعمد؛ لكون السلاح يترك عند الأطفال، لابد من الانتباه لأولادنا وإبعاد السلاح عنهم.
ــــــــــــــــــــــــــ
كراسي الصح والخطأ:
من يحدد مفاهيم الصحّ والخطأ، ويضع لنا المعايير الصحيحة لنرى بها الصح من الخطأ، ليست هناك معايير ثابتة، كل كرسي له مزاجياته التي يرى منها الخطأ الذي قد يكون صحيحا عند كرسي آخر كرسي يقوده المزاج، وكرسي لديه ثقافة التمييز والوعي، الكرسي المعرش بالخطأ على أي خطأ سيحكم، وأكيد أن الصحّ في مثواه خطأ.
أول الوعي معيار الوالدين والبيت والمجتمع والأخلاق، معايير الصح والخطأ محاطة بالكراس منها تحمل العقد، ومنها ترى الغد وتنظر إليه بألفة، والخطأ يعني الخروج عن المألوف الذي عايشوه دون الوقوف على إيجابياته المحتملة، المهم انه لا يتعارض مع الثوابت الدينية والأخلاقية، والمهم على الكراسي المتنوعة الادارات معاملة المختلف عن السائد معاملة سلمية دون خشونة ومقاربة الاعتقاد، وأما البحث عن الإنسان المعصوم هذا من المستحيل.
الصح والخطأ عالم عميق وربعنا الى اليوم ينظرون اليه باستخفاف، لنتعلم من بعضنا دون النظر الى السلالم الاجتماعية، والمكانات المنمقة، وننظر الى بعضنا لنتعلم كيف نبعد الخطأ، وكيف نحاذر منه، ليس فينا المعصوم، ونادر أن نجد عندنا من يقرّ بخطئه، كلنا يرى نفسه بالسليم، الحكم القاطع والنهائي صعب يا ناس يا بشر يا كراسي، الحكم يحتاج إلى وعي ووجدان ويقظة ضمير، ما نفع الصحّ الذي تراه بعض الكراسي وهو فاقد للقيم الإنسانية وأهداف التعايش السليم، ما نفع الصحّ دون التزام بالسلوك الاجتماعي المقبول بالمحبة والرضا.
ــــــــــــــــــــــــــ
مقومات بناء الذات:
إذا أراد الإنسان أن يصنع لنفسه شخصية قادرة على مواجهة العوالم المحبطة التي لا تريده أن يحتكم على شخصية قادرة على التعايش مع كل ظرف بما تمتلك من إرادة صلبة، لا يمكن الوصول إلى بناء شخصية عامرة بالثقة بالنفس دون امتلاك (الأمل الإنساني) فهو الذي يصنع ذاته، والذات يعني فهم الإنسان لنفسه ومعرفته لقدراته، ويعرف كيف يستخدم تلك القدرات حتى لو كانت العوالم المحيطة محبطة.
صناعة الذات تعني العمل، حين يكون العمل هو الهدف الأسمى العطاء، وهذا الأمر يتطلب منا أن نفكر دائما بالفعل المقتدر لصناعة أشياء جميلة تسمو بالمثابرة، وأن لا نكون نحن ردة فعل لما يتصرف به الآخرون، فردة الفعل لا تصنع ذاتا، الإمام الصادق (عليه السلام) يطالبنا بتقييم الذات أولا، الاقتناع والايمان بالمنجز.
ويرى أمير المؤمنين (عليه السلام): «أعظم الحكمة معرفة الإنسان لنفسه» بهذا فقط نجتاز العقبات بتمكن مهما كان المتسلط أحمق لا يمتلك الوعي المدرك في معرفة قدرات ما يمتلك، ونرجع لحكمة المولى الذي يقول: «ما هلك امرؤ عرف قدره».
ــــــــــــــــــــــــــ
سبل الاتهام:
أرعبني خبر يقول: اكتشفوا براءة سجين بعد (25) سنة سجن، فكرت بمن اتهمه كيف سيعوض ببراءة مشروخة، أتأمل لماذا نوزع الاتهام على الآخرين بسهولة ومن دون أن نشعر بوخزة ضمير؟ ويفترض أن نحكم على براءة، كيف بمن يعيش اليوم وهوايته توزيع الاتهامات ليشعر من حوله بالخوف؟، وهذا الامر كله مرض، بعض أعراضه قساوة القلب والخداع والزيف، الحكم على الآخرين يحتاج ثقافة وفكرا، سهولة الاتهام سببها نقص ثقافة وضحالة فكر ونقص في ثقافة التعايش وموت الفطرة عند الانسان.
هل يقدر مثل هكذا انسان انه يكتشف امكانية أنه ظلم بخته في الحكم على إنسان آخر بهتانا؟ لماذا لا يفهم بعض الناس الى الآن أن بعض التجاوز على انسانية الانسان قتل، ومصادرة الأحاسيس مصادرة الفرح والأمان من إنسان.
ــــــــــــــــــــــــــ
بين الصراحة والقباحة:
ليس جرح قلوب الآخرين صراحة، بل وقاحة، وعدم الردّ على الوقاحة لا يعني في كلّ الأحوال ضعف، بعضهم يتصرف بأسلوب غير محترم مع الناس، ويدعي أن مشكلته التي قد لا يتقبلها الآخرون هي صراحته، وأنه يعطيها (بالكصة).
الصراحة شيء جميل مثقف ومؤدب، ومن طبيعته أنه لا يجرح الآخرين ولا يحرجهم ولا ينتقد بأسلوب التصادم، بل ينبه لهدف النصح والإصلاح، النصيحة تؤدي لتطوير العمل، وإبعاد الغفلة عن روح التفاعل، ولا تسبب الإحباط.
الوقاحة أن يوجه الإنسان إهانة باسم الصراحة، ويهدف الى تقليل شأن الآخرين، النصيحة والحرقة من أجل العمل لا تحتاج الى أسلوب فظ ومزعج، وتركيز مبالغ على العيب وألم الإحراج مؤذٍ حقا، وأرى أن القباحة تقلل شأن صاحب القبح قبل الآخرين، وتكشف للناس عمق المرض.
أعجبني
تعليق
مشاركة