إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حوارية سماحة الشيخ محمد رضا الدكسن حاوره: مرتضى محم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حوارية سماحة الشيخ محمد رضا الدكسن حاوره: مرتضى محم


    د
    عاش التجربة بين الموروث والواقع، واستحضر دلالات النص الروائي في تصدير الخطاب الحسيني الهادف نحو الوسطية والاعتدال، بما يملكه من أدواتٍ معرفية، اكتسبها بين دراسته الحوزوية، ورسالته المنبرية، مكنته من اجتياز الدراسات العليا، ووضع عدد من المؤلفات النافعة، فكان هذا الحوار مع الأستاذ في الحوزة العلمية في النجف الأشرف والخطيب الفاضل الشيخ محمد رضا الدكسن الأسدي:
    صدى الروضتين: من المَهام التي تقع على عاتق (الخطيب الحسيني)، توضيح وشرح (رسائل عاشوراء) المُحكمة، وربما هذا يتطلب مداركَ متميزة ألا يعني ذلك أن الخطابة المنبرية بحاجة الى (قراءة عصرية) وبأطر متعددة الزوايا؟
    الخطابة كما يفهمها أهل التخصص، لها أركان ثلاثة: (الخطيب، والخِطاب، والجمهور)، والخطابة بحدّ ذاتها فنّ يُعنى بتوجيه الكلام الى مجموعة من الناس؛ لأجل إفهامهم، واستمالتهم الى موضوعٍ ما، يختاره بحسب الحاجة، وعليه فإن الخطيب يحتاج الى أدوات إقناع، تتبع اتصافه بمهارات معينة لتحقيق الهدف.
    والخطابة كما عرفها (أرسطو): «قوة تتكلف الإقناع في واحد من الموضوعات»، ولأجل أن ينجح الخطيب في تحقيق مبتغاه الخطابي، فإنه يلزم منه التنوع المهاري، بحسب مناسبة الحدث، وبحسب الموضوع، إن كان سياسياً أو عقدياً أو تربوياً أو دينياً، وهكذا...
    وهذا يستدعي من (الخطيب) أن يمتلك زمام المبادرة والتطوير، وصولاً الى (قوة الإقناع)، ومثل هذه القوة تستدعي اكتساب رصيد موسوعي أو متنوع من اللغة والنحو والمنطق وعلم الكلام والفقه، وأن لا يغفل عن علوم القرآن التفصيلية: كالناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والمجازات وأسباب النزول والمجمل والمفصل والمطلق والمقيد والتفسير، بما يمكنه من صقل الموهبة وتحقيق الحضور الناجح.
    ولا يعني التخصص الدقيق والمطلق، بل الإحاطة بمقدار تحقيق تأثير في الجمهور واستمالته وجعله أذنا مصغية.
    فالمهارات والمدارك على مستوى الإعداد، مهمة في طرح الفكرة وتحديد المساحة المعنية والقصدية الواضحة، وفي المقدمة تأتي اللغة المؤثرة ومناسبة المقال مع المقام.
    وينبغي أن يلتفت الى جُملة محسنات مادية ومعنوية، من قبيل الألفاظ البديعية المختارة بعناية، والتغيير المدروس في الطبقة الصوتية، وتقاسيم الوجه المُعبرة، مع حركة اليدين والبدن ومتى يتوقف ومتى ينطلق.
    صدى الروضتين: النص التاريخي المتعلق بـ(نهضة سيد الشهداء) صلوات الله عليه، نصٌ مضغوط بفعل الأيادي السلطوية، وبالتالي هناك من يُفضل أن يجمع الخطيب بين الدراستين الحوزوية والأكاديمية، كيف تقرؤون هذه الرؤية؟
    بالتأكيد، النصوص التاريخية الخاصة بقضية سيد الشهداء (عليه السلام) نصوص مضغوطة، بمقتضى حكام الجور، الذين قاموا بمضايقة الرواة وتتبع الموالين لمدرسة أهل البيت، فغيّروا وبدّلوا وحرّفوا في كلّ جزئيات المشروع الحسيني من الجنبة التاريخية. هنا أتوقف قليلاً لتوضيح الفكرة: ليس بالضرورة أن يكون الخطيب أكاديمياً، فدراسة الأكاديمي في الكليات والمعاهد في الغالب، تخلو من العلوم الشرعية إلا في كليات التخصص، ومنها الحديث الشريف بكل تفصيلاته، المعروفة لدى الاخوة الحوزويين، من صحيحٍ وحَسنٍ وغريبٍ وُمَوّثقٍ وضعيفٍ، وهكذا...
