المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ماذا يعني أن يشترط الامام علي (عليه السلام) على عبد الله بن جعفر عندما تقدم لخطبة زينب (عليها السلام) بالسماح لها بالخروج مع أخيها الامام الحسين (عليه السلام) الى كربلاء؟ سؤال يأخذنا الى عمق القضية التي لا نريد ان نضعها في محور الاستباقية رغم كونها استباقية، ولا نريد أن نقول عنها نبوءة وهي نبوءة بالفعل، بل نقول: هو شرط في عقد الزواج اين تكمن الفكرة؟ هذا الشرط يدل على ان الواقعة ليست ابنة يومها، وان زينب لم تذهب الى كربلاء كما يرى بعض المؤرخين او المحللين العابرين على الاحداث دون روية، وهم يعترفون بدورها العظيم في واقعة الطف ويذكرون الاحداث التي صاحبت الثورة، ولا نريد ان نقول أعقبت الثورة فوجود زينب (عليها السلام) كان امتدادا لها، لكنهم يحرفون اقلامهم من أسباب وجودها المبارك في كربلاء.
بعضهم يوعزه على انه وسيلة من وسائل الضغط التي استخدمها الحسين (عليه السلام)، وآخرون اختصروا دورها على الاعلام عن نتائج الثورة، وهناك من تجرأ مدفوعاً بعاطفته، ليختلق الكثير من صور ومواقف انكسارية تحمل الضعف والذل وحاشاها منه، بهدف استدرار الدموع، وتهييج المشاعر والاحاسيس.
لو وقفنا إزاء هذا التأمل وسألنا: لماذا اشترط الامام علي (عليه السلام) هذا الشرط؟ هل كان متيقناً من وقوع احداث الطف ام يا ترى هي قائمة فعلا في عالم الغيب، وما حدث هو نسخة مكررة ومرتبطة ارتباطا كليا في اخبار النبي (ص) في مقتل الحسين عن واقعة كربلاء، واخبار النبي (ص) في يوم ولادة زينب (عليها السلام) بما سيجري في كربلاء.
هناك من يرجع الامر الى ان اصطحاب النساء في المعارك كان معلوماً في معارك العرب والمسلمين، هذا الاصطحاب كان مشروطا في عقد الزواج قبل حدوثه، ويعني ان زينب (عليها السلام) أُعدّتْ اعدادا مخططا له في وقت سبق الاحداث، بمعنى انها كُلِّفتْ تكليفا ربانيا لقيادة واقعة الطف بعد استشهاد القائد، وهذه أيضا سمة معروفة من سمات القيادة، كان هناك تخصيص للقيادات العسكرية ينص على اسم القائد والبديل عند الشهادة وبديل البديل، وهذه معروفة في جميع السياقات القيادية مثلما تحمل الحسين (عليه السلام) مسؤولية امة في الواقعة المباركة تحملت هي مسؤوليتها فمن غير المنطقي ان يختزل احدهم دور الحسين (عليه السلام) في بموقف محدد ونفس الشيء يقال عن السيدة زينب (عليها السلام) لا يصح ان يحدد وجودها بموقف معين او حادثة معينة عفوية او مفردة بسيطة؛ كونها جمعت أدواراً ومواقف كثيرة، فوجود زينب (عليها السلام) في واقعة الطف اعطى زخما معنويا كبيرا للإمام الحسين (عليه السلام) يوم الطف العظيم.
وقراءة الاحداث تعطينا الكثير من مفاتيح القيادة، الحسين (عليه السلام) كان طيلة وقوفه في المواجهة يرجع الى خيمة زينب (عليها السلام)، وكلما يستشهد احد أولاده يرجع الى خيمتها لتعينه على الم المصاب، وكانت تشحذ همم الأنصار وتشير على الحسين (عليه السلام) بالتأكد من يقينية الأنصار، والامام السجاد (عليه السلام) مع الذي كان به من وجع يصر على القتال والشهادة ولم تسمح له بذلك وحتى بإلقاء أي خطاب الا في الشام عند زوال الخطر حافظت على العائلة والأطفال، وكانت صمام امان لنساء الطف واكمال مهمة قيادة الرفض الحسيني الابي ودورها البارز في كشف ثغرات الاعلام الاموي، وكانت قائدة تحرر المرأة وإبراز قيم الثورة، واثبات دور المرأة النضالي، فكانت النتائج بطولة وخلودا.