إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

” فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي “ والبَضْعَةٌ هيَ القَلْبُ

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ” فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي “ والبَضْعَةٌ هيَ القَلْبُ

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ



    لسنا في مقام الكلام عن شخصية نسائية متعارفة وشائعة، وإنّما نتحدّث عن نموذج إنساني رفيع إستطاع أن يكون مثلاً وقدوة لا لخصوص المشتركين مع ذلك النموذج في الصورة والشكل وإنّما للإنسان كلّه وللأزمان كلّها، وقيمة هذا النموذج أنّه ينطلق من حيث ينطلق الآخرون في هذه الحياة الدنيا بأجسادهم وأرواحهم وأفكارهم، لأنّهم استطاعوا أن يجسّدوا الفكر الإلهي الخاتم الذي نطلق عليه إسم الإسلام بأروع ما يكون التجسيد وعلى مستوى كلّ القضايا المعاشة في الواقع الحركي، الكبيرة منها المتعلّقة بالمصير العام، أو الصغيرة التي لا تتعدّى حدود العائلة، ولهذا نضع الزهراء(عَلَيْهَا السَّلاَمُ) كما هي في واقعها الذي حققته في مساق النماذج التي تمكّنت أن تتجاوز عصرها والجغرافيا التي كانت تتحرك فيها، لتصبح حقيقة على مستوى تطبيق الفكر والسلوك بحيث يسعى كلّ إنسان وفي كلّ زمان لكي يكون في أقرب حالةٍ ممكنة من تلك النماذج لأنّها الحجة الكبرى على قدرة الإسلام على صنع مثل أولئك الأفراد الذين فرضوا صورتهم وحضورهم الفاعل في كلّ زمانٍ ومكان .
    وكيف لا تكون في ذلك المقام الرفيع وهي التي شكلت واسطة العقد والرابط ما بين من (تشرّفت به الإمامة) وبين السلسلة الطاهرة المعصومة من الأئمة
    (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) أليست بنت النبوة، وزوج الولاية، وأم من لهم مع الله حالات لا يدرك أسرارها ولا يستوعب مقدارها إلا الذي جعل الأجساد المادية موطناً للأرواح الشريفة العلوية بشرط أن ننفي عنهم الربوبية؟
    إنّنا عندما نطّلع على سيرة النبيّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) والأئمة المعصومين (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) نرى بشكل واضح مدى التقديس والتبجيل الخاصّ للسيدة فاطمة (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)عندهم، فنلاحظ نوعًا من المعاملة الخاصّة معها حتّى قال الرسول (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فيها: "فداها أبوها" فقد وَرَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ( كَانَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَطَالَ عِنْدَهَا اَلْمَكْثَ فَخَرَجَ مَرَّةً فِي سَفَرٍ فَصَنَعَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) مَسَكَتَيْنِ مِنْ وَرِقٍ وَقِلاَدَةً وَ قُرْطَيْنِ وَسِتْراً لِبَابِ اَلْبَيْتِ لِقُدُومِ أَبِيهَا وَزَوْجِهَا (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) دَخَلَ عَلَيْهَا فَوَقَفَ أَصْحَابُهُ عَلَى اَلْبَابِ لاَ يَدْرُونَ يَقِفُونَ أَوْ يَنْصَرِفُونَ لِطُولِ مَكْثِهِ عِنْدَهَا فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَقَدْ عُرِفَ اَلْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَ اَلْمِنْبَرِ فَظَنَّتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) لِمَا رَأَى مِنَ اَلْمَسَكَتَيْنِ وَاَلْقِلاَدَةِ وَ اَلْقُرْطَيْنِ وَاَلسِّتْرِ فَنَزَعَتْ قِلاَدَتَهَا وَقُرْطَيْهَا وَمَسَكَتَيْهَا وَنَزَعَتِ اَلسِّتْرَ فَبَعَثَتْ بِهِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَقَالَتْ لِلرَّسُولِ قُلْ لَهُ تَقْرَأُ عَلَيْكَ اِبْنَتُكَ اَلسَّلاَمَ وَتَقُولُ اِجْعَلْ هَذَا فِي سَبِيلِ اَللَّهِ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ فَعَلَتْ فِدَاهَا أَبُوهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَيْسَتِ اَلدُّنْيَا مِنْ مُحَمَّدٍ وَلاَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ كَانَتِ اَلدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اَللَّهِ مِنَ اَلْخَيْرِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا أَسْقَى فِيهَا كَافِراً شَرْبَةَ مَاءٍ ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا )، بحار الأنوار ، ج 43، ص 20، ويروى أنّ النبيّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) كان يكرمها شديد الإكرام ، فقالت عائشة: ( كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) قَامَ لَهَا مِنْ مَجْلِسِهِ وَ قَبَّلَ رَأْسَهَا وَ أَجْلَسَهَا مَجْلِسَهُ وَ إِذَا جَاءَ إِلَيْهَا لَقِيَتْهُ وَ قَبَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَ جَلَسَا مَعاً )، المناقب ، ج 3،ص 333 ، وغيرها من الأحاديث التي يظهر منها عظم منزلة السيدة الزهراء (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) ومكانتها الخاصّة عند النبي الأكرم (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، فكانت بضعته وروحه التي بين جنبيه لذا قال(صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): ( وَمَّا اِبْنَتِي فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَاَلْآخِرِينَ وَهِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَهِيَ نُورُ عَيْنِي وَثَمَرَةُ فُؤَادِي وَهِيَ رُوحِيَ اَلَّتِي بَيْنَ جَنْبَيَّ وَهِيَ اَلْحَوْرَاءُ اَلْإِنْسِيَّةُ مَتَى قَامَتْ فِي مِحْرَابِهَا بَيْنَ يَدَيِ رَبِّهَا جَلَّ جَلاَلُهُ زَهَرَ نُورُهَا لِلْمَلاَئِكَةِ فِي اَلسَّمَاءِ كَمَا يَزْهَرُ اَلْكَوَاكِبُ لِأَهْلِ اَلْأَرْضِ )، الفضائل (لإبن شاذان)، ج1، ص8.. هذا إضافة إلى مدى التعظيم الذي نشهده في طريقة تعامل الأئمة جميعهم (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ).
    وقوله(صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) : ” فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي “ الرسول الأعظم عبر عن الإمام الحسين والإمام علي وعبر عن السيدة الزهراء بتعبير آخر، قال: ” حُسَيْنٌّ مِنِّي وَ أَنَا مِنْ حُسَيْنِ “ وقال: ”عَليٌّ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ “ فعبر بكلمة مني عن الحسين وعلي ولكنه عبر عن الزهراء بالبضعة، قال: ” فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي “ والبضعة هي القلب، فكأنه يقول: فَاطِمَةُ قَلْبِي اَلَّذِي بَيْنَ جَنْبَيَّ
    ، هذا التعبير أعظم مدلولا من التعبير بكلمة مني، فكلمة مني وأنا منه تشير إلى المسانخة والمشابهة، فهو عندما يقول: ” عَليٌّ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ “ أو ”الحُسَيْنٌّ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ “ فهذا التعبير يعني أن هناك مسانخة ومشابهة بيني وبين علي، بيني وبين الحسين، ولكن عندما يعبر بالبضعة، فالبضعة تعني مدلولا أعظم من المسانخة، وأعظم من المشابهة، البضعة تعني التمثيل ” بَضْعَةٌ مِنِّي “ تعني هي صورة عني، تمثلني، تجسدني، ” فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي“ أي أن فاطمة صورة أخرى عني، ومثال آخر عني، يجسدني ويمثلني في تمام فضائلي ومناقبي وتفاصيل حياتي .
    إن كلمة بضعة مني تشير إلى أن قلب النبي(صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وقلب الزهراء(عَلَيْهَا السَّلاَمُ) اشتركا في دور واحد، وفي منقبة واحدة، أي أن الله أعطى لقلب فاطمة دورا أعطاه لقلب النبي(صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) ،