    فإن كان الخطيب أكاديميا ويخلو من المعارف والعلوم الحديثية والشرعية، فقد يُعرضه ذلك لعدم الصمود والتمكن من رسالته، إذا ما واجهته شبهات أو مخرجات نصية، لا يقوى على معالجتها، فيختلط عليه الحابل بالنابل. والمأمول الجمع بين الاثنتين، أكاديمي من جهة، وحوزوي من جهة أخرى. وكي لا نصادر جهود الكثير من الكليات والمعاهد الاسلامية التي أدخلت العلوم والمعارف الحوزوية في منهاجها، وهو أمر يتطلب تخريج جيل كامل كي تظهر آثاره في المجتمع فيما بعد، فالمخاطر والتحديات بعد العام (2003م) قد برهنت على قوة الضخ الاعلامي العقائدي ضد مذهب اهل البيت (عليهم السلام)، لذا يلزم تصدي الخطيب العالم، الخطيب الحوزوي الأكاديمي، الخطيب الواعي المتسلح بالأصالة والمعاصرة، لمواكبة تلك الموجة الهدامة المنحرفة، ويفكك هذه النصوص المضغوطة تفكيكاً علمياً دقيقاً.
    صدى الروضتين: هنالك خلط في تلقي المفاهيم لدى الجمهور عموماً، و(اسقاطات ذهنية) على أي استعارة لشعار من شعارات الطف الخالدة، كيف ترون مهمتكم إزاء هذا التشظي في فهم الموضوعات ومصاديقها الواقعية؟
    بسم الله الرحمن الرحيم: «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ»[فصلت/33]، وفي قول النبي الأعظم(ص) لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه): «ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلَامِ، وأَخْبِرْهُمْ بما يَجِبُ عليهم مِن حَقِّ اللَّهِ فِيهِ؛ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا واحِدًا، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ».
    من واجبات الخطيب حماية الشعارات الحسينية والوقوف بالضد من تسييسها حزبياً أو فئوياً، كما فعل العباسيون برفع شعار (الرضا من آل محمد) لغرض تثبيت سلطانهم واستمالة عواطف الشيعة والناس عموماً، وسرعان ما تنصّلوا من أخلاقياتهم، ونكّلوا بالشيعة الأبرار.
    وفي قِباله نفس الشعار، قد رفعه زيد الشهيد (رضوان الله عليه)، كما في رواية الامام الرضا عن آبائه الكرام (صلوات الله عليهم): «ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنّه سمع أباه جعفر بن محمد يقول: رحم الله عمي زيدًا إنّه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه».
    واليوم تم توظيف الكثير من الشعارات بالاتجاه السلبي، كما في بعض الخطب المنسوبة لمولانا أمير المؤمنين(صلوات الله عليه)، أو يقوم بالاستشهاد بنصوص يتوهم بأنها مروياتٌ عن أهل البيت (عليهم السلام) كما في مقولة (كلّ أرض كربلاء وكلّ يوم عاشوراء) التي هي لأحد العلماء الأعلام، لذا فالخطيب مُلزَمٌ بتدقيق وتشخيص الشعارات من حيث أصالتها ووثاقتها ومنابعها حتى يحمي رسائل الخطابة المنبرية من التدليس والتشويه.
