اصطفت الاعمدة بكل ثبات ورزانة ومن ورائها الاشجار كسرب من حرس استقبال ملكي يقدم فرض التحية والاحترام لكل من اقتفى اثر جابر الانصاري في مواساة اهل البيت عليهم السلام.
انحنى غصن يلثم بأوراقه راية كتب عليها يا حسين استقرت في حنايا قبضة طفولية تساير اباها بخطى متسارعة، اربع خطوات صغيرة بواحدة كبيرة.
ناولهم شاب يافع علب العصير المثلج ليهون على السائرين اجواء الصيف اللاهب
امسكت الطفلة بعلبة العصير لكنها لم ترضى ابدا مبادلتها برايتها الصغيرة
" انها امانة امي ارسلتها معي! " قالتها بعزيمة واصرار
ام منعها المرض فأرسلت طفلتها تحمل الراية!
ابتسم لها الساقي بكل مودة داعيا لامها بالشفاء
واستأذنها ليعقد خيطا في رايتها الصغيرة لعل حاجته تقضى بدعاء الطفولة البريئة.
اقترب منه رجل جاوز عقده الخمسين استحوذ عليه الحر والعرق وتناول منه علبتا عصير وودعه بكلمات شكر متلعثمة غلبت عليها لكنة اجنبية.
عند حافة الرصيف غفت سيدة على كرسيها المتحرك بقوة شاب وضع منشفة رطبة على رأسه.
فأنتبهت من نومها بعينين اثقلهما الكرى: "بني قاسم اريد ماء "
تحت ظل شجرة وقفت مراسلة صحفية تحاور الزائرين وتستقصي احوالهم وسبب مجيئهم.
-من اين انتم؟
- من زاخو... لدينا موكب عند مدخل مدينة كربلاء
والتمع صليب من ثنايا وشاحه الاسود
-لم اتشارك المسلمين في احتفالاتهم؟
- انا لا اشاركهم! فالحسين لكل انسان مظلوم سلب حقه ويهمه امر الناس.
الحسين علمنا احترام الانسان لانه انسان!
صور شتى مفعمة بالحياة.... دوي الاقدام واهازيج المعزين وندائات الساعين لخدمة الزائرين كلها امتزجت مع تسبيح الهواء و الشجر والطير...
الملائكة شعث غبر يسيرون كتفا بكتف مع السائرين نحو قطب الحياة وعليه دارت رحى القلوب التائقة للأمان والسلام.