نقدم اسمى ايات التهاني والتبريكات بمناسبه زواج النوريين عليهم السلامزواج الإمام علي من فاطمة الزهراء (عليهما السلام) وقعت في يوم الأول من ذي الحجة من السنة الأولي من الهجرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد يسمي بزواج النورين، تحظي هذه الواقعة بأهمية عند الشيعة لأن كلا منهما من اعظم الشخصيات و أن الأئمة المعصومين من هذا الزواج المبارك، وتدل أيضا علي مكانة الإمام علي (عليه السلام) عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
قصة الزواج
كان الإمام علي (عليه السلام) في السنة الأولى من الهجرة النبوية ابن أربع وعشرين سنة؛ وكان لابد له من الزواج وبدء الحياة المشتركة.
وكانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) قد بلغت يومئذ التاسعة من عمرها » [1] بناءً على أن ولادتها كانت في السنة الخامسة بعد البعثة [2] ، وهي بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولها منزلتها الرفيعة الزاخرة بالفضائل الإنسانية، والخصائص الملكوتية السامية. وقد أثنى عليها أبو ها مراراً، وسماها بضعته.
ًفتزويجه فاطمة (عليها السلام) بعد ثلاث عشرة سنة مليئة بالعناء والمشقة والمصائب المريرة التي عاناها أبوها (صلى الله عليه وآله وسلم) من أجل تبليغ الرسالة، وأرسى دعائم الحكومة الإسلامية هناك.
فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «فبينا صلّيت يوم الجمعة صلاة الفجر ، إذ سمعت حفيف الملائكة ، وإذا بحبيبي جبرئيل ومعه سبعون صفّاً من الملائكة مُتوّجين مُقرّطين مُدَملجين ، فقلت: ما هذه القعقعة من السماء يا أخي جبرئيل ؟! فقال: يا محمد ! إن الله (عزّ وجلّ) اطّلع على الأرض اطّلاعةً فاختار منها من الرجال علياً ، ومن النساء فاطمة ، فزوّج فاطمة من علي . فرفعت فاطمة (عليها السلام) رأسها وتبسّمت... وقالت: رضيت بما رضي الله ورسوله» [3] .
قال أنس : أقبل علي (ع) فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال: «يا علي (ع)، إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة (ع)، فقد زوجكها على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت» . فقال علي (ع): قد رضيت يا رسول الله (ص)... فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «بارك الله عليكما وفيكما وأسعدكما وأخرج منكما الكثير الطيّب» . قال أنس: فوالله لقد خرج منهما الكثير الطيّب [4] .
الصحابة يخطبون فاطمة (عليها السلام)
روايات من العامّة
روى ابن الأثير في بسنده عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال : خطب أبو بكر وعمر - يعني فاطمة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - فأبى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم عليهما) ، فقال عمر : أنت لها يا علي ، فقلت : ما لي من شيء إلا درعي أرهنها . فزوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة (ع)، فلما بلغ ذلك فاطمة (ع) بكت ، قال : فدخل عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : ما لك تبكين يا فاطمة (ع)، فوالله ، فقد أنكحتك أكثرهم علما ، وأفضلهم حلما ، وأولهم إسلاماً» [5] .
عن بريدة قال: خطب أبو بكر فاطمة (ع) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنها صغيرة، وإني أنتظر بها القضاء» . فلقيه عمر فأخبره فقال: ردّك ، ثم خطبها عمر فردّه [6] .
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : خطب أبو بكر وعمر فاطمة (ع)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (إنها صغيرة) ، فخطبها علي (ع) فزوجها منه. أخرجه أحمد بن حنبل [7] ، والنسائي [8] ، والحاكم [9] ، وابن سعد [10] .
الزواج في السماء
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «هذا جبريل يخبرني أنّ الله زوَّجك فاطمة ، وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك، وأوحى إلى شجرة طوبى: أن انثري عليهم الدر والياقوت، فنثرت عليهم الدر والياقوت، فابتدرت إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدر والياقوت، فهم يتهادونه بينهم إلى يوم القيامة».—القندوزي الحنفي، ينابيع المودة ج 2 ص 124
قال ابن أبي الحديد : وإن إنكاحه عليّاً إيّاها ما كان إلاّ بعد أن أنكحه الله تعالى إيّاها في السماء بشهادة الملائكة [11] .