    صدى الروضتين: باستحضار ذكر(الروضة الدكسنية) للعلامة الاديب الشيخ محمد حسن الدكسن، هل برز في أسرتكم أدباء حسينيون معاصرون؟
    آل الدَكسن بيت عريق وبيت علم وأدب والغالب على أفراده الخطابة، وأصل التسمية (الدَكسن) بندقية قصيرة انكليزية، لها دويٌّ ولا تخطئ الهدف، ولما كان العلامة الاديب الشيخ محمد حسن الشيخ عيسى الشيخ طاهر الأسدي الشهير بـ(الدكسن) رحمة الله عليه صاحب الروضة الدكسنية المشهورة، كان يقرأ عند شيخ (إمارة كعب) الشيخ (خزعل) مجلساً حسينياً، فشبهه بـ(الدَكْسَنْ)؛ لأنه قصير القامة، وصوته مدوٍّ، وكلامه منطقي ويصيب الهدف.
    وبرز في هذه الأسرة أدباءٌ معاصرون، منهم (قصي عبد الرؤوف عسكر)، ووالده الخطيب الشهيد (عبد الرؤوف الدكسن) الذي نال الشهادة على أيدي جلاوزة البعث، وكان رفيقاً وحبيباً للعلامة الشهيد الشيخ محمد حيدر (وكيل الإمام الخوئي) في مدينة الحلة الفيحاء.
    والشيخ (قصي الدكسن) شاعرٌ وروائيٌ مغترب في الدنمارك، من مواليد (1951م)، في نهر جاسم بالبصرة، تخرج في جامعة البصرة وأُجيزَ في الادب العربي سنة (1973م)، وحصل على ماجستير في الادب العربي من جامعة دمشق عام (1986م)، ودرس اللغة الانكليزية في معهد كوبنهاكن لخمس سنوات، واللغة الدنماركية لثلاث سنوات، له عدة روايات شعرية ودراسات معروفة، من دواوينه (رؤية - 1983م)، (صيف العطور الخرساء - 1985م)، (عبير المرايا – 1992)، (رواية المعبر- سيرة رجل في التحولات الاولى)، رواية (شيءٌ ما في المستنقع)، رواية (للحمار ذيلٌ لا ذَيْلان)، رواية (وأقبلَ الخريفُ مبكراً هذا العام)، رواية (الحسن بن وهب)، رواية (في ربيع التنومة)، رواية (الشمس تقتحم مدينة الثلوج)، رواية(شهريار يهاجر)، رواية (زيزفون البحر).
    ومن دراساته (الاسلوب القصصي في نهج البلاغة)، و(النثر والاستعارة في نهج البلاغة)، و(قيم جمالية وفنية في نهج البلاغة)، و(معجم الاساطير الجاهلية)، و(القصص الشعري العراقي)، و(قضايا مشتركة عند العرب والإسكندنافيين).
    صدى الروضتين: قد يتذرع بعض الموالين بعدم الحضور، الى المجالس الحسينية المُقامة في مناطق سكناهم، بذرائع متعددة، تُحقِق بالنتيجة غيابهم عن تلك المجالس، ما هي نصيحتكم بهذا الخصوص؟
    الإصرار على الحضور في المجالس الحسينية مسألة مهمة، من حيث تعظيم الشعائر وتخليد ذكر اهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) وإعلاء شأنهم، بخلاف من يستمع للمجلس من شاشة التلفاز، نعم هو ربما يحقق تربية لنفسه وأسرته، لكنه غير مساهم في الحضور الجمعي المؤثر الى جانب إخوانه الموالين، وبالتالي يحرم نفسه من المظاهر الولائية من لبس السواد وإطعام الطعام ورفع الاعلام وسقاية الماء وتعزية المؤمنين لبعضهم، ويمكن ان نجمل معطيات الحضور بالآتي :
    1. إن الحضور يعزز العلاقة مع الله تعالى، ويحقق ممارسة عبادية ويحقق ولاءً لمدرسة اهل البيت (عليهم السلام) وتبرّيّا من أعدائهم، وإقامة الصلوات ومساعدة المحتاجين، وصلة الأرحام والتزاور وغيرها من المستحبات.
    2. تنشيط الثقافة والفكر من خلال التوعية المشتملة على الوعظ والارشاد بالشكل المباشر، بخلاف الاستماع لنفس الخطيب في جهاز التلفاز.
    3. وردت روايات عن أهل البيت (صلوات الله عليهم) تحث على الحضور، والذي به تنكشف الكروب وتتنفس الهموم.
