تويت
من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قوله عليه السلام: كذبت وَالله وولقت
الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
قال الإمام (عليه السلام) لرجل: ((كذبت وَالله وولقت))[1]. المفردة الغريبة التي تلفت انظارنا في قوله((عليه السلام)(ولقت) نجدها في اللغة تتكون من: (( الْوَاو وَاللَّام وَالْقَاف: كَلِمَة تَدُلُّ عَلَى إِسْرَاعٍ وَخِفَّةٍ. يُقَالُ جَاءَتِ الْإِبِل تَلِقُ، أَيْ تُسْرِع، وَنَاقَةٌ وَلَقَى: سَرِيعَة. وَالْوَلْق: أَخَفُّ الطَّعْنِ،.... وَوَلَقَ يَلِقُ: كَذَبَ ; كُلُّ هَذَا قِيَاسُهُ وَاحِدٌ)) [2]. ويقال في ((الولق أَيْضا: إسراعك بالشَّيْء إِثْر الشَّيْء، كعدو إِثْر عَدو، وَكَلَام إِثْر كَلَام)) [3].
لم يختلف اصحاب الغريب واللغة بأنَّ الولق معناه الكذب[4]، فقوله(عليه السلام)(كذبت وَالله وولقت)، أي: الِاسْتِمْرَار فِي الْكَذِب، وأَعاده تَأْكِيدًا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ[5]. ومناسبة كلامه (عليه السلام)، كما ذكر الزمخشري ((إن أبا جناب قال: جَاءَ عمي من الْبَصْرَة يذهب بِي فَقَالَت أُمِّي: وَالله لَا أتركك تذْهب بِهِ ثمَّ ذكرت ذَلِك لعَلي؛ فَقَالَ عمي: وَالله لأذهبن بِهِ وَإِن رغم أَنْفك فَقَالَ عَليّ: كذبت وَالله وولقت)) [6]. وقال الزمخشري في معنى((الولق والألق: الِاسْتِمْرَار فِي الْكَذِب من ولق يلق وألق يألق إِذا أسْرع...))[7]، ولكن ابن سلام فرق بينهما في المعنى فقوله: الولق: هو الكذب، والألق يحسبه من الأولق معناه الجنون[8]. وقد استعمل الإمام اللفظة بدلالتها المعجمية ومقصد كلامه (عليه السلام)أنَّه استمرّ في الكذب آخذا المعنى من إسراع الشَّيء إِثْر الشَّيء)[9].
الهوامش:
[1] غريب الحديث: ابن قتيبة: 2/95، الفائق في غريب الحديث: 4/80، النهاية في غريب الحديث والأثر: 5/226، وينظر: غريب الحديث: ابن الجوزي: 2/ 483.
[2] مقاييس اللغة: (ولق)6/45، ينظر: المخصص: 4/489.
[3] المحكم والمحيط الأعظم: (ولق)6/565.
[4] ينظر: غريب الحديث، ابن سلام: 4/495.
[5] ينظر: غريب الحديث: ابن قتيبة: 2/95، والفائق في غريب الحديث: 4/80، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 5/226، وغريب الحديث: ابن الجوزي: 2/483.
[6] الفائق في غريب الحديث: 4/80
[7] م.ن4/80
[8] ينظر: غريب الحديث: 4/495.
[9] مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/ دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1،
مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 106-107
تعليق