وعن ابن مسعود، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي» [12] .
وروي عن عمر بن الخطاب قال: نزل جبرئيل فقال: «يا محمد ! إن الله يأمرك أن تزوج فاطمة ابنتك من علي» [13] .
لولا علي لم يكن لفاطمة كفؤ
في الرواية : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى فاطمة (ع) ... فقال فيما قاله: «فوالله لو كان في أهلي (أهل بيتي) خير منه مازوجتك إياه (به) وما أنا زوجتك ولكن الله زوجك» .
وفي رواية أخرى : «لو أنّ عليّاً لم يكن (لم يخلق) (وروي: لم يتزوجها) لم يكن لفاطمة كفوء» [14] .
الخطبة شهدها المسلمون
روي عن أم سلمة و سلمان الفارسي و جابر : لما أراد رسول الله أن يزوج فاطمة علياً (عليهما السلام) قال له: (اخرج يا أبا الحسن إلى المسجد فإني خارج في أثرك، ومزوجك بحضرة الناس، وذاكر من فضلك ما تقر به عينك...) .
قال علي عليه السلام : (فوالله ما توسطناه حتى لحق بنا رسول الله ، وإن وجهه ليتهلل فرحاً وسروراً) . فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (أين بلال ؟) .
فأجابه مسرعاً: لبيك وسعديك يا رسول الله .
ثم قال: (أين المقدد ؟) .
فأجاب: لبيك يا رسول الله .
ثم قال: (أين سلمان ؟) .
فأجاب: لبيك يا رسول الله .
ثم قال: (أين أبو ذر ؟) .
فأجاب: لبيك يا رسول الله .
فلما مثلوا بين يديه قال: (انطلقوا بأجمعكم ، فقوموا في جنبات المدينة، واجمعوا المهاجرين و الأنصار والمسلمين) .
فانطلقوا لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ... ، وأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجلس على أعلى درجة من منبره، فلما حشد المسجد بأهله قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فحمد الله وأثنى عليه... ـ وذكر الخطبة، إلى أن قال ـ : (وإن الله (عز وجل) أمرني أنْ أزوج كريمتي فاطمة بأخي وابن عمي وأولى الناس بي علي بن أبي طالب، والله (عزّ شأنه) قد زوجه بها في السماء، بشهادة الملائكة، وأمرني أن أزوجه في الأرض، وأشهدكم على ذلك) .
ثم جلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قال: (قم ـ يا علي ـ فاخطب لنفسك....) .
وابتدأ علي (عليه السلام) فقال: (...فإن النكاح مما أمر الله تعالى به، وأذن فيه، ومجلسنا هذا مما قضاه ورضيه، وهذا محمد بن عبد الله... رسول الله ، زوّجني ابنته فاطمة ، على صداق أربعمائة درهم ودينار، وقد رضيت بذلك، فاسألوه واشهدوا) .
فقال المسلمون: زوجته يا رسول الله ؟
قال: (نعم).
قال المسلمون: بارك الله لهما وعليهما، وجمع شملهما [15] .
التجهيز لزفاف فاطمة (عليها السلام)
روي عن أنس بن مالك أن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أن أحضر مهر فاطمة (عليها السلام) قيمة درعه الذي باعه بأربع مائة وثمانين، أتى بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوضعتها في حجره، فقبض منها قبضة، فقال: (يا بلال، ابغنا بها طيباً، وأمرهم أن يجهزوها) [16] [17] .
تاريخ الزواج
كان زواج النورين أمير المؤمنين (عليه السلام) من فاطمة الزهراء (عليها السلام) ـ في المشهور ـ سنة 2 هـ ليلة الخميس ، وقيل: الإثنين [18] .
جهاز زواج الزهراء (عليها السلام)
كان جهازها (عليه السلام) أربعمائة وثمانين درهماً سود هَجريّة .