    وهنا ملاحظة الى المؤمنين والمؤمنات: اجتناب الضحك والمفاكهة والملابس المخالفة لوقار الانسان، إذ لا يحقّ للإنسان ان يهتك مروءته، وعليه بالسكينة والوقار والخشوع وإظهار ملامح الجزع والأسى والحزن.
    صدى الروضتين: كيف ترون أولوية تفنيد (شبهات) أقلام السلطة التاريخية التي أدّت بمحاولاتها المستمرة الى تشويش العقل الجمعي للمسلمين؟
    علي حسين الخباز, [١٤/٠٢/٢٠٢٢ ٠١:٠٢ م]
    لا يخفى أن أقلام الأمويين، كانت متصدية لزرع الشبهات في (سرديات) القضية الحسينية المباركة، وإثارة مكامن التشكيك فيها، لذا يترتب على الخطيب المتصدي لخدمة المنبر، التسلح بمقدرة عقدية وفكرية ونفسية، تمكّنه من تفنيد مزاعم المعاندين، ونسف شبهاتهم، وفضح وَهَنهم العَقَدي، والتي تهدف الى الطعن بشخصية الإمام الحسين (صلوات الله عليه) والتشكيك بدوره الرسالي، وصولاً الى ضرب الارتباط العاطفي المعجز بسيد شباب أهل الجنة (صلوات الله عليه)، المُتَرْجَم الى بذل النفوس والأموال والجهود المضنية، بما شهد له واقع الحال.
    وهؤلاء اعتمدوا الشواذ من الأقوال والتملص من الأدلة المقبولة والمعقولة، وبعض المخلصين ذكروا بعضاً دون ان يلتفت، بما يخذل توثيق النص العاشورائي، وهنا لابد من معالجة الشبهة ومواجهتها بالدليل العلمي من خلال الأقلام الهادفة والسليمة.
    صدى الروضتين: بمقتضى التطور والتقارب الإعلامي بين الشعوب الإسلامية، هل تؤمنون بضرورة مراعاة (الخطاب المنبري الحسيني المعاصر) لآليات الإقناع والطرح البنّاء؟ سيما وإن معظم المجالس الحسينية تعرض عبر الفضائيات ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة؟
    انطلاقا من المرتكز الاخلاقي لمولانا امير المؤمنين (صلوات الله عليه): «الناسُ صنفان، إمّا أخٌ لكَ في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق» لابد أن يكون الخطاب المنبري معتدلاً ووسطياً، يحقق أهدافاً لا تستطيع التكنولوجيا المتطورة تحقيقها، فهذا الخطاب عبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، سيكون موجّهاً الى الدنيا العالم بأسره، وليس الى شيعة أهل البيت الكرام وحسب، فأخذ هذا الجانب بمأخذ الاعتبار، قد يُسهِم في مكافحة الغلو، وترسيخ الأمن المجتمعي، ومكافحة الارهاب والتطرف.
    ولابد من تجنب الانفعال في الخطابات، والتأكيد على العلمية والواقعية في مخاطبة الجمهور، فينجو من الفراغات والتذبذب ومزالق الشبهات.
    الخطاب المعتدل يأخذ الشباب بعيداً عمّا يؤجج الفتن والاستعداء، وهي دعوة لجميع الخطباء والتربويين والاعلاميين، لفضح كذب وبهتان المتطرفين، وتسليط الضوء على ثقافة أهل البيت الانسانية المعرفية الجامعة، وكما أكّد سيدنا المرجع الاعلى الإمام السيستاني، في وصاياه للخطباء: «حدثوا الناس بما ينفعهم، ولا تأتوا بشي من دون سند».
    ختاماً: أسأل الله (عزّ وجل) أن يأخذ بأيديكم وأيدي المؤمنين الى ما فيه خير الوطن الغالي، والشعب الكريم، والسير على خطى وآثار أهل بيت النبوة الطاهرين، وأن لا يحرمنا من خدمة سيد شباب اهل الجنة (صلوات الله عليه)، والحمد لله رب العالمين.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X