حينما كنتُ صغيرة قرأتُ قصة بعنوان (البحث عن السعادة) وبعد الانتهاء من قراءتها عرفتُ بأن السعادة هي
في سعادة الآخرين، لم أقتنع بما قرأت فأغلب العوائل كانت تعيش الحرمان والفقر وعدم امتلاك أبسط وسائل
العيش والرفاهية، ففي المدرسة لم أشعر بالسعادة فهناك مَن تتباهى بالملابس الجديدة، وهناك مَن تتباهى بسيارة
أبيها التي توصلها إلى المدرسة أو بالمصروف الفاخر أو الطعام الذي تعدّه أمها لها، عندها قررت أن أكون
متميزة وأن أشعر بالسعادة التي تروق لي، اجتهدت واجتهدت حتى أصبحت الدروس والكتاب همي الأول، نسيتُ
أمر الملابس الجديدة أو المصروف وبمرور الوقت أصبح الكتاب أنسي الأول حتى في العطل لا أحبّ أن أغادر
جو الدراسة، أهتم بقراءة كلّ ما تقع عيناي عليه حتى وإن كان كتاباً ممزقاً أو جريدةً قديمةً، حينها بدأت أشعر
بسعادة غامرة خاصة بعد كلّ نتيجة أو درجة امتحان تقرأها علينا المعلمة أمام الصف، وسعادة أكبر حينما أرى
فرح وابتهاج والدي عند حضوره إلى المدرسة للاستفسار عني، كنتُ أشعر بفخر وسعادة تدوم معي حتى
التصقت معي وأنستني كلّ مرارة الألم والحزن وبقيتْ معي حتى الكبر، بعدها بدأت أبحث عن السعادة مرة
أخرى إذ امتلكت المال ولم أشعر بها، امتلكت الدار والسيارة ولكن من دون جدوى، عندها تذكرت مغزى القصة
القديمة فسعادتي اليوم حينما أساعد مريضاً، وحينما أعطي فقيراً، وحينما أساعد مَن يحتاجني، لقد وجدتها أخيراً
وجدت سعادتي، إنها رضا ربّي، ورضا زوجي وأطفالي، ورضا الآخرين عني، أجد سعادتي عند الإنفاق
وإعطاء المال وليس في كسبه، سعادتي في راحة الآخرين وإن كان ذلك يتعبني ويؤلمني، ابحثي عن السعادة
إنها قريبة وبين يديك.
د. هناء حطاب جميل/ المفرزة الطبية في العتبة العباسية المقدسة
تم النشر في المجلة العدد74