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء بالدراهم وسكبها في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقبض منها قبضة ، وكانت ثلاثة وستين أو ستة وستين . وكانت ثمن درع الإمام (عليه السلام) فأعطى أم أيمن لمتاع البيت ، و أسماء بنت عُميس للطيب ، و أم سلمة للطعام ، وأنفذ معهن عمّار و أبا بكر و بلال ليبتاعوا ما يصلح للبيت من باقي الأثاث ، ومن ذلك:
قميصٌ بسبعة دراهم
وخمارٌ بأربعة دراهم
و(عباءةٌ) قطيفةٌ سوداءُ خيبريةٌ
وسريرٌ مزملٌ بشريط
وفراشٌ من خيش مصر محشوٌ بالصوف
ووسادةٌ محشوةٌ بليف النخل
وأربعةٌ مرافق من أدم الطائف محشوةٌ بـ (أذخر)
وسترٌ من صوف رقيق
وحصيرٌ هجريٌ
ورحا اليد
وسقاءٌ من أدم
ومخضبٌ من نحاس
وقعبٌ للّبن
وشنٌ للماء
ومِطْهَرةٌ مزفّتةٌ (مطليّة بالزّفت)
وجرّةٌ خضراء
خزف
ونطعٌ من أدم
وعباءٌ قطراني
وقِربةُ ماء .
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (اللهم بارك لقوم جلُّ آنيتهم الخزف) [19] .
وعن يزيد المديني قال: لما أهديت فاطمة (ع) إلى علي (ع) لم تجد عنده إلاّ رملاً مبسوطاً ، ووسادة (حشوها ليف) ، وجرة ، وكوزاً [20] .
وليمة الزفاف
عن ابن عباس في قصة زواج امير المؤمنين (عليه السلام) قال: دعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلالاً ، فقال : (يا بلال، إني زوجت ابنتي ابن عمي، وأنا أحب أن يكون من سنة أمتي إطعام الطعام عند النكاح، فأت الغنم، فخذ شاة، وأربعة أمداد أو خمسة، فاجعل لي قصعة لعلي أجمع عليها المهاجرين والأنصار، فإذا فرغت منها فآذني بها) .
فانطلق ففعل ما أمره، ثم أتاه بقصعة، فوضعها بين يديه، فطعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في رأسها، ثم قال: (أدخل على الناس زفة زفة، ولا تغادرن زفة إلى غيرها) ـ يعني إذا فرغت زفة لم تعد ثانيةـ .
فجعل الناس يردون كلما فرغت زفة وردت أخر، حتى فرغ الناس، ثم عمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ما فضُل منها فتفل فيه، وبارك، وقال: (يا بلال، احملها إلى أمهاتك، وقل لهن: كلن، وأطعمن مَن غَشيكن).
ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قام حتى دخل على النساء، فقال: (إني قد زوجت ابنتي ابن عمي، وقد علمتن منزلتها مني، وإني دافعها إليه الآن إن شاء الله، فدونكن ابنتكن).
فقام النساء فغلّفنها من طيبهن، وحليهن، ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل، فلما رآه النساء ذهبن، وبينهن وبين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سترة، وتخلفت أسماء بنت عميس ، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (على رسلك، من أنت؟).
قالت: أنا الذي حرس ابنتك، فإن الفتاة ليلة يُبنى لها، لابد لها من امرأة تكون قريبا منها، إن عرضت لها حاجة، وإن أرادت شيئاً أفضت بذلك إليها.
قال: (فإني أسأل إلهي أن يحرسك من بين يديك، ومن خلفك، وعن يمينك، وعن شمالك، من الشيطان الرجيم) [21] .
بلال يكبّر في الزفاف
روى محمد بن سعيد، باسناده، قال: لما زُفّت فاطمة (ع) إلى علي (عليه السلام) كبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وكان بلال بين يديه، فكبر .
فقال رسول الله : (لم كبرت يا بلال؟!) .
فقال: يا رسول الله، كبرتَ فكبرتُ .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ما كبرتُ أنا حتى كبر جبرائيل عليه السلام [22] ).
(الرجز والتكبير) أهازيج الزفاف
قال ابن شهر آشوب [23] :
أمر النبي محمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بنات عبد المطلب ونساء المهاجرين و الأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة (ع) وأن يفرحن يرجزن ويكبّرن ويحمدن ولا يقولن ما لا يرضي الله .
قال جابر : فأركبها على ناقته ، وفي رواية: على بغلته الشهباء ، وأخذ سلمان زمامها وحولها سبعون حوراء ، و النبي محمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و حمزة و عقيل بن أبي طالب و جعفر و أهل البيت يمشون خلفها مشهرين سيوفهم ونساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قدّامها يرجزن.
فأنشأت أم سلمة:
سرن بعون الله جاراتي واشكرنه في كل حالات
وإذ كرن ما أنعم رب العلى من كشف مكروه وآفات
هدانا بعد كفر وقد أنعشنا رب السماوات
وسرن مع خير نساء الورى تفدى بعمات وخالات
يا بنت من فضله ذو العلى بالوحي منه والرسالات
قصة الزواج
كان الإمام علي (عليه السلام) في السنة الأولى من الهجرة النبوية ابن أربع وعشرين سنة؛ وكان لابد له من الزواج وبدء الحياة المشتركة.
وكانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) قد بلغت يومئذ التاسعة من عمرها » [1] بناءً على أن ولادتها كانت في السنة الخامسة بعد البعثة [2] ، وهي بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولها منزلتها الرفيعة الزاخرة بالفضائل الإنسانية، والخصائص الملكوتية السامية. وقد أثنى عليها أبو ها مراراً، وسماها بضعته.
ًفتزويجه فاطمة (عليها السلام) بعد ثلاث عشرة سنة مليئة بالعناء والمشقة والمصائب المريرة التي عاناها أبوها (صلى الله عليه وآله وسلم) من أجل تبليغ الرسالة، وأرسى دعائم الحكومة الإسلامية هناك.
فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «فبينا صلّيت يوم الجمعة صلاة الفجر ، إذ سمعت حفيف الملائكة ، وإذا بحبيبي جبرئيل ومعه سبعون صفّاً من الملائكة مُتوّجين مُقرّطين مُدَملجين ، فقلت: ما هذه القعقعة من السماء يا أخي جبرئيل ؟! فقال: يا محمد ! إن الله (عزّ وجلّ) اطّلع على الأرض اطّلاعةً فاختار منها من الرجال علياً ، ومن النساء فاطمة ، فزوّج فاطمة من علي . فرفعت فاطمة (عليها السلام) رأسها وتبسّمت... وقالت: رضيت بما رضي الله ورسوله» [3] .
قال أنس : أقبل علي (ع) فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال: «يا علي (ع)، إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة (ع)، فقد زوجكها على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت» . فقال علي (ع): قد رضيت يا رسول الله (ص)... فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «بارك الله عليكما وفيكما وأسعدكما وأخرج منكما الكثير الطيّب» . قال أنس: فوالله لقد خرج منهما الكثير الطيّب [4] .
الصحابة يخطبون فاطمة (عليها السلام)
روايات من العامّة
روى ابن الأثير في بسنده عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال : خطب أبو بكر وعمر - يعني فاطمة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - فأبى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم عليهما) ، فقال عمر : أنت لها يا علي ، فقلت : ما لي من شيء إلا درعي أرهنها . فزوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة (ع)، فلما بلغ ذلك فاطمة (ع) بكت ، قال : فدخل عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : ما لك تبكين يا فاطمة (ع)، فوالله ، فقد أنكحتك أكثرهم علما ، وأفضلهم حلما ، وأولهم إسلاماً» [5] .
عن بريدة قال: خطب أبو بكر فاطمة (ع) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنها صغيرة، وإني أنتظر بها القضاء» . فلقيه عمر فأخبره فقال: ردّك ، ثم خطبها عمر فردّه [6] .
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : خطب أبو بكر وعمر فاطمة (ع)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (إنها صغيرة) ، فخطبها علي (ع) فزوجها منه. أخرجه أحمد بن حنبل [7] ، والنسائي [8] ، والحاكم [9] ، وابن سعد [10] .
الزواج في السماء
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «هذا جبريل يخبرني أنّ الله زوَّجك فاطمة ، وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك، وأوحى إلى شجرة طوبى: أن انثري عليهم الدر والياقوت، فنثرت عليهم الدر والياقوت، فابتدرت إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدر والياقوت، فهم يتهادونه بينهم إلى يوم القيامة».—القندوزي الحنفي، ينابيع المودة ج 2 ص 124
قال ابن أبي الحديد : وإن إنكاحه عليّاً إيّاها ما كان إلاّ بعد أن أنكحه الله تعالى إيّاها في السماء بشهادة الملائكة [11] .
وعن ابن مسعود، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي» [12] .
وروي عن عمر بن الخطاب قال: نزل جبرئيل فقال: «يا محمد ! إن الله يأمرك أن تزوج فاطمة ابنتك من علي» [13] .
