اجتمع رأي الاطباء د- فلاح ود- هشام ود- حسين إن عملية رفع الفقرة الرابعة لايقوم برفعها واستبدالها بفقرة تؤخذ من عظم الورك بعد فتح الظهر إلا طبيب واحد في البصرة اسمه د- ثامر الحمداني.. أكملت كل التجهيزات الخاصة بولدي علي واخرها اشعة الرنين التي اظهرت الفقرة الزاحفة الضاغطة باتجاه الحبل الشوكي، ولابد من احتاط من حركة ولدي خوفا من ان تمس الحبل الشوكي اتجهت يمينا ويسارا لأكمل مبلغ العملية والمستشفى الاهلي، وقد كان موعداً مع الرعب إذ تطلب وجودي يوم الاربعاء في مستشفى ابن البيطار، وفي الخميس ستجري العملية... الاقاويل والتخوف والتأويل اصابني بالخرس وانا انظر لوجه ولدي، واتخيل المشارط ترقص على ظهره... مشهد لم اتحمله او اتصوره...
ركبنا من العمارة باتجاه مدينة البصرة، جلسنا انا وعلي في الحوض الخلفي وفي الكرسي الامامي جلس رجل خمسيني اسمر ملامحه تدل على هيبة ووقار يرتدي بدلة لونها كحلي... ويرافقه اخوه لزيارة الامام الرضا عليه السلام... تركنا اخاه الكبير، وغادرنا ليبقى صاحبي وحده في الكرسي الامامي في سيارة الاجرة من نوع دولفين... سألته: (ليش نزل الحجي) اخبرني أن ابنته الصغيرة تبكي عليه فلم يواصل... واضاف لم تكتب له زيارة الرضا عليه السلام استغربت انا وعدت لوضعي والحزن غالباً على وجهي.. سألني: هذا الفتى ولدك؟ قلت: نعم، قال: مابه؟ قلت: انقلبت به سياره اجرة في طريقه الى الجامعة...
- الى اين انتما ذاهبان؟
- عنده موعد عملية عند الحمداني.
- قال: عند ورقة بيضاء؟ قلت: نعم... قال: اكتب رسالة للامام المهدي (عجل الله فرجه) اظهر فيها حزنك واطلب منه شفاء ولدك.. مددت يدي الى جيب سترتي وناولني قلم اسود كنت احمل دعاء كتبته في المساء احتل نصف الصفحة دونت فيها مطلبي، وصرخت بحروف من ألم ووجع وخوف وكتبت ايضاً لقد بعثت لي سيدي ومولاي مؤمناً اوصاني ان اكتب رساله اليك وختمتها بالصلاة على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.
- قرأتها له بكى لفرط حزنها
- قال: غلفها بشريط، سحبت لاصق المظروف الذي يحتوي الاحالة وناولته اياه اخبرته انني لم اكتب اسمي قال: يعرفك؟ وكتب ابو علي وقال بالحرف الواحد:
- لاتذهب الى الطبيب واذا تريد تعال معي للامام الرضا عليه السلام شكرته وقبلته وترك لي هاتفه حيث قال: اتصل بي لاتنسَ... نزل قبلنا بدى عليّ الارتياح ومن فرط حيرتي نسيت ان اعطي السائق اجرته انزلنا قبالة مستشفى ابن البيطار.
- في الساعة السابعة والنصف ليلا طالعه الطبيب المختص بعد أن رأى اشعته والرنين امره ان ينزع ملابسه وامسك مطرقه طبية وراح يفحصه من جديد.. واصوات الاطباء ترن في اذني لن يقوم بها الا هذا الرجل.. بعد الفحص السريري قال الطبيب:
- خذ ولدك وغادر فوراً.. اصابتني الدهشة بكيت.. البسته ملابسه.. استجمعت اشياءه ومعي اصدقائي مذهولين.. كنت كمن يريد ان يهربه من المشفى صليت على محمد وال محمد وندبت وبكيت من جديد ذهب احدهم ليأتي بالعلاج.
- عمت الفرحة بيننا لم ننم تلك الليلة والرسالة الى سيدي ومولاي صاحب العصر نحن فداه قد وصلت.. اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى ابائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا...