إنّ انتشار الفضائيات وسهولة استعمال أجهزتها جعلت هذهِ الفضائيات تشارك كلّ أسرة حياتها، وصار المشاهد
أسير ما يُبثّ إليه منها، وقد يكون مُدمناً عليها من حيث لا يدري، وإنّ هُناك خليطاً عجيباً من الأفكار تُعرض
على ذهن المُتلقي والمُشاهد المُسلم مما أدخلنا إلى دهليز المتاهات بين الثقافات المُختلفة المُتضاربة فيما بينها،
فأصبحنا نفقد الكثير من ثقافاتنا بسبب دخول هذهِ الثقافات واقتحامها عقول مربّينا لا شبابنا وحسب وتقبّل المُجتمع لها.
وقد نفتح قوساً هنا لنُلقي الضوء على ما يُسمى بالمُسلسل المُدبلج للهجة السورية ـ المُحببة لدى الكثيرين ـ وقد
تكون بنفسها هذهِ نُقطة مُهمة للتساؤل، لماذا لم تبقَ المُسلسل باللغة الأصلية؟؛ لأن اللغة عنصر مهم لشد المُشاهد
نحو الأحداث والتأثير فيه خصوصاً اختيار أسماء عربية لها وقع في نفس المُتلقي، ومن ثمّ يحدث انسجام وتفاعل
وتأثير خصوصاً إذا كان هناك رابط آخر وهو أن الشعب التركي هو شعب شرقي والشعوب الشرقية بشكل عام
تشترك فيما بينها ببعض العادات، ونحنُ نعلم أن الأتراك كانوا يوماً ما مُستعمرين لبلدان عربية على مدى قرون
إلا أن تركيا اليوم ذات مد علمائي، وطغيان الثقافة الأوربية واضح عليها خصوصاً إعلامها، إذن المراد نشر
أفكار من هذا النوع في المُجتمع الإسلامي ليُصبح عائماً بلا هوية وبلا جذور؟
إن التغيّر المتوقع لبنية المجتمع المسلم في نشر هذهِ الثقافة هو تغيّر على المدى البعيد، وقد يكون هذا جواباً لمَن
يدّعي أنهُ لا يتأثر بالمُشاهدة نحنُ نقول له الآن: هل كنتَ تتوقع أن تلبس بناتنا الثياب القصيرة والضيقة أمام
المحارم وفي الحفلات وبشكل مُخزٍ؟
ولن تُفاجأ غداً وسيكون عادياً حينما تعمل بناتنا صداقات بدعوى الحب حتى لو وصل الأمر إلى الكوارث أو
تكون للزوجات صداقات مع رجال أجانب بدعوى أنهُ صديق، وأنّ الابن غير الشرعي يجب الاعتراف به، ومن
الممكن انتسابه إلى شخص آخر، وأنّ المرأة يجب أن تكون جميلة فيلاحقها أكثر من رجل إلى غير ذلك من آفات
هذهِ المُسلسلات التي لم نلتفت نحن لحد الآن إلى ما هو المطلوب منّا بل نجلس لتشاهدها عوائلنا ونكتسب كلّ ما
يُلقى إلينا غير مُبالين لما تألفه عقولنا وما نفقده من ديننا وغيرتنا وعادات مُجتمعنا الأصيلة.
رجاء علي مهدي
التوجيه الديني النسوي في العتبة العباسية المقدسة
تم نشره في المجلة العدد74
تعليق