لولا علي لم يكن لفاطمة كفؤ
في الرواية : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى فاطمة (ع) ... فقال فيما قاله: «فوالله لو كان في أهلي (أهل بيتي) خير منه مازوجتك إياه (به) وما أنا زوجتك ولكن الله زوجك» .
وفي رواية أخرى : «لو أنّ عليّاً لم يكن (لم يخلق) (وروي: لم يتزوجها) لم يكن لفاطمة كفوء» [14] .
الخطبة شهدها المسلمون
روي عن أم سلمة و سلمان الفارسي و جابر : لما أراد رسول الله أن يزوج فاطمة علياً (عليهما السلام) قال له: (اخرج يا أبا الحسن إلى المسجد فإني خارج في أثرك، ومزوجك بحضرة الناس، وذاكر من فضلك ما تقر به عينك...) .
قال علي عليه السلام : (فوالله ما توسطناه حتى لحق بنا رسول الله ، وإن وجهه ليتهلل فرحاً وسروراً) . فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (أين بلال ؟) .
فأجابه مسرعاً: لبيك وسعديك يا رسول الله .
ثم قال: (أين المقدد ؟) .
فأجاب: لبيك يا رسول الله .
ثم قال: (أين سلمان ؟) .
فأجاب: لبيك يا رسول الله .
ثم قال: (أين أبو ذر ؟) .
فأجاب: لبيك يا رسول الله .
فلما مثلوا بين يديه قال: (انطلقوا بأجمعكم ، فقوموا في جنبات المدينة، واجمعوا المهاجرين و الأنصار والمسلمين) .
فانطلقوا لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ... ، وأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجلس على أعلى درجة من منبره، فلما حشد المسجد بأهله قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فحمد الله وأثنى عليه... ـ وذكر الخطبة، إلى أن قال ـ : (وإن الله (عز وجل) أمرني أنْ أزوج كريمتي فاطمة بأخي وابن عمي وأولى الناس بي علي بن أبي طالب، والله (عزّ شأنه) قد زوجه بها في السماء، بشهادة الملائكة، وأمرني أن أزوجه في الأرض، وأشهدكم على ذلك) .
ثم جلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قال: (قم ـ يا علي ـ فاخطب لنفسك....) .
وابتدأ علي (عليه السلام) فقال: (...فإن النكاح مما أمر الله تعالى به، وأذن فيه، ومجلسنا هذا مما قضاه ورضيه، وهذا محمد بن عبد الله... رسول الله ، زوّجني ابنته فاطمة ، على صداق أربعمائة درهم ودينار، وقد رضيت بذلك، فاسألوه واشهدوا) .
فقال المسلمون: زوجته يا رسول الله ؟
قال: (نعم).
قال المسلمون: بارك الله لهما وعليهما، وجمع شملهما [15] .
التجهيز لزفاف فاطمة (عليها السلام)
روي عن أنس بن مالك أن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أن أحضر مهر فاطمة (عليها السلام) قيمة درعه الذي باعه بأربع مائة وثمانين، أتى بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوضعتها في حجره، فقبض منها قبضة، فقال: (يا بلال، ابغنا بها طيباً، وأمرهم أن يجهزوها) [16] [17] .
تاريخ الزواج
كان زواج النورين أمير المؤمنين (عليه السلام) من فاطمة الزهراء (عليها السلام) ـ في المشهور ـ سنة 2 هـ ليلة الخميس ، وقيل: الإثنين [18] .
جهاز زواج الزهراء (عليها السلام)
كان جهازها (عليه السلام) أربعمائة وثمانين درهماً سود هَجريّة .
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء بالدراهم وسكبها في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقبض منها قبضة ، وكانت ثلاثة وستين أو ستة وستين . وكانت ثمن درع الإمام (عليه السلام) فأعطى أم أيمن لمتاع البيت ، و أسماء بنت عُميس للطيب ، و أم سلمة للطعام ، وأنفذ معهن عمّار و أبا بكر و بلال ليبتاعوا ما يصلح للبيت من باقي الأثاث ، ومن ذلك:
قميصٌ بسبعة دراهم
وخمارٌ بأربعة دراهم
و(عباءةٌ) قطيفةٌ سوداءُ خيبريةٌ
وسريرٌ مزملٌ بشريط
وفراشٌ من خيش مصر محشوٌ بالصوف
ووسادةٌ محشوةٌ بليف النخل
وأربعةٌ مرافق من أدم الطائف محشوةٌ بـ (أذخر)
وسترٌ من صوف رقيق
وحصيرٌ هجريٌ
ورحا اليد
وسقاءٌ من أدم
ومخضبٌ من نحاس
وقعبٌ للّبن
وشنٌ للماء
ومِطْهَرةٌ مزفّتةٌ (مطليّة بالزّفت)
وجرّةٌ خضراء
خزف
ونطعٌ من أدم
وعباءٌ قطراني
وقِربةُ ماء .
