بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ
من خلال تعدد الروايات التي ذكرت بخصوص الهجوم والإعتداء على مقام السيدة الزهراء (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) وإسقاط جنينها ، وعليه ترد أسئلة تحتاج للإجابة منها :-
س 1: هل تم إسقاط الجنين عندما عصرت بين الحائط والباب أم من رفسة الثاني حيث لقيها الثاني وهي كانت راجعة من الأول بخصوص أرض فدك كما جاء في كتاب الاختصاص للشيخ المفيد وكيف نوفق بين هذه الرواية والروايات الأخرى .
والجواب :- إن الشيعة قد اتفقوا على الأول ( عصرت بين الحائط والباب )، ولكنهم لم ينفوا إقدام قنفذ على هذا الأمر أيضاً، فرواية دلائل الإمامة وغيرها مما سيأتي شطر كبير منه تثبت مشاركته في هذا الفعل أيضاً، كما أن المغيرة أيضاً قد شارك في ضرب الزهراء (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ)حتى أدماها، كما سيأتي في قسم النصوص والآثار، فلا مانع من أن يشارك الجميع في أمر كهذا، ويتسببون في الإسقاط، فيصح نسبته إليهم جميعاً، وإلى كل واحد منهم أيضاً، لتسببهم به. فهذه النسبة لا تعني أن كل واحد منهم كان علة مستقلة في الإسقاط.
نعم الإشتراك في إسقاط الجنين وخاصة إذا كان هو الذي أمر بذلك وساهم في ذلك هذا شيء ليس فيه أي تناقض لكن التناقض في هذه الرواية من كتاب الاختصاص للشيخ المفيد رحمه الله ص 185. عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: (..... فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) لَهَا: اِئْتِي أَبَا بَكْرٍ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ أَرَقُّ مِنَ اَلْآخَرِ، وَ قُولِي لَهُ: اِدَّعَيْتَ مَجْلِسَ أَبِي وَ أَنَّكَ خَلِيفَتُهُ وَ جَلَسْتَ مَجْلِسَهُ، وَ لَوْ كَانَتْ فَدَكُ لَكَ ثُمَّ اِسْتَوْهَبْتُهَا مِنْكَ لَوَجَبَ رَدُّهَا عَلَيَّ، فَلَمَّا أَتَتْهُ وَ قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ: صَدَقْتِ، قَالَ: فَدَعَا بِكِتَابٍ فَكَتَبَهُ لَهَا بِرَدِّ فَدَكَ . فَخَرَجَتْ وَ اَلْكِتَابُ مَعَهَا، فَلَقِيَهَا عُمَرُ فَقَالَ: يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ ! مَا هَذَا اَلْكِتَابُ اَلَّذِي مَعَكِ؟ فَقَالَتْ: كِتَابٌ كَتَبَ لِي أَبُو بَكْرٍ بِرَدِّ فَدَكَ ، فَقَالَ: هَلُمِّيهِ إِلَيَّ، فَأَبَتْ أَنْ تَدْفَعَهُ إِلَيْهِ، فَرَفَسَهَا بِرِجْلِهِ - وَ كَانَتْ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) حَامِلَةً بِابْنٍ اِسْمُهُ: اَلْمُحَسِّنُ فَأَسْقَطَتِ اَلْمُحَسِّنَ مِنْ بَطْنِهَا، ثُمَّ لَطَمَهَا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قُرْطٍ فِي أُذُنِهَا حِينَ نَقَفَ ، ثُمَّ أَخَذَ اَلْكِتَابَ فَخَرَقَهُ. فَمَضَتْ وَ مَكَثَتْ خَمْسَةً وَ سَبْعِينَ يَوْماً مَرِيضَةً مِمَّا ضَرَبَهَا عُمَرُ ، ثُمَّ قُبِضَتْ.....)، الإختصاص ، ج1، ص183.
إن قلت : ومن المعلوم أن الجنين قد أسقط أثناء الهجوم وما جرى عليها (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) من رفس ولطم وعصرها من بين الحائط والباب وما جرى عليها من مصائب وهذا من خلال الروايات التي تصرح بهذا وحتى أقوال علمائنا الأبرار بأن الإسقاط تم أثناء الهجوم للبيت وهتك حرمته لكن لو تأملت في الرواية المذكورة أعلاه أن الزهراء كانت حاملة بالجنين ولم يسقط ولم يتعرض لمكروه إلا إذا قلنا أن الجنين كان ميتاً في بطنها ولكن الإشكال لا زال موجوداً حيث الرواية تقول: إن الزهراء كانت حاملاً بالمحسن (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ولكنها ألقته من رفسة الثاني هذا أولاً، أما ثانياً: فإن بقية الروايات تفيد أنها سلام الله عليها ألقته من أحشائها عندما تعرضت للهجوم في بيتها ، ولهذا نتقدم بسؤال آخر :
س2 :نجد اختلاف في كيفية الهجوم البربري حيث تجد رواية تقول إن إسقاط الجنين تم برفسة من الثاني وأخرى تم عصرها بين الحائط والباب ؟؟
كما أن تلك الرواية قد ذكرت: أن سقوط الجنين قد حصل بسبب رفسة من قبل الثاني، حين غصب فدك منها (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ).. وهناك روايات تقول: إن قنفذاً لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسناً .
