قد يكون مرور سنة على أعمارنا حدثاً قد تكرر عشرات المرات ، وسيتكرر كذلك لمن كتب الله له العمر والعافية ، وهذه نظرة ساذجة بالحقيقة ، لأنها تنظر الى ما أخذ الزمان منّا ، ولكن ماذا أخذنا نحن منه ..؟
يقول أمير المؤمنين ؏ : ( إنّ الّليل والنّهار يعملان فيك فاعمل فيهما ، ويأخذان منك فخذ منهما ) . ميزان الحكمة ٢١١٣
لاحظ كيف يصوّر لنا الإمام ؏ هذه المغالبة بيننا وبين مرور الزمان علينا ، فالثمن المدفوع هو سنة كاملة من رصيد العمر ، فما هو المثمّن ..؟ وهل يستحق ما بذلناه ..؟
ثم أننا ربما قد فقدنا الفرصة الأخيرة ولا ندري ..! والفرصة الأخيرة ليست حصراً سببها الموت وإنما قد تكون بسبب ملائمة الظروف لنا للأخذ والزيادة ، كالصحة أو فرصة الفراغ للطاعة والمعرفة.. الخ التي لا نستطيع ضمان توفرها في قادم الأيام والسنين ، يقول عليه السلام ( ماضي عمرك فائت ، وآتيه متَّهم ، ووقتك مغتنم ) غرر الحكم للآمدي. ويقول ؏ ( بادروا بالعمل ، وخافوا بغتة الأجل ، فإنّه لا يرجى من رجعة العمر ما يرجى من رجعة الرزق ) نهج البلاغة خ ١١٤.
ليس العمر بعدد السنين وإنما بالكيفية التي قضت بها تلك السنون ، في المشاريع الهندسية لا يُقاس عمر المشروع بعمر اجزائه الحديدية والكونكريتية .. الخ ، ولكن يقدّر بعمره النافع الذي تكون فيه عوائد وأرباح ذلك المشروع أكثر من خسائره ونفقاته التي يستنفذها..! فربما وصل أحدنا الى نهاية عمره النافع وهو لا يدري رغم أنه قد قُدّر له أن يعيش عشرات السنوات بعد ..! ولهذا نسمع في دعاء السيدة الزهراء عليها السلام : ( اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي ) بحار الأنوار، ج ٩٤ ، ص ٢٢٥.
ولمرور عام واستقبال عام معان اخرى للمتأمل .. وفقنا الله وإياكم لكل خير .
تعليق