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (اللهم بارك لقوم جلُّ آنيتهم الخزف) [19] .
وعن يزيد المديني قال: لما أهديت فاطمة (ع) إلى علي (ع) لم تجد عنده إلاّ رملاً مبسوطاً ، ووسادة (حشوها ليف) ، وجرة ، وكوزاً [20] .
وليمة الزفاف
عن ابن عباس في قصة زواج امير المؤمنين (عليه السلام) قال: دعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلالاً ، فقال : (يا بلال، إني زوجت ابنتي ابن عمي، وأنا أحب أن يكون من سنة أمتي إطعام الطعام عند النكاح، فأت الغنم، فخذ شاة، وأربعة أمداد أو خمسة، فاجعل لي قصعة لعلي أجمع عليها المهاجرين والأنصار، فإذا فرغت منها فآذني بها) .
فانطلق ففعل ما أمره، ثم أتاه بقصعة، فوضعها بين يديه، فطعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في رأسها، ثم قال: (أدخل على الناس زفة زفة، ولا تغادرن زفة إلى غيرها) ـ يعني إذا فرغت زفة لم تعد ثانيةـ .
فجعل الناس يردون كلما فرغت زفة وردت أخر، حتى فرغ الناس، ثم عمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ما فضُل منها فتفل فيه، وبارك، وقال: (يا بلال، احملها إلى أمهاتك، وقل لهن: كلن، وأطعمن مَن غَشيكن).
ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قام حتى دخل على النساء، فقال: (إني قد زوجت ابنتي ابن عمي، وقد علمتن منزلتها مني، وإني دافعها إليه الآن إن شاء الله، فدونكن ابنتكن).
فقام النساء فغلّفنها من طيبهن، وحليهن، ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل، فلما رآه النساء ذهبن، وبينهن وبين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سترة، وتخلفت أسماء بنت عميس ، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (على رسلك، من أنت؟).
قالت: أنا الذي حرس ابنتك، فإن الفتاة ليلة يُبنى لها، لابد لها من امرأة تكون قريبا منها، إن عرضت لها حاجة، وإن أرادت شيئاً أفضت بذلك إليها.
قال: (فإني أسأل إلهي أن يحرسك من بين يديك، ومن خلفك، وعن يمينك، وعن شمالك، من الشيطان الرجيم) [21] .
بلال يكبّر في الزفاف
روى محمد بن سعيد، باسناده، قال: لما زُفّت فاطمة (ع) إلى علي (عليه السلام) كبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وكان بلال بين يديه، فكبر .
فقال رسول الله : (لم كبرت يا بلال؟!) .
فقال: يا رسول الله، كبرتَ فكبرتُ .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ما كبرتُ أنا حتى كبر جبرائيل عليه السلام [22] ).
(الرجز والتكبير) أهازيج الزفاف
قال ابن شهر آشوب [23] :
أمر النبي محمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بنات عبد المطلب ونساء المهاجرين و الأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة (ع) وأن يفرحن يرجزن ويكبّرن ويحمدن ولا يقولن ما لا يرضي الله .
قال جابر : فأركبها على ناقته ، وفي رواية: على بغلته الشهباء ، وأخذ سلمان زمامها وحولها سبعون حوراء ، و النبي محمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و حمزة و عقيل بن أبي طالب و جعفر و أهل البيت يمشون خلفها مشهرين سيوفهم ونساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قدّامها يرجزن.
فأنشأت أم سلمة:
سرن بعون الله جاراتي واشكرنه في كل حالات
وإذ كرن ما أنعم رب العلى من كشف مكروه وآفات
هدانا بعد كفر وقد أنعشنا رب السماوات
وسرن مع خير نساء الورى تفدى بعمات وخالات
يا بنت من فضله ذو العلى بالوحي منه والرسالات