والجواب : إن جلَّ النصوص والتصريحات قد اكتفى بذكر: أن محسناً قد أسقط بسبب اعتدائهم على الزهراء (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ)، وليس فيها تحديد لمكان السقوط وزمانه، سوى ما ورد في رواية المفضل بن عمر ، فقدْ وَرَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْمُفَضَّلِ عَنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : ( سَأَلْتُ سَيِّدِيَ اَلصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)....... وَ إِشْعَالَ اَلنَّارِ عَلَى بَابِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) لِإِحْرَاقِهِمْ بِهَا وَ ضَرْبَ يَدِ اَلصِّدِّيقَةِ اَلْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِالسَّوْطِ وَ رَفْسَ بَطْنِهَا وَ إِسْقَاطَهَا مُحَسِّناً......)، بحار الأنوار ، ج53، ص1 ، التي رواها الخصيبي،
ورواية إرشاد القلوب للديلمي ، وقَدْ وَرَدَ ذكرَ في فصلِ مثالبِ أعداءِ أميرِ المؤمنين : ...
( ورويَ أنّها توفّيَت (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) بعدَ غسلِها وتكفينِها وحنوطِها ...... ثمَّ ينفذونَ إلى دارِنا قنفذاً ومعهُ عُمر بنُ الخطّابِ وخالدٌ بنُ الوليدِ ليُخرجوا إبنَ عمّي عليّاً إلى سقيفةِ بني ساعدةَ لبيعتِهم الخاسرةِ ، فلا يخرجُ إليهم مُتشاغِلاً بما أوصاهُ بهِ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآله) وبأزواجِه وبتأليفِ القُرآنِ وقضاءِ ثمانينَ ألفِ درهمٍ وصّاهُ بقضائِها عنهُ عدات وديناً ، فجعلوا الحطبَ الجزلَ على بابِنا وأتوا بالنّار ليُحرقونا ، فأخذَت بعضادةِ البابِ وناشدَتهم باللهِ وبأبي أن يكفّوا عنّا وينصرفوا ، فأخذَ عمرُ السّوطَ مِن يدِ قُنفذٍ - مولى أبي بكرٍ - فضربَ بهِ عضدِي فالتوى السّوطُ على عضدي حتّى صارَ كالدّملجِ ، وركلَ البابَ برجلِه فردّه عليَّ وأنا حاملٌ فسقطتُ لوجهي والنّارُ تستعرُ، وسفعَ وجهي بيدِه حتّى إنتثرَ قُرطي مِن أذني ، فجاءني المخاضُ فأسقطتُ مُحسِناً قتيلاً بغيرِ جُرمٍ )، إرشادُ القلوبِ للدّيلمي ،ج 2،ص 356 ،وعنه العلّامةُ المجلسيّ في بحارِ الأنوار، ج 30 ، ص 347 – 349،
ورسالة الخطاب إلى معاوية .
وربما يظهر ذلك من بعضٍ آخر أيضاً، ولكنه لا يصل إلى حد التصريح.. وتبقى عشرات الروايات والتصريحات لا تأبى عما ذكرناه، من أنه قد تكون هناك عدة أسباب أوجدوها، فتضافرت وأوجبت سقوط المحسن. فيصبح إسناد ذلك إلى الكل تارة، وإلى كل واحد منها أخرى .
وقد أشار بعضهم: إلى أن القضية الفلانية كانت من أقوى الأسباب في سقوط المحسن. وهذا معناه: أنه يرى أن وجه الجمع بين الروايات.
وهذه رواية في شأن سقوط الجنين وما جرى عليها في حديث طويل من كتاب بحار الأنوار [جزء 28 ص 270 / 271] يرويه من كتاب سليم بن قيس: وهذا مقطع منه: (..وَ قَدْ كَانَ قُنْفُذٌ لَعَنَهُ اَللَّهُ ضَرَبَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) بِالسَّوْطِ حِينَ حَالَتْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ زَوْجِهَا وَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ إِنْ حَالَتْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ فَاطِمَةُ فَاضْرِبْهَا فَأَلْجَأَهَا قُنْفُذٌ إِلَى عِضَادَةِ بَيْتِهَا وَ دَفَعَهَا فَكَسَرَ ضِلْعاً مِنْ جَنْبِهَا فَأَلْقَتْ جَنِيناً مِنْ بَطْنِهَا فَلَمْ تَزَلْ صَاحِبَةَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَتْ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ شَهِيدَةً )، كتاب سُليم ، ج2،ص577 ،وهذه الرواية صريحة بإسقاط الجنين في الهجوم على البيت بغض النظر عن صحة كتاب سليم بن قيس أو عدم صحته .
إن المطلوب هو إثبات سقوط الجنين بفعل المعتدين المهاجمين، وهذا ثابت بالتواتر، وقد لهجت به كتب السنة وكتب الشيعة على حد سواء، فالاختلاف في المكان الذي سقط فيه الجنين لا يضر في أصل حصول هذا الأمر منهم..
يقول السيد جعفر المرتضى : وقولكم إن معظم التفاصيل وردت في كتاب سليم بن قيس، غير دقيق، فإن مراجعة النصوص التي أوردناها في كتاب «مأساة الزهراء عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ» تعطي أن هذه التفاصيل التي هي موضع البحث والأخذ والرد، قد رويت في مصادر أخرى، وانفراد سُليم بخصوصيات جانبية ليست هي موضع البحث.. لا يصلح للتنويه به
إن تواتر حديث اسقاط الجنين في كتب الشيعة والسنة، من الواضحات ولذلك فهو لا يحتاج إلى البحث في صحة سند هذه الرواية أو تلك
فإذا كان إسقاط الجنين ثابتاً، فقد كان على السلطة أن تعاقب الفاعل أياً كان، ولكنهم ليس فقط لم يفعلوا ذلك، بل إن الذين شاركوا في الهجوم على السيدة الزهراء (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ)، كانوا هم أركان الدولة، وأصحاب الكلمة النافذة فيها، والذين تعطى لهم الامتيازات، بسبب وبدون سبب..