    إذن القرآن كان عنده حقائقا وتنزيلا، كان في قلبه لقوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾، سورة الفرقان،الآية 32، ثم نزل بصياغته اللفظية الحسية لمدة 23 سنة لقوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾، سورة النساء،الآية 105 ، ، قلب النبي موطن التنزيل، وقلب فاطمة موطن التأويل لقوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾، سورة الكوثر،الآية 1 ، هذا الدور خص الله به الزهراء(عَلَيْهَا السَّلاَمُ) من بين الحجج المعصومين كلهم، خص بهذا الدور فاطمة، أن قلبها موطن التأويل كما كان قلب أبيها المصطفى موطن التنزيل .
    فيما يخصّ السيدة فاطمة (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) ...
    ومن المؤكّد أنّ ذلك ليس نابعًا من رابطة القرابة والرابطة العاطفيّة مع السيدة فاطمة، فهي (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) لم تكن روح الرسول وثمرة فؤاده لأنها ابنته، ولا حجّة على الأئمة (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) لأنّها أمّهم، فالرسول (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) والأئمة (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) لا يتعاملون مع الأمور بدوافع شخصيّة غير إلهيّة
    وإن كانت مشاعر إنسانيّة نبيلة، فلا يصدر أيّ فعل عن الرسول
    (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أو الأئمة (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) لأسباب وميول شخصيّة، وهم في الحقيقة لا يعبّرون إلّا عن إرادة الله ومشيئته، فحبّهم في الله وبغضهم في الله، وحربهم لله وسلمهم لله، فتقبيل يد فاطمة الزّهراء (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، من قبل النبيّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) لا ينبغي أن يُؤخذ أبدًا على معنىً عاطفيّ. فإنّ هذا أمرٌ خاطئٌ جدًّا وحقيرٌ جدًّا فيما لو تصوّرنا أنّه يُقبّل يدها لأنّها ابنته ولأنّه يُحبّها وحسب .
    فهل يُمكن لشخصيةٍ بمثل هذه العظمة، وبمثل تلك العدالة والحكمة، الّتي كانت في النبيّ، يعتمد على الوحي والإلهام الإلهيّ أن ينحني احتراماً لابنته؟ كلّا، إنّ هذا أمرٌ آخر وله معنىً آخر. إنّه يؤكّد أنّ هذه الفتاة وهذه المرأة عندما ترحل من هذه الدنيا في عمر 18 تكون في أوج الملكوت الإنسانيّ وشخصًا استثنائيًّا. لذا فإنّ هذا السلوك الخاصّ من قبل المعصومين أنفسهم مع السيدة الزهراء
    (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) الذي لا نراه إلّا معها، يبيّن أن لتلك السيدة مكانة خاصّة عند الأئمة (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) تبعًا لمقامها عند الله، وقد تجلّت هذه الخصوصيّة في حياتها القصيرة وفي مواقفها وسلوكيّاتها أيضاً، وهو أمرٌ موكول بيانه إلى الدروس اللاحقة، حيث سيتبين معنا عمليًّا كيف كانت عليها السلام هي المحور الذي دار حوله المعصومون (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) وكيف كان دورها في الدنيا هو اللَّبِنة الأساسيّة التي انطلق منها كفاح المعصومين جميعًا.

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    ​​​
    مأجورين ​​​

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X